قتل المعارضين ورميت جثثهم أمام منازلهم, قطع رؤوس من يتهم بمساعدة المعارضة المسلحة, ارتكاب المجازر وإبادة عائلات، أساليب يقول أبناء الحسكة إن “مليشيا المقنعين” تعتمدها لبث الرعب في نفوس الأهالي وفرض سيطرة النظام على المدينة.
فقبل حوالي عام، اعتقلت “مليشيا المقنّعين” “أبو ليث” من حي النشوة الغربيّة في الحسكة، واتهموه بالتنسيق مع المعارضة المسلحة، مكث خمسة أيّام في المعتقل، وبعدها قُتل ورُميت جثّته أمام منزله.
الشاب مهيدي الجاسم قصة رواها له أبو ليث، قبل قتله، عن شاب من الحي نفسه، اتهمه “المقنعون” أيضا بالتنسيق مع المعارضة المسلحة، فقاموا بقطع رأسه بمقص الشجر، وألقوا برأسه فوق جسده أمام باب منزله.
الأساليب التي يتبعها “المقنعون” أثارت رعبا في نفوس مدنيي الحسكة، بعدما منحهم النظام صلاحيات واسعة في محاولة لفرض سيطرته على المدينة.
والروايات لا تنتهي هنا، حيث يقول مضر حماد الأسعد، أحد سكان الحسكة، إن مجموعة من “المقنعين” مؤلفة من 12 سيارة بيك آب هاجمت منزل الشيخ “فاعور المسلط” في قرية “سبع سكور” جنوب مدينة الحسكة، وارتكبت مجزرة بحق العائلة نهاية العام الماضي، وأضاف أن الأهالي استفاقوا على عويل النساء، وهرعوا إلى مسرح الجريمة، فوجدوا جميع أفراد العائلة قتلى.
وأشار إلى أن الناس في الحسكة باتوا يرددون مصطلح “المقنعين” للتعبير عن مليشيا “اللجان الشعبية” التي تحولت فيما بعد إلى “جيش الدفاع الوطني” ذراع النظام السوري، وهو مرادف لمصطلح “الشبيحة” في المحافظات الأخرى.
ويقول نشطاء من الحسكة إن النظام السوري يستخدم هذه المليشيا في التعرف على النشطاء العرب في المحافظة، معتمدا على عناصر محلية ممن يعرفون الجميع بالاسم، حيث يُوقِعون بالنشطاء على الحواجز، كما ينفذ “المقنعون” حملات دهم وتفتيش واعتقالات بحق المدنيين.
ويقول أحد سكان حي غويران، يدعى سالم، إن المقنعين كانوا يُشعلون جبهة الحي كلما هدأت المعارك حتى نزح أغلب السكان، مضيفا أنهم مجموعات من اللصوص، وأصحاب السوابق جمعتهم الأجهزة الأمنية، جلهم من “عشائر الجحيش والشرابين وطي، وقلة مسيحية، ومن نازحي دير الزور في الحسكة”، استغلت ظروفهم المادية، لاستقطاب بعضهم عبر الرواتب، وتسهيلات كالحصول على الغاز المنزلي والخبز مع طبابة مجانية في المستشفيات.
وأشار سالم إلى تحول الكثير من عناصر “المقنعين” إلى تجار خبز ومحروقات في السوق السوداء، مستفيدين من السلطة المطلقة الممنوحة لهم في المحافظة.
وأفاد مجد العبيدي الناطق باسم الهيئة العامة للثورة الجزيرة نت، بأن المليشيا مسؤولة عن الكثير من عمليات الخطف والتعذيب والابتزاز والتصفيات بحق المعارضين والمدنيين، لخلط الأوراق وخلق الفتن بين مكونات المجتمع، وكان من جرائمها تصفية “بشير الملا” شيخ إحدى عشائر البكارة في تل تمر بعد حضوره لاجتماع الشخصيات العشائرية المعارضة في تركيا.
ويروي مصعب الحامدي من الحسكة أن النقيب في القصر الجمهوري، بسام عرسان، زار في بداية العام 2013 الحسكة، وتجول في كل المناطق والأحياء، بغرض تشكيل “جيش الدفاع الوطني” ليكون العباءة التي يدخل فيها “الشبيحة” من عناصر حزب البعث إلى إطار القوى الرديفة للمؤسسات العسكرية والأمنية للنظام.
وأضاف الحامدي أن عرسان اتخذ نحو 200 شاب، نواة لهذه المليشيا، وأشار إلى أن عدد عناصر “المقنعين” وصل في المحافظة إلى نحو 3000، موزعين في الحسكة على ثلاثة فروع، يتلقون تدريباتهم على الأسلحة الخفيفة لمدة 15 يوما على أيدي ضباط بمعسكر في ريف القامشلي الذي يُعد أهم معاقلهم بزعامة شيخ قبيلة طي “محمد الفارس”.
ويعتبر المستشفى الوطني في شارع القوتلي بالقامشلي المركز الرئيسي للمقنعين، ويتخذه بسام عرسان مقرا له، وهو مشفى قديم بني للراهبات إبان الاحتلال الفرنسي.
وقال محمود عبد الرحمن من مدينة القامشلي إن النظام السوري يستميل شباب العشائر العربية للانضمام إلى جيش الدفاع الوطني عبر منح كل عنصر راتب يتراوح بين 18 و24 ألف ليرة سورية، (الدولار يساوي 200 ليرة سورية) حسب الأقدمية والمشاركة في عمليات المداهمة والاقتحامات التي تستهدف منازل نشطاء المعارضة وقرى الريف القريب.