قبل أيام وجيزة إنتهت الجولة الاولى من مباحثات مؤتمر« جنيف 2» وتحديداً في يوم الجمعة المنصرم بين وفدي النظام والائتلاف الوطني السوري , دون أي دلالات إيجابية حول الوضع الإنساني المتفاقم في سوريا ومما لاحظه الجميع في سلسلة اللقاءات هذه والتي أستمرت لأكثر من أسبوع بين الطرفين أنها لم تتطرق إلى مناقشة القضيّة الكرديّة العالقة في سوريا منذ عقودٍ طويلة دون الإشارة إلى أهميّة إدراجها على طاولة التفاوض بالرغم من وجود مشاركين أكراد ممثلين عن المجلس الوطني الكردي ضمن وفد المعارضة السورية .
ولاشك أن مؤتمر « جنيف 2 » ما يزال في بداية مشواره ومن المتوقع أن يمر في مراحل عدّة مقبلة , إلا أن حالة من الغموض والحيرة تسود الوسطين الشعبي والسياسي الكردي في سوريا , وذلك من خلال المشاركة الضيقة التي كانت من حصّة الشخصيات السياسيّة الكردية , المشاركة هناك في المؤتمر سياسياً وإعلامياً , والتي علقَّ الشعب الكردي على أثرها الكثير من الآمال , مما أثار جدلاً ملحوظاً حول الرؤية الممكنة من حضور الكورد في مثل هذه المؤتمرات طالما أن تمثيلهم يخدم المعارضة السورية في كسب الشرعية حسب رأي بعض السياسيين الكورد , دون الخوض في مناقشة مطالب شعبهم وطرح القضية الكردية على طاولة التفاوض والحوار .
وثمة حالة رهيبة من القلق سادت الجولة الأولى من المفاوضات أثناء اللقاءات الرسمية وما جرى خلف كواليسها , الأمر الذي وصل إلى حد الخوف من إنسحاب الكورد من مؤتمر « جنيف 2 » كونهم ومن المتوقع سيخرجون دون نتيجة إيجابية منه , إن لم يدركوا الأخطاء التي حصلت والعمل على معالجتها بالسرعة القصوى ولا سيما أنهم في إنتظار نتائج الجولة الثانية من المفاوضات التي بدأت في العاشر من شباط (نوفمبر الجاري) , في الوقت الذي يتمثل القلق الكردي عن ما سيجري في جنيف هو عدم إتفاق الشخصيات المشاركة فيما بينها على خطة عمل موحدة أو إستراتيجية تحرك ممكنة حول كيفية طرح القضية الكردية أثناء الإجتماعات المصيرية أو في أروقة المؤتمر على حد وصف الشارع الكردي الذي يخشى ترك الأمر إلى ما بعد المؤتمر دون جهود كردية تثبت حقوقهم المشروعة في الدولة المقبلة , خوفاً من أي تفاوض أو إتفاق بين النظام والمعارضة على خطةِ عملٍ موحدة للمؤتمر بعيداً عن أي سياسة تضمن حل للقضية الكردية في سوريا المستقبل لاحقاً .
ومازاد الأمر تعقيداً على الساحة الكردية حول مجريات الأحداث والحلول المتوقعة من مؤتمر « جنيف 2 » هو تصريحات الممثلين الكورد في المؤتمر , فالبعض منهم اعتبر الأولوية في هذا الوقت الحاسم هو وقف آلة القمع والقتل في الداخل ولا سيما إنقاذ الذين يموتون جوعاً تحت الحصار , وذلك عبر حكومة إنتقالية من أجل الوقوف في وجه القوى الإرهابية التي تقف مع نظام الطاغية الأسد في دمشق مثل ميليشيات حزب بالله والجماعات الإسلامية المتطرفة التي تهدف لسرقة الثورة وإنحرافها عن مسارها , الأمر الذي أكد عليه رئيس الوفد الكردي المفاوض ” عبالحميد درويش ” الأمين العام للحزب الديمقراطي التقدمي الكوردي في سوريا , من خلال مداخلته الوحيدة التي أثارت ردود أفعال كثيرة أنعكست سلباً من موقف الكورد منه حول عدم قدرته لإستغلال هذه الفرصة , إذ أنه لم يتحدث عن القضية الكردية ومطالب الكورد وكذلك لم يؤكد على موقف الإئتلاف الذي يؤكد بأن الإرهاب هو من صنيعة النظام في إشارة لحزب الإتحاد الديمقراطي الذي أعلن إدارته الذاتية في المناطق الكردية في الشمال السوري قبل أيام , فكان موقفه أقرب إلى موقف النظام السوري من القضيّة الكردية , لذلك لم يتوان وفد النظام من الإشادة بموقف السيد درويش , في حين أكد البعض أن الهدف من الحضور الكردي في جنيف هو لمناقشة القضية الكردية في سوريا أثناء المباحثات التي ستجرى بين وفدي النظام والمعارضة , ورأى الكثيرون من منظور آخر بأن القضية الكردية هي شأن داخلي يجب أن تناقش في النظام الداخلي للإئتلاف السوري المعارض .
وفي الوقت ذاته أكد ممثل آخر عن الوفد الكردي المفاوض وهو السيد ” إبراهيم برو ” سكرتير حزب يكيتي الكردي في سوريا عن قلق الكورد ممن تعزل المعارضة من إلتزماتها تجاه الإتفاق الموقّع مع المجلس الوطني الكردي وكان واضحاً أن الممثلين الكورد لم يكونوا بصلة لا من قريب ولا من بعيد على الرؤية أو الورقة التي قدمها وفد الإئتلاف إلى الأخضر الإبراهيمي من خلف ظهورهم وكأنهم غير موجودين ضمن الوفد وهذا ما يعتبر ويؤكد بأن القضية الكردية ليست من أوليات هذا المؤتمر .
وفي النهاية نرى أن الشارع الكردي ما يزال في إنتظار الجولة الثانية من مؤتمر جنيف وهو غير مقتنع تماماً بهذا المؤتمر كونه تطرق للدروز وكل مكونات الشعّب السوري دون التنويه للوجود الكردي في البلاد , في إشارة لتجاهل وجودهم القومي في سوريا , في الوقت الذي نالت مؤخراً كلمة السيد أحمد الجربا ” رئيس الإئتلاف السوري المعارض ” ترحيباً كبيراً لدى بعض الكورد من خلال إشارته لكل مكونات الشعب السوري ومن ضمنها الشعب الكردي وخاصة كلمة الشكر التي وجهها الجربا لكل رؤساء الدول الذين قدموا المساعدة للاجئيين السوريين على أراضيها ومنهم الرئيس مسعود البارزاني , رئيس إقليم كردستان العراق .
جوان سوز