مؤتمر الرياض.. ونهاية مهمة “الإئتلاف الوطني”

438

المدن – منهل باريش

بعد دقائق من انتشار بيان انسحاب حركة “أحرار الشام الإسلامية” من مؤتمر الرياض للمعارضة السورية، وصل وزير الخارجية السعودية محمد عادل الجبير، إلى بهو فندق “انتركونتننتال الرياض”، ليتناقل الحضور أن خبر انسحاب الحركة مفبرك لا صحة له.

وكانت “الجبهة الإسلامية” قد نشرت في “تويتر”، بياناً يعلن إنسحاب “حركة أحرار الشام” -أحد مكونات “الجبهة الإسلامية”- من مؤتمر الرياض. كما أن الصفحة الرسمية لـ”أحرار الشام” في “تويتر”، أوردت البيان.

واعترض بيان “الأحرار” على “مخرجات” المؤتمر، خاصة في ما يتعلق بـ”إعطاء دور أساسي لهيئة التنسيق الوطنية وغيرها من الشخصيات المحسوبة على النظام”، بالإضافة إلى “عدم اعطاء الثقل الحقيقي للفصائل الثورية”.

ومع تضارب الأنباء حول صحة البيان، أكد خبر إنسحاب “الأحرار” رئيس “مجلس شورى الجبهة الشامية” القيادي في “أحرار الشام” أحمد الشيخ (أبو عيسى). وغرّد الشيخ في “تويتر” قائلاً: “لم ولن نتراجع عن قرار اﻹنسحاب من مؤتمر الرياض إذا لم نستطع أن نحقق ما وعدنا به شعبنا المصابر، وقد بينا ذلك قبل دخولنا المؤتمر ببيان واضح صريح”. وهو ما ينذر بخلافات كبيرة داخل أكبر حركة إسلامية سورية معارضة.

وقال مصدر عسكري معارض، من الرياض، لـ”المدن”، إن الإجتماعات كانت “ممتلئة بمعارضة موالية للنظام”، وإن بعض الحضور “نعت الفصائل الثورية بالمسلحين”، وغيرهم “وصفونا بالجماعات المسلحة”.

وكانت الاجتماعات قد شهدت توتراً شديداً صباح الخميس، بعد إصرار “هيئة التنسيق الوطنية” على “علمانية الدولة السورية”، ما زاد التشنج في الاجتماعات.

ولم يتحسن الوضع عندما طرح مُيسر الجلسة، فكرة إحداث “أمانة عامة” و”هيئة تفاوض عليا”، بعدما خشي وفد “الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة” من تشكيل “جسم سياسي” بديل عنه.

وكان الإئتلاف قد سبق وتلقى تطمينات مسبقة من مسؤول الملف السوري في الخارجية السعودية محمد الحربي، بأن الإجتماعات لن تأتي بأي “جسم بديل” عن الإئتلاف.

وعُلقت الجلسة للتشاور والغداء، بعدما طالبت الفصائل العسكرية بنصف مقاعد “هيئة التفاوض العليا”، في ظل رفض أعضاء من “هيئة التنسيق” وبعض المستقلين لذلك الأمر.

وفي السياق، شهدت كتلة الائتلاف توتراً وتغييراً لممثليها في “هيئة التفاوض”، مرات متعددة، قبل أن تثبت كتلتها بثمانية أسماء هم: رياض حجاب وفاروق طيفور وجورج صبرة وعبد الحكيم بشار وسهير الأتاسي ومنذر ماخوس وخالد خوجة ورياض سيف وسالم المسلط.

وتم التوافق، على زيادة مقاعد العسكريين، في “هيئة التفاوض العليا” إلى عشرة، بدلاً من المقترح الأول الذي يعطي الفصائل العسكرية ستة مقاعد. وحصلت حركة “أحرار الشام”، و”جيش الإسلام”، على مقعد واحد لكل منهما، إضافة إلى ثمانية مقاعد للجبهتين: الشمالية والجنوبية.

إلى ذلك، بقيت مسودة البيان الختامي من دون نقاش، بعد أخذ ورد، وإضاعة الكثير من الوقت في الخلاف على حصة كل مكون من “هيئة التفاوض العليا”.

ووقعت على مسودة البيان الختامي بعض المكونات، قبل التوجه للقاء العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز.

وأكد البيان الختامي على “تمسكهم (المجتمعين) بوحدة الأراضي السورية، وإيمانهم بمدنية الدولة السورية، وسيادتها على كافة الاراضي السورية، على أساس مبدأ اللامركزية الادارية”. والتوافق على “هيئة عليا للمفاوضات” يكون مقرها الرياض، لتتولى مهمة اختيار الوفد التفاوضي. وستكون الهيئة “مرجعية المفاوضين مع ممثلي النظام السوري نيابة عن المجتمعين” بحسب نص البيان الختامي. وهذا يعني أن الهيئة قد أصبحت “جسماً” سياسياً بديلاً عن الإئتلاف، بتوقيع الحاضرين، وعلى رأسهم رئيس الإئتلاف وأعضاء وفده.

واتهم عضو “المكتب التنفيذي” في “هيئة التنسيق” منذر خدام، المملكة العربية السعودية، بدور غير “حيادي”، وقال في صفحته الشخصية في “فيسبوك”: “تبادلت الرأي مع السيد المنسق العام (حسن عبدالعظيم) حول ضرورة تحفظ الهيئة بصورة رسمية وعلنية على ما يخالف خطها السياسي، ومتطلبات الحل السياسي المنشود برعاية دولية، ونحن بانتظار عودة الوفد لكي يدرس المكتب التنفيذي حيثيات اللقاء ومخرجاته ويحدد موقفه منها في بيان رسمي”. وتحفظ خدام على “اعتماد الرياض كمقر لهيئة متابعة المفاوضات التي اتفقت المعارضة على تشكيلها”.

وفي الظاهر، يبدو بأن الديبلوماسية السعودية استطاعت انجاح مؤتمر “قوى الثورة والمعارضة السورية” بعد شهور طويلة من تأجيله. وتمكنت المملكة من الحصول على توافقات إقليمية صعبة من الدول الداعمة للثورة، والمختلفة بأجنداتها. ولعل أبرز التوافقات يتلخص بنقل مقر “المعارضة السورية” من تركيا إلى السعودية، ما يُعتبر سابقة منذ تشكيل “المجلس الوطني السوري” نهاية العام 2011 في اسطنبول، وتشكيل “الإئتلاف الوطني” في العام 2012. ولعل البعد الجغرافي يعادله قرب سياسي يستعجل الحل، بتوافق روسي–أميركي.