زيتون – أسامة العيسى
رغم التباعد في الجغرافيا بين الشمال والجنوب السوري، حيث يتعرض الأول لأقسى حملة من قبل سلاح جو الروس وبشار الأسد، إلا أن الأخير لم يكن بعيداً عن المطامع الروسية هو أيضاً، منذ انطلاق عمليات موسكو في الأراضي السورية في 30 أيلول/سبتمبر 2015م، ما انعكس مؤخراً على عدد من المدن والبلدات الواقعة بريف درعا خصوصاً، نزوحاً وتشرداً، وصل في بعضها لحد إفراغ مناطق كاملة من السكان.
جملة محاذير بات يطلقها التدخل الروسي في المناطق الجنوبية، التي تكتسب حساسية نظراً لقربها من الحدود مع الجولان السوري المحتل من جهة، ومن جهة أخرى مع الأردن، الذي لم يخفي مسؤوليه المخاوف من تكرار السيناريو الشمالي جنوب سوريا، وهو ما يعني للمملكة تعرضها لموجهات أكبر من اللاجئين السوريين في الوقت الذي يتواجد فيه على أراضيها أكثر من مليون سوري على أقل تقدير.
تقول وعد عبد الكريم، الناشطة الميدانية في مكتب التوثيق بمركز دمشق لدراسات حقوق الإنسان لـ”زيتون”، إن الغارات التي يشنها الطيران الروسي على الجنوب السوري أدت لغاية تاريخه لسقوط قرابة 200 شهيداً منذ بدء الحملة، فيما سقط العدد الأخر من الشهداء بقصف جوي لم يتم التحقق من تابعيته.
وتضيف أن “أكثر من 800 غارة جوية شنتها مقاتلات حربية في محاور الجنوب المتضمن، درعا وريف دمشق وريف القنيطرة، خلال أسبوع فقط، حيث أخرجت تلك الغارات كنتيجة لها أكثر من 12 مشفى على مستوى الجنوب عن العمل، وقتلك أكثر من 70 مدنياً، غالبيتهم من فئتي الأطفال والنساء”، محذرة بذات الوقت من “احتمال ارتفاع أعداد النازحين في القرى والبلدات الساخنة خلال الفترة القادمة، إذا ما استمر القصف الروسي بنفس الوتيرة”.
حسن الحوراني، ناشط من درعا عامل في حقل الإغاثة: “المحاذير أصبحت أكبر حالياً مع توافد مئات المدنيين من مدن وبلدات ريف درعا الغربي والشمالي إلى مناطق سهلية، حيث باتوا يتجمعون في العراء، ما يعني تعرضهم للخطر أكثر فأكثر، فيما الأردن حدوده مغلقة أمام النازحين، وبالتالي فما من خيار أخر أمامهم إلا البقاء في الأراضي المكشوفة دون مأوى آمن”، مشيراً بذات الوقت إلى “صعوبة تأمين المواد الإغاثية للأهالي الفارين من القصف الروسي، نظراً لشح ما يصل منها، وخطورة التنقل بين منطقة وأخرى، خشية الاستهداف”.
أكثم خالد من ريف دمشق، ناشط ميداني في مجال التوثيق يقول هو الأخر إن “جبهات الجنوب السوري ككل أصابها نوع من الخمول في الفترة الماضية، تزامن بدوره مع دخول الجنوب – كما محاور أخرى – فيما يشبه حرب الاستنزاف، التي أدت بالنتيجة لبرود جبهات قتال كثيرة، في حين كثف النظام تقدمه غرباً وشمالاً وجنوباً معاً، مع مجموع عمليات في الوسط، بالتزامن مع انعقاد أولى جلسات مؤتمر جنيف 3 المفترض أن يرتب طاولة الحل السياسي المنتظر”.
ويؤكد “خالد” بدوره على أن “عمليات نزوح لأعداد ليست بالقليلة شهدتها محاور عدة من العاصمة وريف العاصمة الغربي والشرقي إلى مناطق في أقصى الجنوب كما في القنيطرة وبعض مناطق درعا، حيث كان الطريق مسدود إلى الأردن، وكل ذلك بفعل القصف الروسي، الذي إذا ما تم على نفس الوتيرة أو بأعلى منها، فإن النتائج ستكون كارثية!!”.