مع اشتداد المعارك واتساع رقعتها، تطور الصراع إلى مستويات استدعت تدخل حلفاء النظام في المعركة بشكل عسكري مباشر، لمنع انهيار قواته أمام ضربات الثوار. وأهم مجموعات التدخل هي ما أرسله “حزب الله” من قوات عسكرية تقاتل إلى جانب النظام،فقد ازداد تعداد هذه القوات بشكل كبير جداً إلى درجة أصبح فيها الحزب هو القوة الأكثر فاعلية على ساحة المعركة في سوريا، حيث قامت قواته بدور فعال في الحفاظ على نظام الأسد وفي العمليات الهجومية الناجحة التي حققها منذ ربيع 2013 .
“حزب الله” دفع بأعداد كبيرة من المقاتلين إلى الداخل السوري، إلا أن معرفة العدد الفعلي المتواجد على الأرض أمر غاية في الصعوبة، وتصل أعلى التقديرات إلى وجود ما يقارب 10000 مقاتل، ويُعتقد أن هذا العدد هو العدد الإجمالي الذي يتناوب على القتال في سوريا، في أوج معركة القصير في أيار الماضي قدم وزير الخارجية الفرنسي تقديراً للعدد يتراوح ما بين (3000 – 4000) مقاتل، وتشمل قوات “حزب الله” المتواجدة في سوريا قوات النخبة والوحدات الخاصة.
يعتبر “حزب الله” أحد أهم المكونات التي يحشدها النظام والتي تشمل القوات النظامية، والقوات غير النظامية “جيش الدفاع الوطني”، وميليشيا شيعة العراق، وبعض القوات الإيرانية. ولقد أظهر “حزب الله” قدرات مهمة في القتال إلى جانب النظام، فقواته المشاركة في سوريا تتكون من قوات المشاة الخفيفة التي يُعتمد عليها في تنفيذ العمليات الهجومية والدفاعية في مناطق مهمة للنظام.
وبرز دور “حزب الله” في إنجاز بعض المهام العسكرية في سوريا ومنها:
- مهمة تدريبية لقوات النظام (النظامية وغير النظامية) في القتال داخل المدن وحرب العصابات.
- دور استشاري في القتال لقوات النظام (النظامية وغير النظامية) من خلال مشاركته في غرفة العمليات المركزية.
- عمليات تأمين وتدريب المقاتلين وتعزيز دور ميليشيا شيعة العراق في حماية بعض المناطق كما في ضواحي دمشق
- القيام بعمليات قتالية بشكل مباشر في ساحات المعارك الرئيسية كما حصل في القصير.
وقد كان أداء “حزب الله” لهذه المهام فعالاً ومفيداً للنظام فقد نفذ عمليات عسكرية بشكل منفرد وأخرى مشتركة مع قوات النظام ذات الأسلحة الثقيلة (مدرعات ودبابات) ووحدات القوات الجوية والصواريخ. إلا أن هذا الأداء لم يكن موفقاً بشكل كامل وعلى طول خط المعارك، حيث عانت قواته بعض الانتكاسات التكتيكية في القتال خلال معركة القصير، وفشلت في بعض العمليات في الضواحي الشرقية لدمشق خلال القتال العنيف الذي دار هناك أواخر تشرين الثاني من 2013.
كما تكبد الخسائر الفادحة في صفوفه خلال المعارك التي خاضها في مواجهة قوات الثوار في المناطق المختلفة، كما فقد بعض العناصر القيادية أيضاً خلال المعارك، وتفيد بعض التقارير بأن عدد قتلاه بلغ عدة مئات وتجاوز جرحاه الألف عصر، ويمكن أن تكون أكثر من ذلك بكثير أيضاً.
والدور المهم “لحزب الله” هو مهمة التدريب والمساعدة التي بدأت عام 2012، حيث ركز الحزب في التدريب على المجموعات الصغيرة، وتكتيكات حرب المدن وحرب العصابات للجيش السوري، وتفيد المعلومات أن “حزب الله” ساهم في تدريب 5000 عنصر من قوات النظام النظامية وغير النظامية لغاية ربيع 2013. وساهم الحزب في زيادة فعالية القوات النظامية وطوّر قدرات القوات الغير النظامية وجعلها أكثر فائدة لبقاء النظام من خلال المساعدة في تعويض الاستنزاف في القوات النظامية.
وعملت قوات “حزب الله” بشكل كبير في الحفاظ على استمرار النظام في الحرب، وساعدت في عكس مسار المعارك فقد استعاد الحزب قدرة النظام على القيام بعمليات هجومية كبيرة وكان له دور أساسي في نجاح النظام في محافظة حمص وريف حلب ودمشق وضواحيها.
دور ” حزب الله” له تأثيرات كبيرة عسكرياً وسياسياً، وتدخله كان له الدور الفعال في الحفاظ على بقاء النظام، ويعتبر أفضل قوة عسكرية على الأرض في هذه المرحلة من الصراع في سوريا، وقدّم نفسه كحليف يمكن البقاء والوثوق به رغم كل المخاطر السياسية لمشاركته والخسائر البشرية التي تلحق به نتيجة هذا التدخل الطويل والمفتوح.
مهند النادر