وبعد أن أزاح الأسد منافسيه المحتملين من السياسيين وكرس بشكل قوي مفهوم الحزب الواحد والحاكم الواحد , من خلال ما سماه مكافحة الفساد , وأصبح الحكم شيئا فشيئا يكرس أيضا مفهوم الطائفية التي استثمرها الأسد بشكل كبير بين أبناء طائفته لتشكيل جبهة طائفية للحكم و بعد ذلك عمد الأسد الى تشكيل ما يسمى الجبهة الوطنية والتي هي عبارة عن شكل هلامي لما يمكن تسميته تعدديه , وأصبحت المشكلة تدور في حلقة مفرغة: فمن ناحية نجد أن السلطة كانت ضرورية لتنفيذ التغيرات الاجتماعية الجذرية اللازمة، وما تستتبعه مع قمع للولاءات الطائفية والإقليمية والعشائرية، ومن ناحية أخرى نجد أن الاحتفاظ بالسلطة كان يستتبعه الاعتماد على تلك الولاءات وبالتالي إعاقة قمعها تجدر الإشارة إلى عودة نشاط مجلس الشعب (البرلمان) يشكل صوري بعد عام 1970 وتم تشكيل الجبهة الوطنية التقدمية 1972 والتي اعتبرت مقصلة للأحزاب السورية المناوئة للحكم الفردي من قبل البعث وأعتبر كل حزب لا يشترك في الجبهة حزب رجعياً يجب القضاء عليه وهذا أدى طبعاً إلى انقسامات حادة في الأحزاب السورية وأبرزها انقسام الحزب الشيوعي إلى جناحين جناح خالد بكداش ( داخل الجبهة ) وجناح رياض الترك ( خارج الجبهة )، وتم إصدار دستور جديد ليكرس حكم حزب البعث للبلاد إلى ما شاء الله..
لم ينتظر السوريون كثيرا ففي العام 1973 بدأ الأسد لعبة جديدة وكانت هذه المرة معتمدة كركيزة أساسية على الناحية العسكرية التي حاول الأسد في فترة حكمه الأولى الظهر بمظهر العسكري المقاوم والمناهض لاحتلال أراض عربية من قبل العدو المفترض إسرائيل , في الواقع كان الأسد قد قرر استعمال نموذج الحشد العسكري لشعبه و لبقية الدول العربية فيما كان بالحقيقة يستعمل الأسلوب السياسي الخبيث في التواصل لتفاهمات معينة مع الكيان الصهيوني , و يذكر أن الأسد غالبا ما استعمل هذا الأسلوب المخادع ليوهم الناس و المنطقة بأنه مقاوم وممانع وحامي حمى المنطقة الإقليمية ذات الحساسية العالية بحكم وجود منابع البترول بقربها
إذن دخل الأسد ما أطلق عليه حرب تشرين التحريرية وهو اسم موازي لما اسماه الحركة التصحيحية و من الملاحظ كيف كان الأسد يعتمد على الشعارات التسويقية في كل ما يفعل من خلال استصدار أسماء رنانة و كان من نتيجة الحرب خسارة سوريا لمناطق جديدة في الجولان وتم منح الأسد بعض الأمتار ليرفع العلم السوري ليظهر أمام شعبه بأنة المنتصر و محرر الأراضي المغتصبة في حين قبلت سوريا بقرار مجلس الأمن 338 الداعي إلى وقف إطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي العربية المحتلة حين بدا أن القرار 338 لن يجد طريقه إلى التنفيذ، تابعت سوريا ضغطها العسكري بإشعال حرب استنزاف ضد إسرائيل في الجولان، استمرت 82 يوماً، وانتهت بوساطة أمريكية بالتوصل إلى اتفاقية لفك الاشتباك بين سوريا وإسرائيل، أعادت الأخيرة بموجبها شريطاً من الأراضي المحتلة يتضمن مدينة القنيطرة
التدخل السوري في لبنان
, تدخل الجيش السوري إلى لبنان في كانون الثاني 1976، بينما كانت نار الحرب الأهلية مستعرة لمدة عام فقط (أي عام 1975)، تحت غطاء الجامعة العربية ليضع، حسب ما زعم، حدا للنزاع العسكري وليعيد الأمور إلى ما ما كانت عليه قبل الحرب. وقد رحبت بدخوله أحزاب اليمين اللبناني المسيحي والمسلمون المحافظون بينما رفضته الفصائل الفلسطينية وحلفاؤها
وبعد معارك في صوفر وصيدا، بسطت سوريا سلطتها على كل لبنان حتى 1977، عندما انتفض عليها المسيحيون كانوا رحبوا بدخولها في بادئ الأمر، وأخرجوها من الأشرفية والمتن وسائر المناطق التي عرفت فيما بعد باسم المنطقة الشرقية ..في دراسة لمعرفة مطابقة الوجود السوري للقانون الدولي، كتب جيرارد فون جلان إن “جددت الحكومة اللبنانية لقوات الردع العربية منذ 1976 حتى 1982، حيث انتهت آخر ولاية شرعية في 27 تموز 1982، إبان الحصار الإسرائيلي لبيروت حيث رفضت الحكومة اللبنانية تجديد الولاية. أما عام 1986، فطلب لبنان رسميا إنهاء وجود سوريا في لبنان، غير أن نقص شرعية هذه السلطة سمح لسوريا أن تتجاهل الطلب. إذن فوجود الجيش السوري في لبنان غير شرعي منذ ذلك الحين..عام 1988، فشل مجلس النواب اللبناني في انتخاب رئيس جمهورية خلفا للرئيس ، للجميل فقام الأخير بتعبين قائد الجيش العماد عون رئيسا للوزراء، مخالفا بذلك الميثاق الوطني الذي أعطى رئاسة الحكومة للمسلمين السنة. رفض الوزراء المسلمون التعامل مع حكومة عون، فأصبح للبنان حكومتان، واحدة عسكرية برئاسة عون في بيروت الشرقية والثانية مدنية برئاسة سليم الحص في بيروت الغربية والمدعومة من السوريين. عارض عون الوجود السوري في لبنان مستندا لقرار مجلس الأمن 520. وشن حربا على الجيش السوري سمّاها حرب التحرير , واجتاحت القوات السورية لبنان في عام 1990.
أصبح لسوريا نفوذ كبير بعد أن أتمت سيطرتها، ففرضت على لبنان سنة 1991 معاهدة “الإخوة والتعاون والتنسيق” لتضفي شرعية على وجودها العسكري في لبنان
وبهذا الوضع حكمت سوريا ولبنان من قبل حافظ الأسد فعليا و من قبل حزب البعث صورياً و تم كتم الأفواه و منع الأحزاب التي كان من المفترض أن تعمل على الساحة السورية و استطاع الأسد إلغاء دور سوريا الريادي في الديمقراطية في المنطقة العربية , والذي باشرنه سوريا بشكل اسبق من بقية الدول العربية و عاشت البلد في هذا المناخ السلبي عدا بضع حركات حاولت أن تنتفض على الأسد و لكنها منيت بضربات قوية بل وساحقة وهي تبرز جلياً في محاولة الإخوان المسلمون الانتفاض على حكم البعث الاسدي المركزي
هي أوسع حملة عسكرية وأوسخها في تاريخ سوريا الحديث و حافظ الأسد وهي التي استمرت 27 يوما حيث وأودت بحياة عشرات الآلاف من أهالي مدينة حماة حيث بدأت في 1982بقيادة العقيد رفعت الأسد شقيق حافظ الأسد بما كان يسمى سرايا الدفاع وهي قطعات عسكرية مدربة تدريبا قاسيا بالإضافة لوحدات من الأمن السري والمخابرات ..وقد تم حشد
ـ سرايا الدفاع
ـ اللواء 47 دبابات
ـ اللواء 21 ميكانيك
ـ الفوج 21 إنزال جوي وقوات خاصة .. فضلاً عن أفرع الأمن المتواجدة في البلد
وبالمجمل كان تحت تصرف رفعت الأسد ما يزيد عن 21 ألف مقاتل
و تشير التقارير وتشير التقارير التي نشرتها الصحافة الأجنبية عن تلك المجزرة إلى أن النظام منح القوات العسكرية كامل الصلاحيات لضرب المعارضة وتأديب المتعاطفين معها. وفرضت السلطات تعتيماً على الأخبار لتفادي الاحتجاجات ولتفادي الاحتجاجات الشعبية والإدانة الخارجية فرضت السلطات تعتيماً على الأخبار، وقطعت طرق المواصلات التي كانت تؤدي إلى المدينة، ولم تسمح لأحد بالخروج منها، وعكست اضطرابات حماة تحولا واضحا في السياسة التي اتبعها النظام السوري من حيث الاستعانة بالقوات المسلحة في ضرب الشعب و هو ما قام به وريثة الولد في بداية الثورة السورية في 2011 ليكمل ما كان عليه والده
وفاة حافظ الأسد
وفي حزيران من عام 2000 توفي حافظ الأسد وتولى العهد بعده ابنه بشار وهو أمر كان أشبه بالتوريث في بلد يفترض انه جمهوري , و بقيت المحاولات الديمقراطية خجولة على استحياء في البلاد ورغم إظهار بشار الأسد لنفسه على انه الرئيس المنتظر وانه سيعيد الحياة البرلمانية والسياسية الى البلد وبأنه سيدخل ( المعلوماتية) وما الى هناك من الكذب الذي لم يقتنع به اغلب السوريون وليصدق حدسهم عند انطلاق شرارة الثورة السورية في العام 2011 حيث قام الولد الأسد بالتعامل بوحشية سبقت حتى والده و تجاوزت عمه السفاح من حيث القتل العشوائي و تسليمه للبلاد ومن فيها وما فيها الى محتل إيراني حاول نشر ثورته الى شواطئ المتوسط , و كان الإيراني يصول ويجول في البلد من قبل الثورة فقد تنازل الأسد الولد عن استقلال البلد وأمنها الوطني والقومي لتتحول سوريا الى مستعمرة لملالي طهران قبل أن ينتفض الشعب السوري مطالباً باستقلاله الثاني .