لا يبدو أن مؤتمر “جنيف-3″ والمبعوث الحالي ستيفان دي ميستورا سيلاقيان مصيراً أفضل. فالخضّات التي شهدها المؤتمر المفترض أن ينطلق بعد 24 ساعة، كافية لوقف الخوض في هذه المغامرة الخاسرة. لكن واشنطن وموسكو تعوّلان على نجاح الترهيب الغربي، والترغيب الخليجي، لإعلان الهيئة عن قبولها بالمشاركة، بأي صيغة كانت. ومن أجل هذا الأمر، تعمّد المبعوث الدولي إرسال الدعوات، بشكل فردي، إلى 15 عضواً في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية والهيئة العليا للتفاوض، ومن غير المستبعد أن تجد تلك البطاقات لـ”حفل جنيف” إقبالاً داخل الائتلاف أو الهيئة.
مخاطر كبيرة ترافق قبول أي شخصية من الائتلاف حضور “جنيف-3” بصفة فردية، وإنقاذ صريح للمؤتمر الذي وقع في مأزق التمثيل. فحتى الآن، استبعد رئيس حزب “الاتحاد الديموقراطي” صالح مسلم، بعد التلويح التركي بالانسحاب من مجموعة دعم سوريا، ومن المفاوضات نفسها، أما رئيس “مجلس سوريا الديموقراطية” هيثم مناع فقد أعلن أيضاً أنه لن يشارك من دون مسلّم، نظراً للاتفاق القائم بين مكونات “مجلس سوريا الديموقراطي” الذي يضمّ مناع ومسلم.
وبينما لا يزال المنسق العام للهيئة العليا للتفاوض رياض حجاب، بانتظار رد من الأمم المتحدة على استفسارات تتعلق بالدعوة وبآليات وضعت للتباحث حولها في جنيف، تدرك الأمم المتحدة جيداً، أنها مجبرة للرد على رسالة الهيئة العليا التي تسلمتها قبل يومين، إلا أن بان كي مون ودي ميستورا لا يجدان ضيراً في أن يكون الرد في آخر لحظة، لربما تحققت “معجزة” وقرر وفد الهيئة العليا المشاركة. لكن ماذا لو ثبتت الهيئة العليا على موقف المقاطعة؟
غياب معارضة وازنة عن “جنيف-3” يفرغ المؤتمر من أهدافه. وهذه النكتة لا رغبة لأحد في أن يضحك عليها، خصوصاً الولايات المتحدة وروسيا، إذ إنهما على الرغم من جشعهما باتجاه عقد المؤتمر، لن تضيعا وقتاً لفتح أحاديث مع المعارضين الذين دعتهم موسكو، وربما لن تجدا ما يمكن الحديث عنه مع أولئك، كما أن المتواجدين في لوزان، منذ يومين، بدأوا بإثارة المشاكل، وتكذيب دي ميستورا وكيري بأنهم مدعوون كمفاوضين أساسيين وليس كمستشارين.
من جهة ثانية، فإن انعقاد المفاوضات بالشروط الروسية، سيحمل عواقب وخيمة على الجميع، ودخول سوريا في منحدرات خطيرة بعد أن تعلن فصائل المعارضة الممثلة في مؤتمر الرياض انسحابها من المجموعة، وهذا ينذر بانفكاك العلاقة بين المقاتلين على الأرض والداعمين الإقليميين، ولن يكون بمقدور أحد بعدها أن يؤثر على ضبط المعارك عندما تنحو باتجاهات غير مفضلة، أو أن يقول للمقاتلين: تقدموا هنا، ولا تقتربوا من هناك.
ولأن لا أحد يرغب في تعقيد الأمور أكثر، لا تبدو خيارات الأمم المتحدة كثيرة، وهي تدرك تماماً أن لقاءات المعارضات التي جرت في موسكو والاستانة والقاهرة، لم تكن سوى تمضية للوقت، وإيجاد ما يمكن لدي ميستورا أن يفعله ريثما تكتمل صورة “جنيف-3″، وإلا فليس أمامه سوى الاستقالة، التي ستكون ممراً إجبارياً له بعد “جنيف-3” إذا لم يعلن عن تأجيله.
المصدر: المدن
الكاتب: فادي الداهوك