زيتون – محمد علاء
“إن أصاب الجوع والبرد أطفالنا اليوم قد نعوضهم غداً، لكن إن لم يتعلموا سيضيع حاضرهم ومستقبلهم”، انطلاقاً من هذا المفهوم يقول “محمود قدسي” إن مكتب التربية والتعليم في مدينة حلب الحرة يبذل كل جهده من أجل إنشاء جيل متعلم يبني وطنه المدمر.
ويشرح “قدسي” المدير السابق لمكتب التربية والتعليم في مجلس مدينة حلب الحرة في حديث اجرته معه “زيتون” واقع الصعوبات التي تمر بها العملية التعليمي والخطوات التي يقومون بها لضمان عملية تعليم الأطفال في مناطق حلب الخارجة عن سيطرة النظام.
وعن واقع المدراس وجاهزيتها قال قدسي:
“اقتصر التعليم على الأبنية السفلية والأقبية، أما المدارس الكبرى فهي أهداف سهلة لطيران النظام، وسبب القصف خروج عدد كبير من المدارس عن العمل، و تتراوح الأضرار في المدارس المستهدفة بين دمار كامل وجزئي، فالتي دمرت بشكل كامل لم يعد ممكناً الاستفادة منها أما التدمير الجزئي فبحاجة لإعادة تأهيل الأبواب والنوافذ والمقاعد الامورالاخرى، بشكل عام المدارس بنسبة 90% مدمرة.
ويتابع: “أحد الأحياء التي كنت أرأس مجلسها المحلي كان يحوي ثمانية مدارس كلها مدمرة، وكذا الحال بالنسبة لحي مساكن هنانو المجاور لي، وهذان الحيان مثال عن أحياء حلب المحررة الـ/62/، ففي كامل مدينة حلب لاتوجد سوى /15/ مدرسة تصلح نسبيا للدراسة وبعضها قد لحقه الضرر أيضاً”
ويضيف قدسي: “لقد أصدرت مديرية التربية والتعليم الحرة منذ بداية العام الدراسي قراراً بحظر التدريس في المدارس الكبيرة، و شدد القرار على أن يحال أي مدير مسؤول عن المدرسة للمحاسبة، في حال لم يلتزم بحصرية التعليم في الأقبية أو في الطابق الأرضي بشرط أن يكون مدشما بشكل جيد حرصاً على سلامة الطلاب”.
وعن الصعوبات الخدمية واللوجستية فيقول قدسي:
“تعطل شبكات المياه هي إحدى الصعوبات التي تواجه القائمين على المدراس، ففقدان المياه يسبب مشكلة كبيرة للطلاب والأطفال الذين يحتاجون الى الشرب والحمامات وهذا أمر أساسي في إعادة تأهيل المدارس، كما نحتاج الى ترميم شبكة الكهرباء، وخاصة في فصل الشتاء، ففي الأقبية يسود الظلام حتى أثناء النهار وخاصة في البيوت التي حولت لمدراس أوفي الاقبية التي تم الاستعانة بها كبديل آمن ومؤقت للمدارس المستهدفة باستمرار”.
وفي ما يتعلق بأعداد الطلاب الذين لا يتلقون التعليم وضح القدسي: “لا يوجد لدينا احصائيات دقيقة للطلاب خارج التعليم، لكن بحسب تقديراتنا التي توصلنا اليها من خلال بحثنا وسؤالنا للطلاب لدينا، فإن نصف عدد الأطفال بحلب هم خارج التعليم، يتوزعون بين ثلثين للإناث وثلث للذكور و/80%/منهم في المرحلة الابتدائية و/15%/ بالمرحلة الإعدادية و5% للمرحلة الثانوية، وسبب قلة الذكور الملتحقين بالتعليم إما التحاقهم بالجبهات مع الأسف أو في العمل من أجل مساعدة أهلهم، عدد الطلاب المسجل لدينا حوالي ال/40/ ألف طالب ويتفاوت هذا العدد بحسب الأوضاع الأمنية في المدينة، ولقد كان العدد أكبر من ذلك بكثير لكن تناقص العدد بشكل كبير مؤخراً بسبب القصف على المناطق المحررة”.
وفيما يتعلق بكفاءة الكوادر التعليمية يجيب قدسي:
“وضع التعليم سيء رغم أنه لم يكن أفضل حالاً في عهد النظام، لكن الوضع الأن هو حالة إسعافية لاستمرار التعليم في مناطقنا فلولا المدراس في المناطق المحررة لكنا امام كارثة كبيرة، والكوادر التعليمية لديها رغبةً بالعطاء لكن ينقصها الخبرة وهي مشكلة كبيرة، فنقص التأهيل والدورات كانت سبباً في قلة تقدم التعليم السليم في مدارسنا.
ونوه قدسي إلى أن الكوادر المؤهلة أغلبها بمناطق النظام إما خوفاً منه أو من أجل رواتبهم التي تعيلهم وامتنع المعلمين عن المشاركة بالتعليم في مناطقنا بنسبة كبيرة ومن يقوم الأن بالتعليم هم شبان وشابات خبرتهم ضعيفة، بدؤوا متطوعين وهم منذ عام فقط يتقاضون رواتب منتظمة.
وختم قائلاً: “عملنا هو عمل اسعافي وهام جداً، واعتقد أننا قادرون على النهوض بالعملية التعليمية لو تجاوزنا هذه الظروف الصعبة فمازال هناك تعليم وأجيال تتلقى، وبدأت تساندنا مراكز تعليمية مهمة لتقوية ورفع مستوى التعليم من دار المعلمين والجامعات الحديثة والمنح التي تاتي من خارج سوريا”.
بحسب دراسة لمنظمة اليونيسف صدرت في كانون الأول/ديسمبر 2013، فقد انحدرت وتيرة التعليم بشكل حاد مع بدء الثورة السورية ودخول البلاد في حرب، إذ أجبِر نحو ثلاثة ملايين طفل على التوقّف عن التعليم بسبب الحرب التي دمّرت مدارسهم واضطرار عدد كبير من الأسر إلى مغادرة البلاد.
وذكرت الدراسة أن واحدة من بين كلّ خمس مدارس في سوريا أصبحت غير صالحة للاستخدام، إما لأنها تعرّضت للضرر أو التدمير أو أصبحت ملجأ للنازحين داخلياً، في حين أن مابين 500 ألف و600 ألف طفل سوري لايتابعون دراستهم في البلدان التي تستضيف اللاجئين السوريّين. وأشارت إلى أن المناطق الأكثر تضرراً لجهة التعليم هي تلك التي تشهد أشدّ المعارك، كالرقّة وإدلب وحلب وديرالزور وحماه ودرعا وريف دمشق، حيث انخفضت معدلات الحضور في المدارس في بعض هذه المناطق لتبلغ 6% فقط.