جريدة زيتون
زيتون – محمد علاء
لا يزال المدنيون المقيمون في مناطق سيطرة تنظيم الدولة، ومنهم أهالي مدينة الباب الخاسر الأكبر والمستهدف الأول من جميع الأطراف المتحاربة.
سلطة باسم الدين تستبيح كل تفاصيل حياتهم، إذ يقوم تنظيم الدولة على تقيد حركة وحرية الأفراد من خلال فرضه للقوانين، التي تحول حياة الناس لسجن كبير، وتمنعهم من الخروج من هذه المناطق، وفرض على كل من يعيش في هذه المناطق، أن يلتزم بصراطهم وإلا فالعقاب بانتظارهم.
اقتراب قوات النظام، شبح يهدد حياة هؤلاء الناس فوق معاناتهم من التنظيم ولا سيما مع انسحاب عناصر تنظيم الدولة وترك الأهالي تحت رحمة قوات النظام كما حدث في أكثر من منطقة، كذلك فإن عمليات القصف اليومية من قبل الطائرات الروسية والتي لا تحصد سوى المدنيين.
أبو علي السيد (وهو أحد الذين منعهم التنظيم من الخروج الى مناطق الجيش الحر) تحدث لـ “زيتون”: يعيش الناس في مدينة الباب وريفها بخوف كبير، من وصول قوات النظام اليها، وارتكاب مجازر بحق أهلها وسكانها، وهي من المدن الأولى المحررة بريف حلب، ومعظم أهل المدينة خرجوا منها، بعد ترويج بعض الاشاعات عن انسحابات لمقاتلي التنظيم من مناطق بمحيط المدينة وداخلها، واشاعات أخرى عن نية التنظيم تسليم المدينة للنظام مقابل سيطرته على مدينة دير الزور”.
وأكد أبو علي أن القصف المكثف على المدينة في الأشهر الأخيرة، أوقف العجلة الاقتصادية في المدينة، وأجبر جميع التجار للخروج منها، مازاد من نسب البطالة لدى الأهالي، زلك يبق في المدينة الا اولائك الذين لا يملكون المال الكافي، لتغطية نفقات النزوح والخروج المكلفة.
المناطق الأخرى الخاضعة لسيطرة التنظيم، والتي تعد آمنة نوعاً ما، لم قادرة على استقبال النازحين، ومعظم الذين نزحوا الى تلك المناطق، ينامون بالعراء أو في خيم، وضمن أوضاع معيشية صعبة، تفتقر لأبسط مقومات الحياة.
كما يتعرض النازحون الراغبون بالدخول الى مناطق الجيش الحر، الى حالات ابتزاز مادي من قبل مهربين، متعاملين مع عناصر التنظيم، في سبيل اخراجهم ليلاً، معرضين حياتهم للخطر، أثناء مرورهم في حقول ألغام زرعها التنظيم، بين مناطقه ومناطق الجيش الحر، كما يجبرون في بعض الأحيان الى المرور في مناطق الاشتباكات، التي تتعرض لقصف جوي مكثف، أدى في مرات كثيرة لسقوط عدد قتلى والجرحى من المدنيين المتجمعين بتلك المناطق، المنتظرين خروجهم من مناطق التنظيم.
الناشط الإعلامي عماد أبو زيد من أبناء مدينة الباب تحدث لـ “زيتون”: رغم التقييد الذي فرضه التنظيم على أهالي المدينة، استطاع معظم أهلها النزوح الى ريف المدينة وصولاً الى بلدة الراعي بريف اعزاز، بينما لم تستطع سوى عشرات العائلات الهروب الى مناطق الجيش الحر، وتمكنوا من المرور من حقول الغام زرعها التنظيم لمنعهم من الخروج.
وأضاف أبو زيد أن التنظيم فرض شروطاً تعجيزية على الأشخاص الراغبين بالخروج الى مناطق الجيش الحر وتركيا، فيما يهدد أي شخص يخرج دون اذن شرعي “سيتم مصادرة أمواله بتهمة الردة ومولاة الكفار” وحدث ذلك كثيراً، ووصل عدد البيوت التي استولى عليها التنظيم لأكثر من خمسين عقار في الشهرين الماضيين.
وفيما يتعلق بمجريات المعارك قال أبو زيد أن النظام يسعى وبشكل كبير للوصول الى مدينة الباب، والسيطرة على المنطقة الواقعة بين مطار النيرب ومطار كويرس من طريق حلب الرقة الدولي، كما سيطر مؤخراً على قرى عشرات القرى والمزارع بريف المدينة، وعلى مثلها في محيط المحطة الحرارية، وهو على بعد بضع كيلو مترات عن مدينة الباب والمحطة الحرارية.
وقال أبو زيد ان قوات النظام سيطرت على قريتي عفش وتل مكسور يوم السبت 29/1 2016، اللتان تطلان على طريق امداد التنظيم الى المحطة الحرارية، ما أدى لصعوبة مرور الطريق اليها نهاراً، بسبب رصد قوات النظام للطريق، وتحاول قوات النظام التقدم من الجهة الغربية قادماً من مطار النيرب، والشرقية قادماً من مطار كويرس، من اجل محاصرة المحطة الحرارية وعشرات القرى والمزارع في محيطها، ومن الممكن جداً ان ينسحب مقاتلي التنظيم من المنطقة، فهم ينسحبون كثيراً من امام قوات النظام، بدون أي مقاومة تذكر.
وأدى تصاعد وتيرة القصف الجوي من الطيران الروسي والسوري،على المدنوالبلدات الآهلة بالسكان، وتقدم قوات النظام مدعومة بالميليشيات الطائفية باتجاه مدينة الباب، وكذلك ارتفاع حدة الاشتباكات مع تنظيم الدولة، على جبهات ريف حلب الشرقي، إلى خلق موجة نزوح كبيرة لسكان هذه البلدات باتجاه المناطق الآمنة في الريف الشمالي الشرقي والحدود السورية التركية.
