“الأخضر” يزور الزعتري.. ولاجئون سوريون: لم نراه من سنوات!!

aaaaaaaaa

لم تقتل صحراء “الزعتري” الأردنية الروح فيما يزيد على 80 ألف لاجئ سوري، ممن أجبرتهم قساوة الظروف والأحوال السيئة التي تمر بها البلاد على التوجه إلى الأردن، ريثما تستتب الأمور وتعود الحياة إلى مجراها الطبيعي في الوطن.

وفي نطاق الحياة اليومية التي يعيشها اللاجئ السوري في المخيم الواقع شمال شرق محافظة المفرق الأردنية، يتوضح للزائر معاناة تدمي من يشاهدها, يتجرّع قساوتها اللاجئ المقيم في تلك البقعة من الأرض القاحلة، وفي درجات حرارة قد تتعدى الـ40 صيفاً، وقد تهبط دون الصفر لدرجات شتاء.
تعجز الابتسامة الصفراوية التي يشاهدها الزائر على مبسم العديد من اللاجئين في المخيم عن دحض حالة القهر والمعاناة التي تستمر عليها حياتهم اليومية, في أجواء غبارية وعاصفية، لا يمكن لأي وفد زائر للزعتري، إلا وأن يتوشح بقطعة قماش على وجهه, أو الإسراع لوضع نظاراته الشمسية عند رؤيتها ومعايشتها دقائق معدودة، فيما كان للسوريين في تلك الصحراء حكايات أخرى مع رمالها وشمسها الحارقة، حولتها وهي أرض معدومة الحياة، إلى بقعة تعج بالحيوية، بما صنعته أيديهم من مقومات طبيعية.

ومن أهم ما يراه القادم للمخيم بعد قرابة أربع سنوات من إنشاءه، تحوله إلى ما يشبه المدينة المليئة بأوجه الحياة، وهو أمر كان من صنيعة السوريين فيه، ممن اضطروا للتعايش مع حرّ الصحراء وبردها من منطلق الأمر الواقع الذي لا مفر منه، ريثما يقضي الله أمراً كان مفعولا.

ومن بين ما لجأ له السوريون في الزعتري من خلال إبداعاتهم اليومية، هو الرسم على الكرفانات المقدمة لهم من دول الخليج كبيوت إيواء مؤقتة، رغبة منهم في تحويل منظر الصحراء، حيث لا شجر ولا ثمر، إلى ما يشبهها، على الأقل في الرونق والخيال، إن لم يكن في الواقع.

اللاجئ السوري محمد السلامات المقيم في الزعتري منذ 3 سنوات يقول لـ”زيتون”: “معاناة قاسية ومريرة أشبه بمسلسل يومي تعودنا عليه في هذه الصحراء الظالمة، إذا نظرت إلى أرجاء المخيم الممتد على 12 قطاع سيزيغ نظرك، لا شيء أمامك إلا الرمال تتحرك كالوحش، بإمكانك أن ترى الغبار يلف وجوه السوريين، هنا لم يكن يوجد حياة، لكنا استحضرناها بما نملك من إرادة العيش”.

ويضيف السلامات، وهو أب لأربعة أطفال “من إحدى الخطوات التي لجأنا إليها لتسهيل تعايشنا مع صحراء الزعتري القاحلة هو الرسم على جدران الحمامات والكرفانات المعدة للسكن، هذا الأمر كان مهم جداً وضروري بنفس الوقت، ليس من منطلق الإبداع، بل من منطلق الحاجة للحياة، نحن أيضاً بشر كما كل الناس.. نريد أن نعيش.. هنا من يعيش في المخيم لم يرى اللون الأخضر منذ أن دخله، لا شيء إلا الصحراء تحيط بك من كل جانب، غابت كل الألوان عن عيوننا وعيون أطفالنا، وبقيت ألوان الصحراء المعروفة للجميع، فكانت هذه الخطوة من ناشطين وفنانين سوريين كنوع من إرادة الحياة والاحتيال على الواقع بما هو متاح.. إنها إرادة الحياة لا أكثر ولا أقل”.

أما اللاجئة السورية “أم أشرف”، من مدينة الرستن شمال حمص، وهي زوجة شهيد وأم لستة أطفال، فتقول: “بدأت وأولادي نشعر بشيء من الحياة في هذا المخيم مع هذه المناظر الرائعة التي راحت تذكرنا بوطننا، صار لنا نعيش هنا منذ أكثر من سنتين ونصف، طيلة تلك المدة لم نرى إلا اللون الأبيض والأسود، لون الغبار والرمال، أصاب الوهن والضعف نفوسنا قبل أن يصيب أعيننا، أصبحنا الأن نشعر أننا مثل كل البشر”.

من جانبه، يقول “حسين كردي” وهو طفل سوري من درعا، يعيش في الزعتري منذ ثلاث سنوات ونصف، إنه يشعر براحة وسعادة كبيرتين، مع بدء تحول أرجاء الزعتري إلى ما يشبه الحياة الطبيعية، حيث صور الأشجار والورود تكسو جدران مساكن اللاجئين، ويردف “هيك كانت بلدنا، طبعاً ما في أحلى من سوريا، بس من أكثر من 3 سنوات ما شفت لون الشجر والورد..!!!”.

وبين صحراء الزعتري القاحلة التي دخلوها أواخر العام 2012م، وبقعة أخرى من الأرض باتت تعج بأوجه الحياة الآن، لا زالت البسمة لا تفارق شفاه السوريين الذين عبّروا لـ”زيتون” عن أملهم في حل قريب ينهي مأساتهم ويعيدهم إلى ديارهم لأن “من خرج من داره قلّ مقدراه”، كما تقول “أم خالد حريري” وهي حاجة من درعا تعيش برفقة أولادها في مخيم الزعتري منذ مطلع 2013م.

تحرير زيتون