زيتون – أحمد الإدلبي
تعاني المناطق المحررة في ريف إدلب من العديد من الأزمات المتلاحقة، وتعد أزمة نقص المياه من أشد ما يواجه المجتمع السوري، ففي فترة ما قبل الثورة السورية كانت تصل المياه للمنازل، عن طريق شبكات المياه التي تتصل بآبار جوفية، لكن الأعطال الكبيرة التي ألمت بشبكات المياه وعدم وجود خبراء تصليح لها، أدى إلى خروجها عن العمل، بعد تحرر ريف إدلب.
وإن تعطل هذه الشبكات خلق مشاكل كبيرة لدى المواطنين، بسبب انقطاع الماء عن المنازل، والتي تعد الشريان الأساسي للحياة، وقد خرجت الآبار الجوفية التي كانت تمد ريف إدلب بالمياه، عن العمل بسبب عدم توفر المحروقات اللازمة لتشغيلها.
“محمد” أحد مواطني ريف إدلب تحدث ل”لزيتون” عن وضع المياه: “نعاني من نقص كبير في المياه وخاصة ماء الشرب، ونحتاج إلى هيئات تدعم مشروع المياه، لإعادة المياه إلى البيت السوري الذي افتقدها منذ أربع سنوات”.
فكان لابد للمواطن السوري من البحث عن بدائل لحل هذه الأزمة الخانقة التي ألمت به، ولحاجته الماسة للمياه، مما دفع بعض المواطنين من حفر آبار جوفية لاستخراج المياه، وبيعها للمواطنين، عن طريق نقلها بصهاريج الماء، حيث يباع الماء لصاحب الصهريج بـ 500 ليرة سورية، ويصل صهريج المياه للمواطن 1500ليرة سورية، والذي يعد حملاً ثقيلاً على المواطنين.
معتصم أحد مالكي الصهاريج الذي ينقل المياه للمواطنين يتحدث عن الموضوع فيقول: “نحاول توفير الماء للمواطن بسبب ندرتها، ويعد سعر صهريج الماء مناسب للمواطن، حيث يبلغ تكلفة استخراج الماء الكافي لملء صهريج 200ليرة سورية، بسبب ارتفاع سعر الوقود”.
الأمر الذي ينفيه أحمد أحد المواطنين ويعمل ببيع المازوت: “إن هؤلاء ضعاف نفوس يتاجرون بالدم السوري، وسعر ليتر المازوت 130ليرة سورية، ولا تصل تكلفة الصهريج الذي يصل المواطن 700 ليرة سورية، فيستغلون حاجة المواطن لمصالحهم الشخصية”.
هذا الواقع المرير دفع بعض المنظمات لمحاولة إعادة شريان الحياة للبيت السوري، وضخ المياه في الشبكات من جديد، لكن هذا الأمر لم ينجح بسبب الأعطال الكبيرة في الشبكات، وبسبب عمليات السرقة الكبيرة للمياه، مما دفع هذه المنظمات إلى تشغيل الآبار القديمة، وبيع صهاريج المياه للمواطن بأسعار زهيدة، حيث يباع صهريج المياه للمواطن بـ500 ليرة سورية، لكن هذا الدعم كان محدود ولم يستمر إلا لفترة وجيزة لا تتجاوز الثلاثة أشهر، فعادت عمليات الاستغلال والنهب للمواطن السوري، بسبب الطمع الكبير لتجار المياه وأصحاب الصهاريج.
خالد أحد أعضاء هذه المنظمة التي حاولت إعادة المياه قال ل “لزيتون”: “إن نقص التقنيين والأعطال الكبيرة، دفعنا إلى بيع الصهاريج للمواطن بأسعار تتناسب مع قدراته، لكن الدعم المقدم لنا محدود، وعند نفاذ هذا الدعم سيتوقف المشروع المقدم، وستعود المأساة من جديد”.
إن هذه الأزمة دفعت عقول المواطن السوري لإيجاد طرق لمحاولة التخلص من الاستغلال الكبير لهم، فلجأ غالبية السكان للإفادة من ماء الأمطار في فصل الشتاء، وعدم ذهاب هذه المياه سدى دون الاستفادة منها.
صالح أحد مواطني ريف إدلب أدلى لنا على هذه الطريقة التي يستخدمونها في فصل الشتاء: ” في فصل الشتاء نقوم بوصل مزاريب مياه إلى البئر، حيث يجمع الماء على سطح المبنى ومن ثم ينزل إلى البئر، لمحاولة سد النقص في المياه، ولكن في فصل الصيف تعود الأزمة من جديد”.
ولهذا يطلق أبناء المناطق المحررة صرخات نداء للمنظمات الدولية، لدعم مشروع المياه، وإعادة تفعيل الآبار من جديد، للتخفيف من أزمة المياه، التي تعد أقسى ما يمر به المواطن السوري.