حذرت المعارضة السورية يوم الأحد من أن الهجمات التي ينفذها الجيش مدعوما بطائرات حربية روسية تهدد الاتفاق الأمريكي الروسي لوقف العمليات القتالية مع انهيار محادثات السلام في المستقبل وتعريضها للخطر.
وقلص الاتفاق الذي دخل يومه الثاني أعمال العنف إلى حد كبير وإن كان لم يوقفها كلية وهو المحاولة الأولى من نوعها خلال أربعة أعوام.
وقالت المعارضة في رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون إن الانتهاكات ستقوض الجهود الدولية لضمان استمرار الهدنة وستؤدي إلى انهيار العملية السياسية التي تبنتها الأمم المتحدة.
وقالت الهيئة العليا للتفاوض التابعة للمعارضة ومقرها الرياض إن الطائرات الحربية الروسية نفذت يوم الأحد 26 غارة على مناطق لجماعات من المعارضة المسلحة ملتزمة بالهدنة. واتهمت موسكو بإسقاط قنابل عنقودية على مناطق سكنية مما تسبب حسب قولها في سقوط الكثير من الضحايا المدنيين.
ونفى مصدر عسكري سوري يوم السبت انتهاك الجيش للهدنة. ورفضت وزارة الدفاع الروسية التعليق.
ويقضي الاتفاق الذي وافقت عليه حكومة الرئيس بشار الأسد والكثير من خصومه بضرورة وقف القتال كي يتسنى توصيل المساعدات إلى المدنيين وإجراء محادثات لإنهاء الحرب التي حصدت أرواح أكثر من 250 ألف شخص وشردت 11 مليونا آخرين.
وقال رئيس مركز التنسيق الروسي في سوريا سيرجي كورالينكو إن الخطة المتعلقة بوقف العمليات القتالية صامدة “بوجه عام” لكنه أضاف أن الهدنة شهدت تسع انتهاكات في الساعات الأربع والعشرين الماضية.
وقالت المعارضة المسلحة والمرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره بريطانيا والذي يراقب الصراع إن طائرات حربية قصفت ما لا يقل عن ست بلدات وقرى في غرب وشمال حلب وقرية في محافظة حماة بوسط سوريا.
وأضافت المعارضة أن طائرات حربية يعتقد أنها روسية قصفت بلدة دير معلا شمالي مدينة حمص في الموجة الثانية من القصف خلال بضع ساعات. وحاول الجيش في السابق السيطرة على البلدة الاستراتيجية لدخول ريف حمص الشمالي الخاضع لسيطرة المعارضة.
وقال مسلحون بالمعارضة إن الهجمات في أنحاء سوريا كانت أكثر حدة يوم الأحد لكنها تظل أقل سوءا من تلك الهجمات التي وقعت قبل بدء سريان وقف العمليات القتالية.
وقال العقيد فارس البيوش لرويترز إنهم سينتظرون رد الدول على هذه الانتهاكات مشيرا إلى أن الوضع متوازن الآن وأن التحلي بضبط النفس لن يستمر طويلا.
كانت المعارضة المدعومة من السعودية اتهمت في وقت سابق روسيا بتنفيذ الغارات الجوية وقالت إنها ستتقدم بشكوى إلى الأمم المتحدة والدول الداعمة لعملية السلام لكنها أوضحت أنها ستظل ملتزمة بالهدنة.
وقال سالم المسلط المتحدث باسم المعارضة إن المعارضة قررت التحلي بالهدوء وعدم القيام بأي شيء وأعرب عن اعتقاده بأن الطرف الآخر سيلتزم بالهدنة. وتابع أن يوم السبت كان أول يوم يتمكن فيه المواطنون من الخروج والسير في الشوارع.
واتهم وزير الخارجية السعودي عادل الجبير القوات الجوية التابعة لروسيا والحكومة السورية بانتهاك الهدنة وقال إن الرياض تناقش القضية مع القوى الكبرى.
وأضاف خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير خارجية الدنمرك كريستيان جينسين الذي يزور الرياض أنه ستكون هناك خطة بديلة تحسبا لما إذا صار واضحا أن الحكومة السورية وحلفاءها ليسوا جادين بشأن الهدنة. ولكنه لم يعط تفاصيل.
والاتفاق غير ملزم من الناحية القانونية كالوقف الرسمي لإطلاق النار ولم توقع عليه الأطراف السورية المتحاربة بشكل مباشر. وهو لا يشمل التحرك في مواجهة متشددي تنظيم الدولة الإسلامية أو جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة والتي دعت لتصعيد الهجمات يوم الجمعة.
وتقول موسكو ودمشق إنهما ستواصلان محاربتهما. ويقول معارضون آخرون إنهم يخشون أن يستخدم هذا الموقف لتبرير شن هجمات ضدهم أيضا.
وقال المسلط وهو المتحدث باسم الهيئة العليا للتفاوض إن الهيئة تنتظر الحصول على إجابات بشأن كيفية مراقبة وقف الاقتتال في سوريا.. لاسيما وأنه لا توجد خريطة تتضمن تفاهما مشتركا بشأن مواقع الجماعات المقاتلة المختلفة.
وقال إن ذلك يثير قلق الهيئة لأنها لا تعرف كيف تتعامل مع أي انتهاك وما هي المناطق التي لا ينبغي استهدافها.
*ارتباك
وأعلنت روسيا يوم السبت أنها ستعلق كافة الطلعات الجوية فوق سوريا ليوم واحد للتأكد من عدم إصابة أي أهداف تشملها الهدنة عن طريق الخطأ.
غير أن فصائل مسلحة معارضة للنظام أعلنت يوم الأحد أن عددا من الإصابات وقعت جراء قصف الطيران الروسي لعدد من القرى والبلدات في محافظتي حلب وإدلب.
وقال رامي عبد الرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان إن عددا من البلدات التي هوجمت -بينها دارة عزة- تسيطر عليها جبهة النصرة وغيرها من الفصائل الإسلامية. كما تسببت ثلاث غارات على مدينة جسر الشغور باصابات بين المدنيين.
وأشار المرصد إلى أن غارات أخرى ضربت قرى قبطان الجبل وعندان وحريتان وكفر حمرا ومعرة عرتيق التي تقع جميعها في غرب محافظة حلب حيث ينشط مقاتلون من الجيش السوري الحر.
وأضاف عبد الرحمن أنّه من غير الواضح ما إذا كانت هذه البلدات مشمولة بالهدنة.
واتهمت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) “جماعات إرهابية” بإطلاق عشرات قذائف الهاون على مناطق ريفية في شمال اللاذقية مما تسبب بوقوع ضحايا.
وأشارت سانا إلى أن القذائف أطلقت من تلال قريبة من الحدود التركية “حيث ينتشر مسلحون ينتمي أغلبهم لجبهة النصرة.”
ونفى فصيل سوري مسلح معارض للنظام تقارير (سانا). وقال فادي أحمد المتحدث باسم الفرقة الساحلية الأولى المنضوية تحت لواء الجيش السوري الحر والناشطة في ريف اللاذقية إن المسلحين المعارضين ملتزمين بالاتفاقية الأمريكية الروسية لوقف الأعمال العدائية.
وأشار إلى أن طائرات الهليكوبتر أسقطت ستة براميل متفجرة وعشرات الصواريخ على المنطقة يوم الأحد مشيرا إلى أن جبهة النصرة غير موجودة في المناطق التي استهدفتها القوات الحكومية.
وأكّد عبد الرحمن وقوع عدد من الضحايا جراء غارات على محافظة حلب ومناطق أخرى من دون تحديد عدد.
وأظهرت مقاطع تسجيل مصور أرسلها قيادي في أحد الفصائل المسلحة المعارضة لرويترز غارة على بلدة حربنفسه في تمام الساعة السادسة والنصف صباحا بالتوقيت المحلي (0430 بتوقيت جرينتش) وأخرى بعد نصف ساعة وفقا للصوت الذي يتكلم في التسجيل. وأظهرت المشاهد المصورة أعمدة الدخان الناتجة عن القصف.
وذكرت وكالة انترفاكس الروسية أن مركز التنسيق الروسي في سوريا تلقى من الولايات المتحدة قائمة من 69 فصيلا مسلحا أعلنت موافقتها على الالتزام بالهدنة.
وأشار المركز في بيان إلى أن روسيا تلقت بدورها إعلانات بالموافقة على الهدنة من 17 فصيل مسلح من “المعارضة المعتدلة” في سوريا
رويترز