هدنة الأف ميل.. تبدأ السبت: هل فات الأوان؟!

12743806_461447844046301_2212042466521579720_n

يبدو على المحك، ما توصلت إليه العاصمتان اللاعبتان الأبرز في الملف السوري حالياً، موسكو وواشنطن، من اتفاق ما سمي “الهدنة” المزمع دخوله حيز التطبيق يوم السبت 27 شباط/فبراير الجاري، حيث يقضي بوقف إطلاق النار في سوريا، وهو شيء جيد كما يرى كثير من المدنيين والمسلحين.

“لكن مشكلتين كبيرتين في القرار ستجعله كأنه لم يكن”، كما يقول نبيل حريري من درعا لـ”زيتون”، وهو عامل في مجال منظمات المجتمع المدني: “القرار جيد، أي شيء يؤدي إلى وقف سفك الدماء نحن معه، وستشكل ضاغطاً لتطبيقه في الميدان”، ويضيف مستطرداً: “لا يشمل الاتفاق تنظيم داعش وجبهة النصرة، المشكلة ليست بالأول، بل بالثانية، هذا الأمر من شأنه أن ينسف الهدنة، لأن النصرة في قسم كبير منها سوريين”.

ويتابع: “كارثة أخرى في القرار وهو أمر مقلق، إنه نكث العهود الذي اعتاد عليه السوريون من النظام وحلفائه، من يضمن عدم قصف المدن والحواضن السكانية، هل هي روسيا، هي يضمن الشريك بالقتل والقاتل عدم حصول الفعل، إذا نحن نحتاج لضمانات”.

ويرى عبيدة الجاسم من الرقة أن “مدنيو الرقة ودير الزور وشرق حلب وحماة وحمص ومناطق أخرى، سيكونون أول الخاسرين والمنكوبين من اتفاق التهدئة، لأن القرار لن يشمل داعش، وهؤلاء هم أهلنا وهم يقبعون تحت رحمة التنظيم، فماذا يفعلون؟ وهل فكر أحد بمصيرهم؟ إنهم آلاف المدنيون، مئات الأطفال والنساء..!!”.

من جهتها، تعتبر أروى الحمصي، الناشطة في قطاع الطب النفسي من وسط سوريا في حديث لـ “زيتون”، أن القرار لا يعطي أية دفعة إلى الأمام، فهناك فصائل كثيرة كما ترى في الطرفين لن تقبل بسريانه، لأنها “تريد لسوريا الدمار، لا شيء أخر، أنا أقصد من طرفي النظام وبعض الفئات المعارضة، كل طرف له أجنداته، بينما مصير آلاف بل ملايين المدنيين معلق على أنانيات سياسية” بحسب قولها.

وجاء في بيان مشترك لواشنطن وموسكو وصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية، الاثنين، أن أطراف النزاع ستعلن ما إذا كانت ستوافق على وقف الاقتتال في موعد أقصاه منتصف النهار (12:00) حسب التوقيت المحلي لدمشق يوم الجمعة القادم، كما أن وقف القتال سيدخل حيز التنفيذ عند منتصف ليلة الجمعة/السبت شباط.

ووفق شروط الاتفاقية التي أعلنها البيان، فإن نظام الأسد والميليشيات المتحالفة معه سيوقفوا الهجمات على الفصائل الثورية بأي أسلحة تستخدمها، سواء كانت الصواريخ أو قذائف مورتر أو الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات.

وأضاف البيان المشترك أن الأعمال العسكرية التي تشمل غارات الأسد وحليفته روسيا والتحالف ضد تنظيم داعش ستستمر على التنظيم “وجبهة النصرة وغيرهما من المجموعات التي يصنفها مجلس الأمن الدولي بأنها إرهابية”.

وتابع البيان أن روسيا والولايات المتحدة وغيرها ستعمل معا على ترسيم حدود المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش وجبهة النصرة وغيرها من المجموعات التي يعتبرها مجلس الأمن الدولي إرهابية المستبعدة من الهدنة.

محمد سرمد، مقاتل في الجيش الحر شمال حلب، يرى أن الهدنة ستكون محل احترام الفصائل متى التزم بها النظام وحلفائه، مؤكداً على أن “أية أعمال عدائية ستطال المدنيين أو الفصائل الثورية، ستقابلها على الفور أعمال أشد منها على مواقع النظام”، مشدداً على أن الجيش الحر لا يستهدف مدنيين أبداً.

بينما يرى قصي ح. وهو نازح في إحدى المخيمات التركية على الحدود مع سوريا، أن الأهالي مع الهدنة، ويضيف: “نحن بالتأكيد مع الحل، نحن مع الحل السياسي وليس القتل، أي شيء يوقف إطلاق النار جيد بعد ست سنوات كلها موت ودمار، لا يوجد رابح في البلد، كلا الطرفان يخسران، الدم السوري في نزيف مستمر، دول كثيرة تاجرت بنا، كفانا..!!، نريد أن نعود إلى بيوتنا”.

وبين إرهاصات الميدان المرتجف حالياً ونفوس المدنيين التائقة لتنفس هواء سوريا دون رائحة البارود والدمار، تبقى الهدنة المزمعة على محك حقيقي وصفيح ساخن، في الوقت الذي ترجح فيه مصادر ميدانية ومراقبون عدم التزام الروس والأسد بها، وفق ما عرف عن كلا الطرفان في حالات مماثلة سابقة.