وظهر في الشريط دخان أصفر ينبعث من منطقة قريبة من طريق الكاستيلو الاستراتيجي الذي تسيطر عليه فصائل المعارضة، وتحاول الـ”وحدات” قطعه منذ بداية العام 2016. ومنطقة سقوط القذيفة بعيدة نسبياً عن حي الشيخ مقصود، ولم يُظهر الفيديو أي حالات اختناق رغم قرب المصور من منطقة تصاعد الدخان.
قائد “غرفة عمليات فتح حلب” الرائد ياسر عبدالرحيم، وصف لـ”المدن”، تلك الادعاءات بأنها “كاذبة ومضللة”، وقال: “طبعاً لا يخفى على ذي لبٍّ أن هذا الولد من ذاك الأب، وPYD هي طفل النظام المدلل، وتربية النظام الذي استخدم الكيماوي في غوطة دمشق واتهم الثوار بأنهم من استخدموها. هذه الألاعيب التي تقوم بها الـ PYD هي من النظام، الذي يستخدم أساليب حقيرة في قصف الشعب بصواريخ السكود والطائرات، كما قصفنا بعشرات الأنواع من المواد السامة والكلور وغيرها لإبادة الثوار”.
وأضاف عبد الرحيم: “والآن يلعب هذا الحزب اللعبة نفسها بطلب من النظام لاتهام الثوار، ومن الفيديو نسمع صوت كاميرات ونرى كيف أنهم مستعدون لتوثيق هذا العمل، كما يمكن لأي قنبلة دخانية أن تفعل هذا الشيء. ولم نرَ أي دليل على أن الثوار هم من قصفهم والفيديو في منطقة خالية لا يثبت شيء”.
وعن الأسباب التي تدفع القوات الكردية للقيام بمثل هذا الأفعال قال عبد الرحيم: “الفبركة هذه هي مقدمة لشيء أكبر وأسوأ، الـ PYD يخطط لشيء ما، وهو مستمر بخرق الهدن والاتفاقات وقنص المدنيين كما يخطط للسيطرة على طريق الكاستيلو، المتنفس الوحيد لمدينة حلب وخط إمداد الثوار. ويحاول التوجه إلى منطقة الهلك وقطع الطريق بشكل كامل، وهي خطط لمؤازرة النظام بكل ما تعنية الكلمة. فرح الـPYD بدخول الروس في المعركة وتلقيهم الدعم منهم، جعلهم يظنون بأن الكفة تميل لصالح الأقوى، متناسين أننا على الحق، وإن شاء الله سنعمل على منعهم من تحقيق مآربهم بكل ما أوتينا من قوة”.
وأشار عبدالرحيم إلى أن حزب “الاتحاد الديموقراطي” يقوم بهذه الأعمال وفق تعليمات من النظام. وأن الطيران الروسي خرق الهدنة في أكثر من منطقة، ومنها الكاستيلو، بطلب من الحزب وقياداته.
وتساءل عبدالرحيم عن السلاح والذخيرة التي لدى الحزب في حي الشيخ مقصود المحاصر، قائلاً: “من أين له كل هذا؟ ومن يدعمه بذلك؟ لا يخفى على أحد أن النظام هو خلف كل شيء يحصل في المنطقة مؤخراً، والحزب رفع علم النظام في الحسكة وهذا ما يخطط لفعله في الشيخ مقصود وعفرين في ريف حلب”.
“وحدات الحماية” كانت قد أصدرت بياناً، وجهته للفريق الخاص بـ”وقف الأعمال العدائية” في سوريا، وجاء فيه: “نحيطكم علماً أنه في يوم 8 آذار 2016 الساعة 15:00 حدث قصف بقذائف تحمل مواد كيماوية يعتقد أنها مادة الفيسفور ذات اللون الأصفر على حي الشيخ مقصود، من قبل فصائل المعارضة السورية”.
واتهم البيان كلاً من “حركة أحرار الشام الإسلامية”، و”الجبهة الشامية”، و”لواء السلطان مراد”، و”كتائب السلطان محمد الفاتح”، و”تجمع فاستقم كما أمرت”، و”اللواء 13″، و”الفوج الأول”، و”الكتيبة 116″، و”كتائب نور الدين زنكي”، بالوقوف وراء القصف. وأكد البيان أن القصف مستمر على الحي، من دون أن يُحدد نوعه.
الخبير الكيمياوي أنس الخالد، قال لـ”المدن”، إن مادة الفوسفور الأبيض، التي تتهم القوات الكردية فصائل المعارضة بقصف حي الشيخ مقصود بها، هي عبارة عن “مادة شمعية شفافة وبيضاء ومائلة للاصفرار، ولها رائحة تشبه رائحة الثوم، وتتفاعل مع الأوكسجين بسرعة كبيرة منتجةً ناراً ودخاناً أبيض كثيفاً. وذلك الدخان يتفاعل مع الرطوبة مكوناً حمض الفوسفوريك، وعند تعرض جسم الإنسان للفوسفور الأبيض يحترق الجلد واللحم فلا يتبقى إلا العظم. ومن المستحيل أن تنتج مادة صفراء من الفوسفور. ونحن لم نشاهد أي أعراض من هذا النوع بكل الشرائط التي بثتها وحدات الحماية، عن قصف مزعوم للمعارضة على الشيخ مقصود”.
ورجح الخالد أن يكون الدخان الأصفر المنبعث، الظاهر في الشريط المصور، ناجم عن سقوط قذيفة هاون، على أرض ترابية، أو قنبلةً دخانيةً عاديةً وتابع بالقول: “إن كانوا فعلاً يقصدون أن القصف تم بقنابل فوسفورية، فيجب تذكر القصف الإسرائيلي على غزة بهذه القنابل، وتذكر الشرائط المصورة عن أعراض القصف من هذا النوع وما ينتج عنها”.
وكان رئيس “مجلس حي الشيخ مقصود” عماد داوود، قد رفض التعليق لـ”المدن” عن الحادثة، مؤكداً إنه ينتظر تصريحات “القيادة العامة” عن الموضوع. ومجلس حي الشيخ مقصود الذي تقطنه غالبية كردية تُشرف عليه “وحدات الحماية”.
وكانت الـ”وحدات” قد اقتحمت في 2 أذار/مارس، تلة مشرفة على كامل طريق الكاستيلو، بعدما تسلل عدد من عناصرها إلى التلة وسيطرت عليها لساعات. وقطع على إثر الهجوم طريق الكاستيلو بشكل كامل. لكن الثوار عادوا ونفذوا هجوماً مضاداً، تمكنوا من خلاله استعادة السيطرة على التلة ومحيطها، وإعادة فتح الطريق. ورغم ذلك، فما زال جزء من الطريق الحيوي مرصوداً من قبل الـ”وحدات”، التي قام قناصوها بقتل وجرح عشرات المارة المدنيين على الكاستيلو.