زيتون – لبنى صالح
لا شيء إلا سياسة «الأرض المحروقة» كان حاضراً في مواجهات الشيخ مسكين بريف درعا مؤخراً، والتي انتهت بسيطرة القوات الموالية على كامل المدينة، في وقت ساهمت فيه مع الحملة الشرسة لقوات الأسد وحلفائها مجموعة عوامل داخلية تعلقت بالفصائل المعارضة ذاتها، وكان على رأسها الخلاف الذي اندلع بين حركة المثنى الإسلامية وفصائل من الجيش الحر.
فبعد أن أصدرت مجموعة من الفصائل المحسوبة على ما يعرف بـ «الجبهة الجنوبية» في درعا، وأبرزها «جيش اليرموك وفرقة شباب السنة وجيش الإسلام» بيانات دعت فيها «حركة المثنى» إلى عدم التعرض لعناصرها أثناء توجههم لمواقع رباطهم في مدينة الشيخ مسكين، وبعد أن هددت فصائل الجيش الحر بالرد الحازم والقاسي على حركة المثنى، لم تكترث الأخيرة لتلك البيانات، بل شنت عدة عميات مضادة أثناء اندلاع المعارك، قالت مصادر ميدانية، أن تلك الهجمات كان لها الأثر الكبير في خسارة الشيخ مسكين.
ففي صبيحة يوم الأحد الماضي، شنت حركة المثنى هجوماً مفاجئاً على مقار للجيش الحر في بلدة نصيب الحدودية مع الأردن، وقامت باقتحام إحدى مواقع «جيش اليرموك»، أحد أكبر فصائل الجبهة الجنوبية التابعة للجيش الحرفي درعا، أدى الهجوم إلى مقتل ثلاث عناصر لجيش اليرموك، من بينهم محمد طه الشريف، وأسر أحد العناصر من بلدة العتيبة في ريف دمشق.
تشكيلات الجيش الحر في درعا، كالفيلق الأول والجيش الأول وجيش الإسلام أصدرت بدورها بياناً مشتركاً، كرد على ما وصفوه بـ»الاعتداء والغدر المبيّت» من حركة المثنى على الحاجز الغربي لبلدة نصيب والمدنيين من أهالي البلدة، معلنين بذلك بدء «الحرب» على الحركة، في وقت كانت فيه جبهات الشيخ مسكين تتهاوى الواحدة تلو الأخرى.
الناطق باسم جيش اليرموك، محمد الرفاعي، قال إن الحرب على حركة المثنى جاء بعد انتهاكات من الحركة ضد أهالي حوران، واكتشاف وجود سجون في مقراتها بريف درعا الشرقي، كما في بلدات كحيل وصيدا.
وأضاف «الرفاعي» أن الجيش الحر تمكن من تحرير محافظ درعا الحرة الدكتور «يعقوب العمار» الذي كان محتجزاً في مقر لحركة المثنى في بلدة صيدا، بالإضافة للإفراج عن شخصيات عسكرية ومدنية، من بينها قائد عسكري في ألوية سيف الشام وقائد عسكري أخر من فرقة العشائر، كما تمكن الجيش الحر بعد أمر صادر من «محكمة دار العدل» في درعا من وضع مقرات الحركة تحت تصرف السلطة التنفيذية للمحكمة الثورية.
بدوره، قال الناشط الإعلامي جمال الحوراني لـ «زيتون»، إن الحرب الداخلية والاقتتال الذي حصل بين الفصائل سمح للنظام بانتهاز الفرصة والتقدم نحو نقاط أكثر عمقاً في مدينة الشيخ مسكين، مؤكداً أن حركة المثنى عرقلت بعض مجموعات الجيش الحر من مواجهة قوات النظام أثناء ذهابها وعودتها من مدينة الشيخ مسكين، مندداً بالصراع القائم بين الفصائل، وداعياً إلى حل الخلافات وتوجيه البندقية نحو العدو المشترك المتمثل بالنظام.
من جانبها، نفت حركة المثنى نفت تلك الاتهامات، وأصدرت عدة بيانات اعترضت فيها على البيانات الصادرة بحقها من الجيش الحر، متهمة الأخير بالتخاذل في الدفاع عن مدينة الشيخ مسكين، وأن مقاتلي الحركة لم يعترضوا أياً من الفصائل، وأن الطريق لجبهات القتال كانت «مفتوحة أمام المجاهدين».
هذا ولا يزال الهدوء الحذر يخيّم على مناطق درعا المحررة، بانتظار قرار حاسم ينهي هذا الصراع الداخلي بين الفصائل الثورية، والنظر إلى المرحلة المقبلة، في ظل حراك عسكري واسع يشهده الجنوب السوري، بعد الحملة الشرسة الأخيرة لقوات النظام المدعومة بحلفائها، وفي مقدمتهم الروس والإيرانيين.