صرح تحالف عالمي يضم ١٥ منظمة غير حكومية سورية ودولية اليوم، بأن نجاح مباحثات السلام القادمة في جنيف يجب أن يقاس بحجم التقدم الحقيقي الذي أُحرِز فيما يتعلق بإنهاء حالات الحصار غير المشروعة، ووقف الهجمات غير المشروعة ضد المدنيين، وإطلاق سراح ضحايا الاعتقالات العشوائية.
فمع انطلاق الجولة الثالثة من مفاوضات السلام في جنيف، في الخامس والعشرين من يناير، بدعم من مجلس الأمن، بهدف حل الأزمة السورية، حذر التحالف من أن هذه العملية ستؤول إلى الفشل ما لم تكن الأولوية في المفاوضات للرفع الفوري للحصار عن المناطق المحاصرة، وإنهاء الفظائع الأخرى. وصرح زيدون الزعبي، المدير التنفيذي لاتحاد منظمات الرعاية الطبية والإغاثة بأن “التوصل إلى اتفاق حول سوريا يكتب له الدوام، لن يتحقق بدون خلق مستوى من الثقة بين الفصائل العديدة المحاربة في سوريا. ففكرة إمكانية بناء الثقة بينما تواصل الأطراف المختلفة المذابح الممنهجة للمدنيين وتجويعهم، فكرة عبثية وتفتقر إلى أي تفكير أخلاقي أو استراتيجي من جانب مجلس الأمن.”
تأتي الجولة الأخيرة من المباحثات بعد أسابيع فقط من التفات العالم أخيرًا إلى كارثة المدنيين المحاصرين في مضايا، تلك البلدة الصغيرة القريبة من دمشق. فقد فرضت القوات المتحالفة مع الحكومة السورية، منذ ستة أشهر، حصارًا محكمًا على مضايا، أجبر 42,000 مدني عالقين داخلها على أكل الحشائش والحشرات والقاذورات، وحتى القطط حتى يبقوا على قيد الحياة. وتقدر الأمم المتحدة أن 400,000 من السوريين يعيشون في المناطق الواقعة تحت الحصار، وبحسب تقديرات المنظمات غير الحكومية، هناك أكثر من مليون إنسان يعيشون تحت الحصار، حيث يُستخدم نفاذ المساعدات الدولية، عمدًا وبشكل ممنهج، كأداة للحرب.
فمختلف أطراف النزاع، بمن فيها الحكومة السورية، وداعش، وجماعات المعارضة المسلحة تستخدم التجويع سلاحًا في الحرب – وهو تكتيك أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنه يمثل جريمة حرب.
وعلق بسام الأحمد، المتحدث باسم مركز انتهاكات الوثائق – سوريا، على الوضع بقول: “إن التحرك الفوري للمجتمع الدولي لإنهاء حالات الحصار غير المشروعة في سوريا، لا يمثل مجرد التزام قانوني وأخلاقي فحسب يتعين على المجتمع الدولي الوفاء به، بل إنه ضرورة لنجاح وجدوى العملية السياسية.” وأضاف: ” لا يريد أحد التحدث عن شروط مسبقة للعملية السياسية، ولكن واقع الحال ينطق بأن إنهاء تلك الفظائع شرط مسبق لعملية السلام.”
وكان مجلس الأمن قد أصدر في ديسمبر الماضي، بالإجماع، قراره رقم 2254، الذي حدد فترة سنتين لإنجاز العملية السياسية التي ستقود إلى وضع دستور جديد، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة. وأكد القرار على “حاجة كل الأطراف في سوريا لاتخاذ تدابير بناء الثقة، للإسهام في إنجاح عملية السلام والوقف الدائم لإطلاق النار.”
ودعا التحالف الحكومات صاحبة النفوذ على أطراف النزاع أن تستخدم ما لها من تأثير للإصرار على إنهاء الفظائع – بما في ذلك وقف استخدام الأسلحة الانفجارية في المناطق المأهولة، وإنهاء استخدام كل الأسلحة المحرمة، مثل الألغام الأرضية والذخائر العنقودية.
وطالبت المنظمات غير الحكومية، كذلك، كل الأطراف بالإفراج الفوري عن كل المعتقلين عشوائيًا. فهناك عشرات الآلاف من الناس في حالة اختفاء قسري بقف وراءها، بشكل أساسي، الحكومة السورية، إلى جانب الأطراف المسلحة من غير الدولة كذلك. وبحسب المنظمات غير الحكومية، فكثير من المعتقلين انقطعت صلتهم بالعالم الخارجي، ويعيشون في ظروف غير آدمية، حيث التعذيب المنهجي، وتزايد معدلات الإصابة بالأمراض، وحيث أصبح الموت بينهم من الأمور المعتادة. و يدعو التحالف المنظمات غير الحكومية على الأطراف المتحاربة في سوريا إلى إعطاء المراقبين الدوليين إمكانية الوصول الفوري إلى جميع مراكز الاحتجاز.
وقال كينيث روث، المدير التنفيذي لمنظمة هيومن رايتس ووتش: “طالب مجلس الأمن، مرارًا وتكرارًا، بإنهاء الفظائع في سوريا، ولكنه لم يفعل سوى القليل لإنفاذ مطالبه، خاصةً منذ بدأت روسيا عملياتها العسكرية. وما لم يتغير هذا الوضع فسيصعب كثيرًا التفاؤل بمباحثات السلام”، مضيفةً: “إن إنهاء الفظائع سيساعد كثيرًا في إرساء الظروف التي من شأنها إنجاح المفاوضات السورية”.
المصدر: هيومن رايتس ووتش