زيتون – محمد فواز
بهدوء ودون استخدام الطائرات والأسلحة والعتاد والجنود،يستخدم النظام في سوريا طريقة يغير بها حياة الشباب السوري بالكامل، ويدفعهم للخروج من بلادهم، ومن دون أن يستدعي قراراُ دولياُ أو حتى استنكاراُ، الطريقة هي الطلب للخدمة الاحتياطية في صفوف الجيش النظامي، الأمر الذي بات يشكل هاجساُ لدى الشباب بين عمر ال25 وال40 في المناطق التي تخضع لسيطرة النظام مثل مدن (دمشق – اللاذقية- حماة- حمص)، ويقلب مسار حياتهم رأساً على عقب، فهم أمام خيار العيش متخفيين داخل مدنهم، دون المرور على حواجز النظام أو حتى العمل وأن يبقوا حبيسي منازلهم، أو أمام خيار الهرب خارج البلد ليتركوا خلفهم كل شيء ويبدؤوا رحلة إلى المجهول، أو الانضمام لصفوف النظام والقتال معه ليكونوا وقوداُ لمعركة ليست معركتهم، بل هي ضد أهلهم وشعبهم.
قصص معاناة
ولا يصدر النظام قوائم رسمية بأعداد المطلوبين للاحتياط، مما يزيد الأمر صعوبة على أولئك الذين يضطرون يومياُ للمرور على حواجز النظام، وفي أي لحظة قد يمكن أن يتم تعميم أسمائهم على الحواجز، أو قد يتم مداهمة بيوتهم من أجل سوقهم للاحتياط، حياة مليئة بالتوتر والقلق تلك التي يعيشها الشباب وأهاليهم في مناطق سيطرة النظام، يقول محمد البالغ من العمر 28 عاماُ والمقيم في اللاذقية لـ «زيتون»: «تم سحب عدة أشخاص من نفس عمري وكثير منهم من نفس اختصاصي الذي كان في الجيش، ومن وقتها لا أستطيع الذهاب لعملي وتركت بيتي لأعيش في منطقة أخرى، وحينما اضطر للذهاب خارج المنزل أتحاشى المرور من على الحواجز، وأذهب مشياُ على الأقدام، ورؤية جنود النظام تبعث الرعب في قلبي، أربعة أشهر وأنا على هذه الحال، ولا أعلم متى ستنتهي لكني لا أريد الذهاب خارج بلدي ، وأيضاُ لا أريد أن أموت فداء لبشار الأسد الذي يقتل السوريين».
أما سالم من مدينة حماة فيروي لـ «زيتون» رحلة معاناته: «درست إدارة الأعمال، وبدأت بالعمل حتى أسست نفسي وصرت أعمل مديراُ إدارياُ في إحدى الشركات، وصار عمري 32 عاماُ، لأعلم أني مطلوب لخدمة الاحتياط، كان زواجي بعد أسبوع وقد جهزت نفسي لذلك، فجأة تغير كل شيء واضطررت لترك كل شيء ورائي، عملي وأهلي وخطيبتي هرباُ من الذهاب للاحتياط، سافرت إلى تركيا وأنا لا أملك سوى مصروف السفر، اضطررت للعمل في إحدى المعامل لمدة اثنا عشر ساعة في اليوم كي أعيش فقط، كان العمل شاقاُ جداُ، ولم أستطع الاستمرار فيه، تركته لأعود إلى المناطق المحررة لأعمل محاسباُ في أحد المخازن، مقابل مبلغ لايكفي سوى طعامي وشرابي، وفي كل يوم أعود مساءً لأفكر في الحال التي وصلت وكيف انقلبت حياتي كلها، من رجل يستعد للزواج والبدء بحياته، إلى عامل يبحث عن لقمة عيش تكفيه يومه».
ويقول أبو أحمد والد أحد الشباب الذين هربوا من البلد بسبب الاحتياط» عمر ابني 36 عاماُ ولديه أربعة أطفال، وكان المعيل الوحيد لنا، والآن هرب لتركيا بسبب طلبه للاحتياط، ليتركنا وحيدين مع زوجته وأطفاله، ونحن الآن نعيش عالة على الناس من أهل الخير، فهو بالكاد يجني ما يستطيع العيش به، ولا يملك المال الكافي لأستقدام زوجته وأطفاله».
تهجيرأو موت
ويرى الناشط براء الحموي من حماة أن طلب الناس لخدمة الاحتياط هو أسلوب لتفريغ سوريا من أهلها، ويضيف في حديثه لزيتون: «النظام يثق أن أغلب السوريين ليسوا في صفه، ولايريدون القتال معه، لذلك هو يطلبهم للاحتياط كأسلوب لتهجير الناس فهو لايستطيع قصف الناس في المدن التي يسيطر عليها، وفي نفس الوقت يريد أن يهجرهم من بلدهم، وما أن تمشي في الأسواق قليلاُ، حتى تعرف قلة الشباب الموجودين في المدينة فالكثير معتقلون، ومن نجا من الاعتقال صارت تلاحقه قضية الطلب لخدمة الجيش أو الاحتياط، أما من يذهب للخدمة في الجيش إما بسبب اعتقاله من الحواجز أو بإرادته فما هو إلا زمن قصير حتى يعود جثة إلى أهله وقد وثقنا العديد ممن قتلوا في صفوف النظام ممن تم سحبهم مؤخراُ للخدمة الاحتياطية»
ويؤكد أبو محمد الحسني القيادي في أجناد الشام أن قوات النظام تعاني نقصاُ كبيراُ في القوى البشرية على الرغم من استعانته بمليشيا حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني والمليشيات العراقية، ولكن هؤلاء لاتوكل لهم مهام الحراسة ولا يوضعون في الصفوف الأولى الدفاعية، لذلك تزج قوات النظام بالشباب السوريين اللذين ينتمون لمدن حماة وحمص ودمشق وحلب في الصفوف الأولى وكثير ممن يتم أسرهم أثناء الاقتحامات أو يتم قتلهم يتبين أنهم من الذين تم سحبهم مؤخراُ لخدمة الاحتياط أو الخدمة النظامية، ويضيف «إننا وجهنا نداءات للأهالي وطلبنا منهم عدم إرسال أبنائهم للقتال مع قوات النظام، لكن كثير منهم يتم سحبهم بشكل إجباري على الحواجز رغماُ عنهم».