هي رمز من رموز الثورة السورية بِثباتِها وعزيمتِها , مَن عرف الحَق عرفها حتماً , هي قَنديل النَوروز وشجرةُ الميلاد , تُنبِتُ زهرةً واحدة , هي الحُرية لِكُل سوريا , سُعاد نوفل , لا تنسوا هذا الاسم , احفظوهُ جيداً , هي ابنة الشمال السوري , من مواليد مدينة الرقة 1973 , خريجة كلية التربية , وكانت تعمل مُدرِّسة في مدارس الرقة الحكومية .
تؤكّد على أنّها إنسانة بسيطة من عائلة محافظة فتحت عينيها على ظلم النظام ، ووجدت نفسها في نطاقٍ ضيق بين مواجهة النظام من جهة , والمتشددين الذين يقاتلونه من جهة أخرى , وقد تأثرت سعاد بممارسات هذه المجموعة وتسلّطها , إضافةً لقيامها افي الآونة الأخيرة بعمليات اختطاف لمواطنين وناشطين من المدينة ومحاربتها لبعض كتائب الجيش الحر , عداك عن خناقها المفروض على كاهل سكان المدينة في الرقة وكذلك في بعض المدن السورية الأخرى .
بعد تحرير مدينة الرقة في آذار / مارس الماضي , سلكتِ نوفل نفس المنهج السابق واستمرَت بِمواجهة الظلم بكل أشكاله , على الرغم من أنها تعيش في مجتمع ذكوري ضمن مدينة ذات طابع عشائري , متمسكة بعاداتها الصارمة لأبعدِ حدِّ في تضييق الخناق على نشاط المرأة .
على الرغم من كل ذلك , قرّرت قبل شهرين ونيف بعد أن تم اختطاف الأب اليسوعي باولو دالوليو , والناشط فراس الحاج صالح من الرقة , أن تتحدى وتقف في وجه هذه الجماعة المتشددة على الرغم مما تحمله هذه الخطوة الثائرة من مخاطر وتهديدات كثيرة ، حيث قامت نوفل بالاعتصام بمفردها وبشكلٍ يومي أمام مقر دولة العراق والشام (داعش) في مبنى محافظة الرقة سابقاً , ورفعت لافتات كتبت عليها شعارات مناوئة لهذه الدولة بهدف فضح ممارساتها اللا إنسانية , حيث تنعتها نوفل بـ ” دولة الشر ” .
وبعد أن قام البعض من عناصر «داعش» بإحراق محتويات إحدى الكنائس في مدينة الرقّة ـ التي تسيطر عليها المعارضة السورية المسلحة ـ خرجت نوفل إلى اعتصامها اليومي وحملت لافتة كُتب عليها ” دولة الشر ـ الكنائس لعبادة الله سُبحانه وتعالى ” مشيرة لرمز الهلال والصليب ، استنكاراً لتدنيس «داعش» حرمةَ دور العبادة في الرقة ، ولم تنسَ أن تترك لأهلها ورقة وهي بمثابة وصيّة أو كلمة أخيرة , كتبت عليها « سامحوني هذهِ المرّة » في إشارة إلى معرفتها بمدى خطورة الخطوة التي تعزم القيام بها .
نوفل , الأنثى التي حاربت وتحارب الذل بكل أشكاله , الآن وبعد قرابة الثلاث سنوات وبعد أن قُتل مَنْ قُتل وتشرّد من تشرّد ودُمر ما دُمر وأحبط من أحبط ، تؤكد نوفل إنها تستمد القوة من إرادة الشعب بالحرية والثأر لكرامتها المغتصبة منذ عشرات السنين , وتقول أن كل هذه التضحيات التي قدمها الشعب السوري ليس من أجل إقامة خلافة إسلامية بل من أجل الحرية والكرامة لكل السوريين بعيداً عن الدين والمذهب .
نوفل نجَت قبل أشهر معدودة من محاولة اغتيال لـ «داعش» فأضطررت لمغادرة الرقة بعد تهديداتها المباشرة في قتلها أن لم ترضخ لـ « داعش » , تلك التي تطوي الورقة السادسة والعشرين من روزنامة الإضراب الذي أعلنت عنه قبل ما يقارب الشهر بهدف فك الحصار عن المدن السورية جميعاً وفي مقدمتها الرقة , حمص والغوطتين … هي امرأة , ولكنها بألفِ رجل , استثنائية في شجاعتها , جرأتها يتيمة , لم يسمع باسمها إلا القليلون من هذا العالم ومازال المجتمع الدولي والعربي صامتاً بما تقوم بهِ نوفل دون الرضوخ لمطالبِها , مع العلم أنها في حالة صحية متدهورة في مكان ما في تركيا , لم تكشف عنه نظراً لعدم وجود أي جهة تقدم لها الحماية إلى الآن .