كثف أعضاء الهيئة التفاوضية للمعارضة السورية أمس اتصالاتهم لاتخاذ موقف من «كأس السم» الذي تبلغه منسقها العام رياض حجاب من وزير الخارجية الأميركي جون كيري خلال لقائهما في الرياض أول من أمس، وتضمّن الذهاب إلى مفاوضات جنيف بعد أيام لتشكيل «حكومة وحدة وطنية» لتعديل الدستور وإجراء انتخابات يشارك فيها الرئيس بشار الأسد، في وقت اقتربت القوات النظامية بدعم جوي وبري روسي من قطع خطوط الإمداد للمعارضة في ريف اللاذقية من تركيا.
وقالت مصادر مطلعة لـ «الحياة»، إن كيري أبلغ حجاب تفاهماته مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، وتضمنت المشاركة في مفاوضات لـ «تشكيل حكومة مع النظام (وليس هيئة انتقالية)، والعمل على انتخابات يحق للأسد الترشح فيها من دون جدول زمني لرحيله»، بناء على خطة أقرها القرار الدولي 2254 الشهر الماضي على أساس تفاهمات «المجموعة الدولية لدعم سورية» في فيينا التي بنيت على «الخطة الإيرانية الرباعية ذات النقاط الأربع»، وتضمنت «وقف النار وحكومة وحدة وطنية وتعديلاً للدستور وانتخابات». وطلب كيري من حجاب إضافة رئيس «الاتحاد الديموقراطي الكردي» صالح مسلم ورئيس «مجلس سورية الديموقراطي» هيثم مناع ورئيس «الجبهة الشعبية للتحرير والتغيير» قدري جميل إلى وفد المعارضة، أو أن المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا سيدعوهم إلى جنيف بـ «صفتهم مستشارين وخبراء».
وضم الوفد الذي قابل كيري كلاً من حجاب وسالم المسلط وصفوان عكاش وعبدالحكيم بشار ومحمد علوش من «جيش الإسلام». ووفق مصادر مطلعة تحدثت لـ «الحياة»، رفض الوفد تقديم أي تنازلات بخصوص إضافة أسماء جديدة، معتبراً أن جميع أطياف المعارضة ممثلة في نتائج اجتماع الرياض. وطالبت بإيقاف القصف الجوي على المدنيين وفك الحصار قبل بدء أي عملية تفاوضية، إلا أن كيري اعتبر ذلك شروطاً مسبقة. ووفق حجاب، فإن «رسائل» كيري تضمنت «إنذاراً» من أنه على الهيئة التفاوضية أن تذهب إلى جنيف وفق هذه الشروط «وإلا فإن دعمنا للمعارضة سيتوقف».
وأظهرت مناقشات المعارضة الداخلية وحلفائها الإقليميين والدوليين، ظهور ثلاثة اتجاهات: الأول مقاطعة مفاوضات جنيف وحشد نشطاء ومعارضين ضد «الإملاءات الأميركية- الروسية». الثاني الذهاب الى جنيف والتعبير عن «موقف صلب». الثالث بناء استراتيجية مع دول إقليمية لـ «الانتقال من الثورة إلى حرب التحرير ضد الاحتلال الروسي- الإيراني». لكن مسؤولين غربيين نصحوا الهيئة العليا بـ «اتخاذ موقف عقلاني، لأنها لا يمكنها الدفاع عن مقاطعة عملية السلام». وأشارت المصادر إلى رغبة المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا المجيء إلى الرياض وإسطنبول للقاء المعارضة.
ميدانياً، نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر عسكري، أن «وحدات من الجيش والقوات المسلحة بالتعاون مع مجموعات الدفاع الشعبية نفذت عمليات مركزة اتسمت بالدقة والسرعة مستخدمة تكتيكات تتناسب مع المنطقة الجبلية والحرجية وأحكمت خلالها السيطرة على قرية الروضة وبلدة ربيعة» في ريف اللاذقية.
وبالسيطرة على ربيعة، «أصبح الجيش قادراً على قطع طريق تسلل عناصر الفصائل باتجاه اللاذقية جنوباً، ولن يعود بمقدورهم الاقتراب أو إطلاق الصواريخ» باتجاه المدينة، وتحديداً مطار حميميم مقر القاعدة الروسية. وقال الخبير في الجغرافيا السورية في معهد «واشنطن إنستيتيوت» فابريس بالانش: «تعد ربيعة ملتقى طرق في المنطقة»، أهمها تلك التي تصل إلى الحدود التركية التي تبعد 13 كيلومتراً عن البلدة.
وسيطرت قوات النظام أيضاً بدعم من مسلحين موالين، على قريتي دروشان والروضة بعد تمكنها من بلدة ربيعة وقرية طورورس في جبل التركمان، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان» الذي قال إن مستشارين روساً يشرفون على العمليات في ريف اللاذقية تحت قصف عنيف من الطيران الروسي.
المصدر: جريدة الحياة – إبراهيم حميدي الرياض – عبدالهادي حبتور