زيتون – حسن كمال
استمر عدم الاهتمام بالشؤون المدنية للمواطنين عنواناً راسخا خلال الثورة السورية، فكل النشاطات المحلية من قبل بعض الفعاليات لم تتعدى كونها مبادرات لم ترق الى عمل الدوائر المدنية السابقة مما شكل عبئاً ثقيلاً يضاف على كاهل المواطن السوري المرهق أصلاً.
تسلط زيتون هنا الضوء على عمل مؤسسات الدولة السورية في سراقب وتحديداً مايختص منها بالشؤون المدنية والخدمية.
بعد تحرير سراقب نهاية عام/2012/ وعت الجهات الثورية العاملة في المدينة أهمية هذه المؤسسات وضرورة الحفاظ عليها بما فيها، فقامت بالإشراف عليها والتنسيق معها وخاصة بعد تشكيل المجلس المحلي في المدينة، وبقيت هذه الدوائر بكافة مجالاتها فعالة وعلى رأس عملها متمثلة بالسجل العقاري والأحوال المدنية والدائرة المالية بالإضافة إلى محكمة الصلح، وتجنبت المدينة بذلك حدوث أزمة أو فراغ إداري في هذا المجال.
كما بادر المجلس المحلي لمدينة بعد تحرير المحافظة بشكل كامل بطرح فكرة تشكيل هيئة مدنية تضع على رأس مهامها الحفاظ على الدوائر الحكومية في المحافظة وحمايتها من التلاعب، بما يضمن حقوق المواطنين في ظل انتشار مكاتب تزوير الوثائق، وظاهرة الهجرة التي كثرت في الآونة الأخيرة، فكانت هيئة التوثيق القضائي الإجرائي برئاسة قاضي محكمة الصلح وعضوية رؤساء الدوائر، وقامت هذه الهيئة بحفظ السجلات والإشراف على جميع الوثائق الصادرة عنها والوثائق المحفوظة في تلك الدوائر أصلاً.
“أسامة الحسين” مسؤول العلاقات الخارجية في المجلس المحلي قال لزيتون:
إن المؤسسات هي الأعمدة التي ترتكز عليها كل دولة، وإن الحفاظ عليها واجب يترتب على عاتق كل حر يسعى لسورية المستقبل، ومن يود الحفاظ على مقومات الدولة المنشودة يجب أن يميز بين النظام ومايخصه من جهة، وبين الدولة ومؤسساتها من جهة أخرى
ولذلك وتعزيزا منا لهذا المبدأ قمنا باستقطاب عدد من موظفي هذه المؤسسات من اصحاب الاوضاع الخاصة و الذين قام النظام بايقاف رواتبهم تعسفيا لملاك المجلس، للاستفادة من خبراتهم وبراتب لا بأس به يتقاضونه من الدائرة المالية في المجلس.
“عقبة باريش” أحد محامي المدينة، ثمن الخطوة ووصفها بالخطوة الفريدة التي غفلت الفعاليات الثورية في عموم المناطق المحررة عن اهميتها، وأكد لزيتون، أن كل مايخص المواطنين هو أمر مهم ومن الضروري تحييده والمحافظة عليه بل وحمايته من التخريب، كما أن استمرار عمل هذه الدوائر وتحديداً في ظل هذه الأوضاع الصعبة وماتمثله من تهديد حقيقي يحدق بحقوق الناس ووثائقهم الضامنة لها، هو امر يمثل ضرورة قصوى حسب وصفه، ثم اردف قائلاً :
لقد كان الهدف من حماية المؤسسات الحكومية في سراقب بعد تحريرها، هو عدم اسقاط هذه الدوائر كونها خاضعة لنظرية تطور علم الإدارة وليس لها علاقة بإجرام النظام على الرغم مما كانت تعانيه من فساد قبل الثورة حسب قوله.
“أبي عزو” صاحب أحد المكاتب القانونية المعنية بمتابعة معاملات المواطنين في المدينة قال:
“بحكم عملي بتسيير المعاملات أؤكد لكم أن استمرار عمل هذه الدوائر عزز لدى المواطن الثقة بعمل الثورة وصحة عملها وخصوصاً بعد تشكيل هيئة التوثيق القضائي، حيث يتابع المواطنون حالياً تنظيم معاملاتهم ضمن مباني الهيئة بشكل مريح واحترام متبادل وأؤكد ان وتيرة العمل قد ازدادت في الآونة الأخيرة بعد ان تم تخفيض الرسوم المفروضة من قبل الهيئة، ونعمل في مكتبنا على مساعدة المواطنين في انجاز معاملاتهم من تسجيل للمواليد في دائرة النفوس وتنظيم وتوثيق عقود البيع والشراء في السجل العقاري، وتثبيت عقود الزواج في المحكمة، بالاضافة إلى استخراج القيود والأوراق الثبوتية الاخرى التي يحتاجها المواطن”.
وأضاف: “أود لفت نظركم لأمر مهم، إن أية وثيقة تصدر عن الهيئة هي وثيقة رسمية معترف بها، وتخضع للتدقيق في المؤسسات المرتبطة بالدائرة المسؤولة عنها في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، إلا اننا نعاني احياناً في موضوع تصديقها بسبب مزاجية واهمال بعض موظفي تلك المؤسسات في مناطق النظام”.
يذكر أن الدوائر الحكومية قد توقف عملها في أغلب المناطق المحررة وقسم كبير منها تعرض للقصف المباشر من طائرات النظام، ومنها ما لحقه التخريب المتعمد، مما تسبب في ضياع الكثير من الأوراق والمستندات المحفوظة فيها والتي تخص المواطنين بشكل عام، وتكاد تكون مدينة سراقب واحدة من المدن القليلة التي حافظت على عمل المؤسسات الحكومية ان لم تكن الوحيدة في سوريا المحررة.