يعاني اللاجئ السوري المقيم في مخيم الزعتري، شمال شرق محافظة المفرق الأردنية، أيما معاناة فيما يتعلق بالواقع المزري والمرير بالنسبة لواقع حياته اليومية، حيث يتربع على صحراء الزعتري ما يزيد على 80 ألف لاجئ، ممن أجبرتهم قساوة الظروف التي تمر بها سوريا للتوجه للأردن، ريثما تستتب الأمور وتعود الحياة إلى مجراها الطبيعي.
يحصل اللاجئ في مخيم الزعتري على كوبون غذائي تقدر قيمته بعشرة دنانير أردنية، أي ما يقارب خمسة عشر دولاراً أمريكياً مهددات أيضاً بالتخفيض من المنظمة الدولية في أي حين.
ويستلم اللاجئ مستحقاته الغذائية لتبدأ رحلته المريرة في صرفها، والتي قد تستغرق مدة 24 ساعة كاملة أو أكثر إن لم يحالفه الحظ، دون وجود أية وسائط تنقل داخل المخيم الممتد على مساحة شاسعة من الأرض الصحراوية.
ولا تقتصر معاناة اللاجئين اليومية على موضوع صرف الكوبون الغذائي، بل تشمل تلك المعاناة تنقلهم للمشافي الميدانية العاملة في المخيم، وإلى ما تعرف بـ”الإدارة الرئيسية” فيه، وهي المكان المتواجدة فيه المنظمات الدولية والجهات الرسمية الأردنية، المكلفة بمتابعة شؤونهم.
أم محمد مسالمة لاجئة سورية من درعا وأم لأربعة أطفال ولا زوج معها إذ أنه في سوريا يقاتل كما تقول، تشير أم محمد إلى معاناتها اليومية، وهي المصابة بداء في قدميها في المشي أكثر من 3 كيلومترات ذهاباً، ومثلها إياباً لتأتي لأولادها بالخبز اللازم يومياً، فضلاً عن اضطرارها للتنقل بين الأرجاء المختلفة للزعتري لقضاء حاجات أخرى، وكل ذلك في ذات اليوم، وبشكل دوري.
وتضيف أم محمد في شرحها لواقع الحال في حديث لـ”زيتون”: “والله أنها مأساة، أصبحوا يضيّقون علينا من كل الجهات، أذهب لكي أصرف مستحقاتي الغذائية مشياً على الأقدام مسافة لا تقل عن ثلاثة كيلو مترات، أنا أسكن في أول المخيم، وعلي أن أذهب لأخر المخيم، ولا يوجد وسائل نقل، وإلا فعليك أن تستأجر سيارة خاصة وتدفع له 3 دنانير (قرابة سبعة دولارت) كي يوصلك للمكان فقط ولا يعيدك منه، وكل قيمة الكوبون عشرة دنانير لا تكفينا طعام وشراب وفوط لأطفالي، نشكو أمرنا لله فقط”.
من جانبه، يرى أبو رأفت، من ريف دمشق، وهو صاحب محل تجاري في الزعتري، أن معاناة السوريين اليومية من أهالي الزعتري لا تصل إلى الإعلام، الذي يغيب عن نقل همومهم ومعاناتهم، كما يقول.
ويضيف: “طالبنا أكثر من مرة الجهات الأردنية والأمم المتحدة بتوفير باص على الأقل ينقل من لا يستطيع المشي في هذا المخيم القاحل، أنا استغرب كيف لإنسان أن يعتاد على وضع سيء كهذا؟ وكيف لمنظمات تقول عن نفسها أنها تدافع عن الإنسان أن تقبل بأن يصيبنا هذا الأمر ويتم التعامل معنا وكأننا لسنا بشر؟!، لا يوجد إعلام حر، هم يأتون للمخيم، يصورون مدخله، ثم يرجعون ليقولوا للعالم أن اللاجئين السوريين هنا بخير.. إنه الدجل بأم عينه”.
ومسألة اعتماد اللاجئين على المشي للتنقل من وإلى قطاعات المخيم ومرافقه العامة والحيوية والخدمية، أمر مرهق وبالغ الصعوبة في كثير من الأحيان. إذ أن الكثير من اللاجئين هم من كبار السن ومن ذوي الاحتياجات الخاصة, وحتى بالنسبة لصحيحي الجسم، فإن اعتماد المشي مسافة 5 – 6 كيلو متر يومياً, هو أمر مجهد وضار للصحة, سيما مع الارتفاع الشديد لدرجات الحرارة وتصاعد الغبار في المخيم صيفاً، ورداءة الطقس السائد فيه وبرودته الشديدة شتاء.
اللاجئ أحمد الزعبي، يقيم في الزعتري منذ ما يزيد على السنتين يقول: “إذا ما أردت الذهاب للسوق لشراء بعض الحاجيات، أو إذا ما اضطررت لزيارة أحد المستوصفات الطبية، فعليك أن تركب قدميك حتى لو كان برفقتك طفل صغير أو امرأة حامل أو شخص كبير السن … وإلا عليك أن تستأجر سيارة خاصة، وهي مسألة تتطلب توافر النقود في جيبك.. فإذاً ما الذي يفعله الشخص الفقير الذي لا نقود لديه!”.