زيتون – حسين جرود
تعاني المناطق المحررة في ريف ادلب من نقص في كمية الخبز اللازم لتغطية حاجة الأهالي، زادت الحاجة مع قدوم النازحين من ريف حلب الجنوبي والمناطق المجاورة له، وبسبب ثورة سراقب المبكرة على النظام وتحررها السريع من فقد عانت من انتقام النظام لها ومحاربته لها في رغيف خبزها.
يغطي فرن سراقب الألي حاجة مدينة سراقب وريفها من مادة الخبز، الذي ينتج أكثر من 16000 ربطة يومياً بشكل تقريبي، ويتوقف ذلك على جاهزيته وعدد ساعات التشغيل، وقدرة طاقته القصوى 24000 ربطة يومياً، مرَّ الفرن بعدد من المشاكل الفنية التي أدت لتعطُّل جزئي بخطوط الإنتاج، أو لرداءة النوعية المنتجة من بعض الخطوط، ثم توقف بشكل كامل بتاريخ 1-4-2015.
بعد تحرير إدلب, ومنذ بدء حالات النزوح التي توافدت على المدينة أصبحت الحاجة ملحة لعمل الأفران الصغيرة لسد النقص في الانتاج وتلبية الطلب الكبير أيضاً، وقد ازداد عدد الافران وإنتاجها بعد توقف الفرن الرئيسي، وتنقسم هذه الأفران إلى: أفران تابعة للمجلس المحلي بمدينة سراقب و أفران خاصة و فرن تابع لجمعية الإحسان الخيرية.
وعن السؤال الملح من قبل المواطنين حول سبب ايقاف الفرن الرئيسي وعدم اصلاحه قال المهندس أحمد الخطيب رئيس المجلس المحلي في المدينة لزيتون: إن كلفة تشغيل الفرن الألي كبيرة جداً مقارنةً بالأفران الصغيرة التي تعمل حالياً.
يطالب الأهالي بدعم الخبز وتخفيض سعره، وتوفيره بكميات كافية، ما يتطلب اهتماماً خاصاً من المجلس المحلي وتامين الدعم الكافي لتخفيض سعر الربطة على المواطن، وايجاد ألية لتوزيعه بشكل يضمن الوصول المتساوي لجميع القرى والأحياء وبالسعر المحدد، عدم هدره بطرق غير صحيحة، أوتوزيعه في أماكن أخرى غير الأماكن المخصص لها.
تتلقى لجنة التموين في المجلس المحلي لمدينة سراقب الشكاوي من قبل المواطنين وتتابعها، كما تخرج اللجنة لمراقبة عمل المعتمدين والأفران بشكل دوري.
يشدِّد علي طه مدير لجنة التموين على أولوية موضوع الخبز ويرى أن له أولوية كبيرة، كونه يمثل قوت الشعب الرئيسي، وهو حاجة يومية أساسية للمواطنين.
واطلعت زيتون على بعض الشكاوى التي قدمت وتقوم اللجنة بمعالجتها منها:
ضبط بتاريخ 11/8، يتعلق بعمل فرن الحي الشرقي التابع للمجلس المحلي و وجاء في الضبط:
“وجدت دورية التموين أن الخبز غير ناضج، وتمت معالجته عن طريق استبدال بيت النار في المخبز الشرقي”.
ومن المخالفات بحق المعتمدين: “خرجت الدوريات بتاريخ 9/8، فوجدوا حالات بيع خبز بالسوق، تم ضبطها ومعالجتها”
وأيضاً: “بتاريخ 2/8، تم ضبط سوء توزيع عند المعتمدين وإنذار أصحاب العلاقة.”
بداية يتم تنبيه المخالف، ثم تُسحب الرخصة منه إن لم يستجب للتنبيه، وقد تم سحب الرخصة من مندوب وتحويلها لمندوب مجاور نتيجة سوء التوزيع.
و بحسب الخطيب فان اكثر الطلبات المقدمة لمكتب التموين هي طلبات المواطنين بنقل أسمائهم من معتمد إلى آخر، وهو أمر يتكرر باستمرا ما يسبب ارباك في توزيع الخبز بشكل دائم.
يقول علي طه: “تحديث قوائم الأسماء يتم كل أسبوع، بسبب قدوم النازحين، أو نقل الأسماء بين المعتمدين أو زواج شباب.”
انتقادات وشكاوى:
شكاوى المواطنين لا تتوقف فيما يتعلق بموضوع الخبز، يقول أحمد فياض وهو طالب جامعي من سراقب: “حجم الخبز صغير ومن المستحيل أن يأتي يوم الجمعة دون أن ننقطع من الخبز لأنهم في يوم الخميس (اليوم الذي يسبق العطلة) لا نحصل على الكمية التي نريدها.”
ورغم جهود المجلس لضبط التوزيع إلا أن هناك نقصاً في كمية الخبز، لا سيما يوم الخميس.
فرن الاحسان الخيري التابع لجمعية الإحسان، توقف عن العمل نتيجة استهدافه بالطيران الحربي وخسر الاهالي 2000ربطة مجانية يوميا, ماساهم بازدياد الحاجة وتفاقمها.
يرى بعض المواطنين أن عدم التنسيق بين الافران الخاصة والافران الخيرية افسح المجال لاهدار كمية كبيرة كسوء التوزيع فبينما تعاني بعض الاحياء من قلة الخبز تفيض الحاجة في احياء اخرى ويذهب هذا الفائض للتجفيف ويباع كعلف للحيوانات.
يقول شاهر المحمد وهو إعلامي من سراقب: “موضوع الخبز المجاني الذي تقدمه الجمعية كان مشروعاً جيداً، ولكنه كان يحتاج الى تنظيم ودراية بالتوزيع، فليس هناك قوائم باسماء المواطنين ويمكن أن تاخذ عائلة عشر ربطات بينما تنام عائلة اخرى على الطوى، فالتوزيع لمن يطلب”.
وفي هذا السياق قال المهندس أسامة الحسين رئيس لجنة العلاقات الخارجية في المجلس المحلي بسراقب ل “زيتون”: الفرن الخيري تابع لمؤسسة الاحسان الخيرية، ولديهم شروط من قبل الداعمين والممولين لهم، ولا يوجد امكانية للتعاون أو التنسيق معهم .
ومع بداية كل نهار يستيقظ أهالي سراقب منتظرين قدوم سيارة التوزيع لشراء خبزهم، كالعادة يتأخر وصول الخبز وينصرف بعض الناس لعملهم ليعودوا بعد فترة ويجدوا خبزهم قد زاد سوءً كما يصف “علي عبيد” من سراقب.
فيما يشكو “أبو غازي” وهو صاحب متجر من جودة الخبز بقوله: “لايحتمل الخبز التاخير فبمجرد أن يبقى لليوم الثاني أو يتأخر توزيعه لا يصلح للأكل، عن أي جودة تتحدثون؟ كما أن الخبز يكوَّم فوق بعضه في سيارات التوزيع، بلا صناديق.
ولعل أهم المشاكل التي يعاني منها عدد كبير من الناس هي أن الأسرة المكونة من ستة أشخاص فما دون تحصل يومياً على ربطة واحدة فقط من الخبز، وهو ما أكده الأستاذ علي طه، ما يفرض على بعض المطاعم اللجوء الى الخيز السياحي ذو السعر المرتفع، يقول “حسام قعدوني” وهو صاحب مطعم: “لا نستطيع الاعتماد على أفران سراقب اطلاقاً، نعتمد في عملنا على مخبز خاص من ريف حلب هو فرن شمسين بسعر 175 ل.س للربطة، حيث يأتي الموزع بشكل يومي، وعندما تنقصنا كمية في وقت ما نحضرها من المخابز الخاصة في كفر عميم، أو غيرها من القرى، فهو أكثر جودة من خبز سراقب”.
تبلغ الطاقة الانتاجية للمخبز الشرقي عن الشهر التاسع 86275 ربطة، وعمل يوم -لا على التعيين- 8-10 هو 4039 ربطة، والطاقة الإنتاجية للفرن الغربي في الشهر التاسع هو 133686 ربطة، وعمل يوم –لا على التعيين- 12-10 هو 5112 ربطة، علماً أن هذه الأرقام غير ثابتة تنقص وتزيد، ويتم زيادة العمل عند قدوم النازحين الجدد.
وأضاف “الخطيب” بخصوص السعر والوزن: “تكلفة الربطة 45ل.س بشكل تقريبي، تكلفة المبيع 55ل.س، وتصل للمستهلك بسعر 60 ل.س، وهذاالسعر موحَّد من المحافظة، فقد وحَّدت المحافظة سعر الربطة، كما وحدت الوزن ب1150غرام”.
وفيما يخص علاقات الأفران بالمؤسسات الأخرى، قال “إن تأمين الطحين تم عبر عقد مع جهة عامة، هي مؤسسة الحبوب، حيث أن ثلثي كمية الطحين تحسب بسعر الإغاثة 17$ للطن، وثلث من الطحين المحلي بسعر 215$ للطن، أما فيما يخص القرى والأرياف التابعة لسراقب فقد تم تسليمها حصتها من الطحين وفق نسب مئوية متوافقة مع نسبة السكان، وتركنا لكل قرية حرية اختيار الفرن الذي تريده لإنتاج خبزها، فمثلاً: قرية الترنبة تعتمد على فرن آفس وهكذا”.
وحول المخاوف من توقف الدعم سألنا “أسامة الحسين”:
“في حال توقَّف دعم الخبز نهائياً، هل تستطيع أفران المجلس منافسة الأفران الخاصة؟ فأجابنا: “نعم، في حال توقف الدعم سيرتفع سعر الربطة إلى110 ل.س، دون التأثير على الجودة”، وأضاف: “في الأيام الخمس عشرة الماضية توقف الدعم بشكل مؤقت، لكننا حافظنا على سعر 60 ل.س ونغطي الخسائر من أرباح الخبز السابقة”.
تصل خسائر المجلس المحلي في موضوع الخبز بسبب توقف الدعم حالياً لأكثر من ربع مليون ليرة يومياً بحسب الخطيب، وأمام موجات النزوح لمدينة سراقب أقر المجلس المحلي للمدينة في اجتماعه الأخير تخفيض كمية ربطة الخبز الواحدة من /12/ رغيف إلى /10/ أرغفة، وكان المجلس قد صرَّح في وقت سابق من هذا الأسبوع إلى زيادة إنتاج الفرنين التابعين للمجلس المحلي للحد الأقصى لما يفوق 10 آلاف و300 ربطة.
ويتساءل الأهالي هنا، هل هذه الزيادة على حساب الوزن؟، وأمام محدودية إنتاج أفران المجلس المحلي وارتفاع أسعار الخبز في المخابز الخاصة تبرز مشكلة الخبز في سراقب في أوقات معينة.
فيما يؤكد “علي طه” أن مراقبة المعتمدين وتعاونهم في تحديد الكمية الأساسية التي يحتاجها كل مركز توزيع، وإلغاء أسماء من غيروا أماكن إقامتهم، كفيلٌ بتحقيق نوع من الاكتفاء، أو عدالة التوزيع على أقل تقدير.