دخول جديد للنظام السوري وحلفائه، لا سيما الروس، على خط المواجهات في عمق الجنوب السوري، أفرز خلال أقل من شهر واحد خسارة مدينتين من أهم مناطق درعا المحررة، في ظل مقاومة شرسة من فصائل الثوار العاملة في ذلك المحور، وتخلف بعضها الأخر وانشغاله في جبهات اقتتال أخرى.
مواطنون من درعا ولاجئون منها في الأردن، أبدوا قلقهم من تقدم النظام الأخير في المناطق المحررة تحت مساندة ميليشيات إيران وحزب الله وبإسناد من الطيران الروسي، حيث سقطت بيده، أمس الخميس، مدينة عتمان في الريف الأوسط، وقبلها بأيام مدينة الشيخ مسكين في ذات الريف، ما دفعهم لتوجيه رسائل إلى ثوار المحافظة التي شهدت اندلاع الشرارة الأولى من الثورة السوري في مارس/أذار من العام 2011م.
الحاج أبو مهند راجي، نازح في ريف درعا الغربي، يقول لـ”زيتون”: “لا ننكر فضل الثوار وحجم التضحيات التي قدموها في قتال المحتل الأسدي والروسي والإيراني، لكن نريد أن نقول أيضاً أن قسم من فصائل الثوار منشغلون في الاقتتال مع بعضهم البعض، بينما النظام يأخذ كل يوم مكان محرر دفعنا ضريبته من دماء أبنائنا، أقول لهم الكلمات المعهودة عبر التاريخ: انهضوا!! هبوا هبة رجل واحد، وقولوا: يا خيل الله اركبي!! فالخطر كبير”.
وترى هنادي برم، من درعا أيضاً ولاجئة مع أولاها في الأردن أن “الانشغال في الأمور قليلة الأهمية سيولد فشل في النهاية”، وتضيف قائلةً: “نحن نناشد كل حر في درعا أن يساهم في وحدة الثوار ويلم شتتاهم، النظام يتخذ من فرقتنا فرص ينتهزها ليسفك المزيد من دماء السوريين، وكل يوم يحقق تقدم بمساعدة المرتزقة القادمين من إيران ولبنان والعراق، والآن هؤلاء الروس الذين أتوا إلينا ليحتلوا أرضنا، أبقي أمر أخطر من ذلك لكي نتوحد في هذه الثورة!!؟ وهذه الرسالة موجهة أولاً للجيش الحر بدرعا، كفّوا عن الأمور الجانبية وأغيثوا أنفسكم وأغيثوا أعراضكم”.
وتعتبر جبهة بلدة عتمان، المتاخمة تقريباً لمدينة درعا، من الجبهات التي كانت تشهد مناوشات مستمرة بين الطرفين منذ أكثر ن ثلاث سنوات، حيث تصنف كخط مواجهات متقطعة مستمر بين قوات النظام وفصائل من الجيش الحر على رأسها لواء المعتز بالله المسيطر على كامل خط تلك الجبهة، بالإضافة إلى عدد من الفصائل ذات الدور الثانوي في ذلك المحور.
أبو خالد، لاجئ في مخيم الزعتري يقول إنه اضطر لترك كل ما يملك وفر بأولاده بعد استشهاد ثلاثة منهم من شرق درعا، وهو الآن لاجئ في الزعتري شرق الأردن منذ قرابة ثلاث سنوات.
يبدي أبو خالد بدوره قلقاً كبيراً إزاء تقدم النظام في درعا، ويضيف “لقد تركنا بيوتنا وأملاكنا وهربنا بعد أن قتل بشار الأسد وجيشه أعز أحبائنا، تركنا كل شيء خلفنا، ومثلنا ناس كثر، بالمقابل ألا يفترض بالثوار على الأرض أن يكونوا على قدر الأمانة والمسؤولية؟ ألا يجب عليهم الذود عن أرضنا وعرضنا، صدقوني إن دخلوا قرانا ومدننا لن يرحمونا، ولن يتركوا منا من يتنفس، وأنا أعتقد أن الثوار إذا كانوا بالفعل يشعرون بهذا الأمر فهم لن يخيبوا أملنا فيهم”.
بالمقابل، أفادت مصادر ميدانية لـ”زيتون” باستمرار قوات الأسد في محاولة تحصين محور شمال غرب درعا لحماية طوق العاصمة دمشق الأمني وإفشال أي خطط للثوار للولوج إلى ريف دمشق والالتحام مع الفصائل المتواجدة في داريا وجديدة عرطوز وخان الشيخ والكسوة عبر شمال غرب درعا وشمال شرق وشمال القنيطرة، ما ترك ثوار درعا والجنوب عموماً حالياً أمام اختبار حقيقي، في ظل وقوع المنطقة على صفيح ساخن، جراء تقدم النظام إليها بإسناد من الحلفاء، بعد تلقيه أعنف الضربات وأكبر الخسائر على يد ثوارها على مدار سنيّ الثورة.