زيتون – محمد علاء
نفذت قوات النظام المدعمة بميليشيات شيعية خلال الأسبوع الماضي، هجمات عدة على مناطق جديدة بريف حلب الشمالي، تحت غطاء جوي روسي مكثف، وسط استمرار تمدد قوات سوريا الديمقراطية التي تشكل القوات الكردية العماد الأساسي لها، وسيطرتها هي الأخرى على مناطق جديدة بريف عفرين واعزاز، فيما حاول تنظيم الدولة الاستفادة من الضغط الكبير على الجيش الحر، وتنفيذ هجمات في محيط قرى «قره كوبري وغزل مزرعة وبراغيدة»، فيما شهدت المنطقة تطوراً بارزاً من خلال قصف الجيش التركي مناطق سيطرت عليها قوات سوريا الديمقراطية، في محاولة لوقف تقدمهم باتجاه مدينة اعزاز.
هجوم هو الأعنف على ريف حلب وكسر حصار نبل والزهراء
سيطرت قوات النظام يوم السبت 13 شباط، على قرية الطامورة قرب بلدة عندان الاستراتيجية، بعد اشتباكات عنيفة مع الجيش الحر، الذي انسحب من القرية بعد سقوط تلتها، ورصد القوات الكردية واستهدافها خطوط امداده، لتكون بذلك قوات النظام قد وصلت على أطراف عندان وهي أقرب مسافة تصل إليها قوات النظام لعندان منذ خروجها من السيطرة بداية عام 2013.
تمكنت قوات النظام وبتمهيد جوي روسي عنيف من فك الحصار عن بلدتي نبل والزهراء، وقطع طرق امداد لقوات المعارضة من اعزاز الى حلب، وفصل الريف الشمالي الى نصفين، أحدهما محاصر بين تنظيم الدولة وقوات النظام والقوات الكردية.
وكان طريق حلب اعزاز الذي قطعته قوات النظام، هو الطريق الأسرع للمدنيين والعسكريين من داخل أحياء حلب المحررة الى مدينة اعزاز وريفها، ولم يبقى حالياً سوى طريق حلب كفر حمرة للخروج خارج المدينة، وهو طريق خطر تستهدف الطائرات الروسية وقوات النظام بشكل مستمر السيارات التي تمر به، دون التميز بين المدنيين والعسكريين.
قوات النظام بدأت هجومها بدءً من قرية سيفات لتسيطر بعدها على قرية دوير الزيتون، ومنها سيطرت على بلدة تل جبين شمالاً في بداية شهر شباط، للتقدم بعدها وتسيطر على كل من حردتنين ومعرسته الخان بدعم جوي روسي غير مسبوق، وسط انهيار في دفاعات الجيش الحر، الذي صمد ليومين كاملين في رتيان أمام آلة القصف الروسية، لتسيطر عليها قوات النظام وتصل الى بلدتي نبل والزهراء، المحاصرتين منذ نحو 3 أعوام، لتكمل بعدها قوات النظام تأمين طرق الأمداد لداخل البلدتين بسيطرتها على بلدة «ماير» يوم 5 شباط، لتتقدم أكثر وتسيطر على قريتي «كفين والطامورة» والتي كان الجيش الحر يقصف منهما بلدتي نبل والزهراء.
وشهدت سماء مدينة حلب يوم السبت 13 شباط، تحليق متزامن لـ 23 طائرة حربية روسية، شاركت كلها بقصف مواقع للثوار بمحيط قرية «الطامورة وبلدة عندان» وأحياء قريبة من مطار النيرب بحلب، ومناطق أخرى داخل المدينة وريفها، كما نفذت تلك الطائرات ما يزيد عن 50 غارة خلال نصف ساعة استهدفت بلدة «عندان»، إضافة الى عشرات الغارات الأخرى على محيط قرية «حندرات»، بمشهد غريب لم تعهده السماء السورية، منذ بدء الثورة السورية حتى الأن.
القوات الكردية تستغل انشغال الجيش الحر وتسيطر على قرى عربية بدعم جوي روسي.
بعد بقائها طوال الخمس سنوات الماضية من الثورة السورية، ضمن مدينة عفرين وريفها، اغتنمت القوات الكردية، الفرصة لتحقيق أهدافها وشنت هجمات عسكرية قوية على مناطق سيطرة الجيش الحر، بدعم جوي مكثف.
وتمكنت القوات الكردية من السيطرة على بلدة «منغ» ومطارها يوم الخميس 11 شباط، مستفيدة من تنفيذ الطائرات الحربية الروسية عشرات الغارات على تمركزات الجيش الحر في المنطقة، حيث كانت القوات الكردية قد سيطرت على بلدات وقرى عدة، مع بدء قوات النظام هجومها على ريف حلب الشمالي، منها بلدتي «دير جمال مرعناز».
لم تكتفي القوات الكردية بالتمدد مستفيدة من الوضع الحالي، بل ساعدت قوات النظام للتقدم الى قريتي «كفرة» قرب بلدة «كفرنايا»، وقرية «الطامور» قرب عندان، وذلك بعد رصدها خطوط امداد الجيش الحر في القريتين، ما أجبر الأخير على الانسحاب منهما، أضافة لاشغال تلك القوات لمئات المقاتلين من الجيش الحر، الذي وقع بين ناري قوات النظام والقوات الكردية.
كما قامت القوات الكردية بقطع خطوط الامداد بين بلدة «تل رفعت واعزاز» مما أدى لحصار المدينة التي تحوي على عشرات الألاف من المدنيين، منهم نازحين من مناطق أخرى بريف حلب الشمالي ما يزيد من احتمال سقوط البلدة.
كما تشاركت القوات الكردية مع قوات النظام خطوط قتال يقدر طولها حوالي 10 كم حتى الأن، دون أن يدخلا بأي اشتباك حتى اللحظة، في حالة مشابهة للتوافق بينهما في شرق سوريا.
تنظيم الدولة لم يفوت فرصة وحاول التمدد
قام تنظيم الدولة أيضاً بمحاولات التقدم داخل مناطق سيطرة الجيش الحر، وشن عدة هجمات على تمركزات الثوار، في محاولة منه للتقدم باتجاه اعزاز، مستفيداً من الضغوط الكبيرة التي تعرض لها الجيش الحر، في جبهات القتال ضد قوات النظام والقوات الكردية، كما لم يخفي التنظيم رغبته بدخول معارك في حلب ونشر (اصداراً) مرئياً يدعوا فيه أهالي حلب ومقاتليها الى مبايعة التنظيم قائلاً لهم:
«ياأهل حلب ويامقاتلي حلب، إنكم اليوم بين خيارين، إما أن تضعوا يدكم في يد أميركا والدولة الكافرة المرتدة فتخسروا دينكم، وتخسروا دنياكم، وتبقون عبيداً ومطايا يُداس عليكم بالأقدام، فالنظام يتقدم يوماً بعد يوم في وقد رأيتم ذلك بأعينكم أوأن تنضموا لـ «الدولةالإسلامية».
ورغم مطالبات التنظيم لأهالي ومقاتلي حلب بمبايعته واصفهم بـ «الصحوات» الا أنه يقوم بتأمين الخطوط الخلفية لقوات النظام، من قرية «تل شعير حتى تل جبين»، وهي الخطوط الأخيرة لقوات النظام والتي تنطلق منها العمليات ضد الجيش الحر بريف حلب الشمالي، ولا يحرك التنظيم ساكناً في تلك الجبهات، مما خلق أريحية كبيرة لقوات النظام في المنطقة، رغم أن الضغط على التنظيم بريف حلب الشرقي قرب مدينة الباب، قل بنسبة 100% خلال هجوم قوات النظام على ريف حلب الشمالي.
350 ألف مدني مهدد بالحصار داخل أحياء حلب المحررة
بات أكثر من 350 مدني داخل الأحياء المحررة في مدينة حلب، مهددين بالحصار، وهو رقم أكده ناشطين من مدينة حلب، ومعظم المدنيين الذين بقوا داخل أحياء المدينة، هم من الفقراء الذين لا طاقة لهم على تحمل نفقات النزوح المكلفة، للريف الغربي او الى تركيا.
كما أدى استهداف قوات النظام والطيران الحربي الروسي، للطريق الوحيد المؤدي لخارج مدينة حلب، والذي يمر ببلدة كفر حمرة، الى عزوف الكثيرين عن سلوكه والهروب خارج المدينة، مفضلين الحصار المحتمل عن الموت في الطريق، المستهدف بشكل دائم وكان أخر الحوادث يوم السبت 13 شباط، حين تم استهداف سيارة تقل خمسة نازحين من عائلة واحدة، قتلوا جميعا، معظمهم من النساء.
محاولات فاشلة للتوحد حتى الأن
ولان الحل الوحيد للخروج من عنق الزجاجة التي تمر بها الثورة وقوى المعارضة هو التوحد واندماج الفصائل وتوحيد الجهود، ظهرت حملات شعبية تهدد الفصائل والقادة في حال لم يتوحدوا ان يرحلوا وظهر هاشتاغ #تفرقكم يقتلنا.
ورغم الضغط الشعبي والمظاهرات والمطالبات، لا تزال محاولات التوحد بين الفصائل خجولة حتى الأن، وبقيت الفصائل متفرقة دون اي توحد جدي، ولا حتى على مستوى العمليات، حيث لم تقم أي من فصائل حلب، على دعم جبهات القتال بريف حلب الشمالي حتى الان بالشكل الكافي، كما انها لم تقوم بأي تحركات على جبهات القتال ضد القوات الكردية غرب عفرين، لتخفيف الضغط عن الجيش الحر المحاصر بريفي مارع واعزاز، والذي تشن عليه القوات الكردية هجمات انطلاقاً من «عفرين» التي لها حدود كبيرة على جبهات ريف حلب الغربي وريف ادلب الشمالي.
الدور التركي الخجول
مخاوف الأتراك من تمدد القوات الكردية على الشريط الحدودي، ومهاجمتها الجيش الحر المدعوم تركياً، جاء الرد التركي عليه خجولاً، ولم يمنع القوات الكردية من التقدم والتوسع بدعم روسي كيدي لتركيا.
قذائف الجيش التركي على تمركزات للقوات الكردية لم تتجاوز 100 قذيفة «حسبما أفادت وكالة الاناضول الرسمية» محققة إصابات وخسائر بشرية بسيطة، وهو العدد الذي اطلقته قوات النظام على بلدة عندان خلال نصف ساعة يوم أمس الأحد 14 شباط.
وجاء القصف التركي هذا بعد تقدم القوات الكردية وسيطرتها على عدة مناطق استراتيجية بريف حلب الشمالي كان أهمها مطار منغ العسكري.
وتحاول القوات الكردية التمدد شرقاً باتجاه مدينة اعزاز ومعبر باب السلامة الحدودي، بغية السيطرة عليهما وتوجيه ضربة لتركيا، التي طالما أعلنت أنها ستمنع أي تمدد كردي بالمنطقة التي تنوي تركيا جعلها منطقة آمنة، لقطع الطريق على أي مشروع إقليم كردي مستقبلي على حدودها مع سوريا، وشدد رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو على ضرورة «ابتعاد وحدات حماية الشعب الكردية عن أعزاز ومحيطها، فنحن لن نسمح لها بالاقتراب حتى إلى ضواحيها، وعلى تلك الوحدات أيضاً ألا تحاول إغلاق الممر بين تركيا وحلب».