ما أن أعلنت قنوات الإعلام الرسمية لنظام الأسد الحاكم وفاة أنيسة مخلوف، والدة رأس النظام، بشار الأسد، وأرملة والده، حافظ الأسد، أمس السبت، حتى ضاجت مواقع التواصل الاجتماعي بآلاف التعليقات التي لم تحصد والدة الأسد فيها ترحماً على روحها، بقدر التعليقات الغاضبة.
وإن كانت سياسة النظام السوري تكون قد طوت صفحة بارزة بوفاة “مخلوف”، التي لعبت فيها أدواراً عديدة، وإن كان ذلك من خلف الستارة، فإن مراقبون يرون أن تبدلاً ما قد يطرأ على تلك السياسة إلى نحو غير معروف، بعد معلومات عن دور كبير لـ”أنيسة مخلوف” في التحكم بصنع القرار لزوجها وابنها، لا سيما للأخير في مرحلة الثورة، التي عاصرت منها “أنيسة” سنواتاً ستاً عجافاً، قضى فيها وتشرد وجرح ملايين السوريين.
واستطلعت “زيتون” خلال مدة قدرت بأربعة وعشرين ساعة آلاف التعليقات التي تناولت خبر وفاة “مخلوف” بانفعال وغضب شديدين، دفعا معلقيها لعدم الترحّم عليها، بل وصل الأمر بالكثير منهم إلى الدعاء إلى الله بأن يجازيها الجزاء العادل، حيث يتهمها السوريون بأنها والدة الأسد الذي قتلهم منهم مئات الآلاف بعلم وتحريض منها، وشرد الملايين، وآخرون كثر منهم يرون فيها زوجة الأسد الأب، صاحب أشهر مجازر سوريا في حقبة الثمانينيات بحماة.
يقول خالد حريري، وهو لاجئ سوري في الأردن: “نحن لا نشمت بالموت أبداً، لكن في الحقيقة أنيسة مخلوف لم تكن سوى زوجة لسفاح، كما أنجبت مجموعة من السفاحين، الأول وهو زوجها قتل آلاف الأبرياء في حماة وحلب في الثمانينات، والآن ابنها بشار ومعه ماهر تسلما الراية، فقط انظروا في قوائم الضحايا الأبرياء يومياً تجدونهم بالعشرات في مسلسل دموي منذ أذار من العام 2011م وإلى الآن، وكل ذلك بعلم وتحريض من أنيسة مخلوف لابنها، فكيف نترحم عليها..!!”.
أما أم محمود ديرية، فهي أم لسبعة أولاد، استشهد منهم كما تقول خمسة خلال السنوات الماضية، اثنان قضيا تحت التعذيب بسجون النظام، وواحد طفل قضا قصفاً بالطيران، واثنا آخران استشهدا بالاشتباكات، حيث كانا يقاتلان مع الجيش الحر، ليبقى لديها.
تتهم الحاجة أم محمود، النازحة من ريف دمشق إلى القنيطرة، جنوب سوريا، “أنيسة مخلوف” بأنها لم تشعر بشعورها كأمّ “عندما تركت ابنها يقتل السوريين، ويشردهم من بيوتهم، وينفذ فيهم الإعدامات، ويرمي عليهم البراميل والصواريخ، فقط لأنهم يريدون الحرية”.
وتضيف: “إذا كانت هي بالفعل أمّ ومن واجبي الترحّم عليها، فلماذا أنا لم يشعر بأمومتي أحد، ولما يقول النظام ومن ضمنه أنيسة مخلوف ذاتها عن أبنائي وأبناء الثورة بأنهم إرهابيون ويبصقون على خبر وفاتهم..!! وينكلون بجثثهم!!، أتمنى من الله فقط أن يجازيها الجزاء العادل وأن يأخذ حقي وحقي أولادي وحق كل من فقد أو خسر شيئاً بتحريض منها أو بدور لها”.
و”أنبسة مخلوف” التي توفيت، أمس، في الإمارات بعدما قصدتها عام 2013 لتنضم إلى ابنتها بشرى، تبلغ من العمر 86 عاماً، وهي من مواليد محافظة اللاذقية عام 1930، وتزوجت من حافظ الأسد عام 1957، ولديها منه خمسة أبناء، رحل منهم باسل ومجد، وبقي بشار رأس النظام الحالي، والعميد ماهر، الذي يقود واحدة من أبرز فرق الجيش (الفرقة الرابعة)، إلى جانب بشرى.
ويشار إلى أن الراحلة “مخلوف” كانت تحرص على عدم الظهور الإعلامي، إلا أن تأثيرها على مسار الثورة في سوريا كان معروفاً، وذلك في حقبتي حافظ وبشار، حتى أن الاتحاد الأوروبي أضافها عام 2012 إلى لائحة الشخصيات السورية الخاضعة لعقوبات.
كما تولى الكثير من أقاربها مناصب رفيعة في النظام أمنياً وسياسياً واقتصادياً، ومثال ذلك المدعو رامي مخلوف، نجل شقيقها، والذي بات أبرز رجال الأعمال الفاسدين في سوريا، والذي يسيطر على العديد من القطاعات الاقتصادية، بما فيها الاتصالات، بالإضافة للعميد عاطف نجيب، رئيس فرع الأمن السياسي في درعا إبان الثورة، والذي يرى البعض أنه من أبرز من يتحملون مسؤولية تفجير الاحتجاجات من درعا، عبر استهداف أطفال صغار عقابا لهم على تدوين شعارات ضد النظام الحاكم.