زيتون – أسامة عيسى
مع قدوم أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين إلى دول أوروبا، ومنها السويد، لم تبدو العلاقات الاجتماعية المعهودة بين أبناء البلد على حالها التي كانت عليه قبل اندلاع الثورة، أو على الأقل قبل مجيئهم إلى هذا البلد، المعروف عنه تعاطفه مع قضية السوريين من منطلق إنساني، واستقباله أعداداً منهم ممن طلبوا أماناً قالوا إنهم افتقدوه في بلدهم، أو في البلدات التي كانوا يقيمون فيها قبل قدومهم للسويد.
وريما تأتي العلاقات العائلية أو الأسرية بالمعنى الأضيق في مقدمة العلاقات الاجتماعية ككل، التي تأثرت بفعل الأزمة على مستوى سوريا، وخارجها بين السوريين، في الوقت الذي أفيد به لـ»زيتون» بتسجيل ارتفاع ملحوظ في نسبة حالات الطلاق بين السوريين، ممن لجأوا لدول أوروبا عموماً، والسويد خصوصاً خلال العام 2015م.
هنادي خ. لاجئة سورية في السويد، تقول في حديث لـ»زيتون» إنها تركت زوجها الذي كانت ترتبط به منذ ست سنوات، نتيجة معاملته لها بطريقة وصفتها بـ»الفظة»، وهو أمر كما تقول هنادي البالغة من العمر 22 عاماً «غير مقبول في دولة متحضرة مثل السويد، تحترم حقوق المرأة كل الاحترام».
وأضافت «منذ أن كنا في سوريا، وقبل أن نخرج منها إلى تركيا، ومن ثم للسويد، كانت المعاملة السيئة منه موجودة، وأنا كنت أصبر لأن الوضع لا يسمح بالانفصال، لن يفهمني أحد هناك لكونني أنثى، ومطلوب مني دوماً أن أصمت على أي تصرف مسيء بحقي من قبل زوجي أو أي إنسان ذَكَر، لأننها كما هو معلوم نعيش في مجتمع شرقي ذكوري».
واعتبرت اللاجئة السورية أن انفصالها عن وزجها الذي يربطها به طفلان صغيران هو أمر طبيعي، مشيرة إلى أنها كانت ستقوم بذات الخطوة لو أنها كانت في بلد أخر غير السويد، نظراً لأن حياتها معه «أصبحت جحيماً لا يطاق»، لكنها في النهاية منحت الفرصة لعلاقتهما «كي تأخذ المدى الممكن»، على حد تعبيرها.
وعند سؤالها عن تأثير إقامتها في السويد على قرارها بالانفصال، لم تنكر هنادي أن «المكان الذي تكون فيه أنت له دور كذلك، فأنا الأن في مكان ليس كما الأمكنة السابقة، هنا لي كياني واعتباري على الأقل، أو أن هناك من يحترم حقي بالفعل، وليس بالقول..».
بالمقابل، لا يرى خالد حدّاد، وهو لاجئ سوري في السويد أيضاً، أي مبرّر للمرأة لتنقلب على زوجها كما يقول في هذا البلد، بعد أن أدركت مستوى الاهتمام الكبير بها، حيث «باتت النساء تنتظر أزواجها على خطأ بسيط لتطلب منه الطلاق، وهذا الحال لم يكن في سوريا، فقط هنا في السويد..»، بحسب قوله.
ويستنكر حدّاد البالغ من العمر 33 عاماً تصرفات مماثلة أقدمت عليها زوجته التي اقترن بها منذ قرابة 11 عاماً، وكانت حياتهما كما يقول مليئة بالحب والحنان، لتطلب منه الطلاق في السويد لكونه ضربها (كف صغير..!!)، بعد أن تقدمت ببلاغ إلى الشرطة بحقه، انتهى بتوقيعه تعهد مبدئي بعدم التعرض لها، تحت طائلة المسؤولية التي تتراوح بين التنبيه أول مرة، ومن ثم السجن إذا تكرر الأمر، والترحيل في المرحلة الثالثة، وأضاف «في سوريا كنت أضربها، أنا اعترف أنني مخطئ طبعاً، لأنه جاهل من يضرب امرأته، لكنني أخطأت وأعترف بخطأي، أما أن تصل الأمور إلى البوليس (الشرطة)، ومن ثم إلى المحكمة وتطالبني بالانفصال وبيننا أربعة أطفال، فهنا الكارثة الحقيقة..».
من جهتها، تؤكد مادلين م.، وهي لاجئة سورية في السويد منذ أكثر من سنتين، أن قضية ارتفاع حالات الطلاق في هذا البلد، هي نتيجة ضغط في الغالب يعاني منه طرفا العلاقة الزوجية، نتيجة حجم الظروف القاسية التي يمر بها السوريين جميعاً، وهذه الظروف كما تقول لها انعكاساتها على واقع الأٍسرة من كل الجهات، ومنه ما يقال عن حالات الانفصال التي تمت وتتم بين الأزواج، أو خروج بعض الزوجات عن طاعة أزواجهن، وهي حالات ترى مادلين أنها «قليلة نسبياً، وليس كما يشاع أنها كثيرة».
وتتابع «معلوم عن الغربة في العموم أنها تكشف معدن الإنسان الحقيقي، ونحن كسوريين كشفت الأزمة التي نمر بها معادن كثيرة أمامنا لأناس كثر، وعلى مستوى العلاقات الزوجية فإن الحال ينطبق عليها كما أوجه الحياة الأخرى، فالزوجة التي كانت تحب زوجها في سوريا، لن تتخلى عنه هنا، ومن تم تربيتها في بيت أهلها على القيم والأخلاق، فهي لن تخرج عما تربت عليه، وكل ما عدا ذلك، فنحن نتحدث عن فتيات هن أساساً لديهن إشكالات سابقة في هذا الموضوع، وإن كنت لا أنكر أن بلداً كالسويد، تعد عاملاً محفزاً على زيادة هذه الإشكالات، تماماً كما زيادة الحب والود بين المحبين، وهذا يتبع الاستعداد الذاتي الموجود لدى كل شخص».