سماح خالد – زيتون
وجوه أنهكها التعب و أطفال في ربيع العمر تجردوا من مشاعر الطفولة ليكون اليأس والحرمان رفيق دربهم في مخيمات اللجوء في الأراضي اللبنانية، فهربوا من واقع مرير بعيداً عن مشاهد القصف والدمار ليعيشوا حالة مأساوية من التشرد والذل.
و وفق إحصائيات قامت بها المفوضية العليا للاجئين فقد بلغ عدد اللاجئين السوريين في لبنان حوالي 1,5 مليون لاجئ ويشكل هذا الرقم مشكلة اقتصادية كبيرة على الحكومة اللبنانية، حيث لم يعد بمقدورها استيعاب أعداد إضافية من اللاجئين نتيجة ضعف الإمكانيات الداعمة والمقدمة للحكومة .
كما صرح وزير الشؤون الاجتماعي اللبناني رشيد درباس لصحيفة النهار:” المسألة تفاقمت جداً ووجدنا أن الأرقام أصبحت تشكل خطراً داهماً، واتخذت الحكومة قراراً أبلغته إلى الجهات الدولية، نحن لن نقبل نزوحاً بعد الآن، لأن الوعاء لم يعد يتحمل قطرة ماء واحدة”.
وأعلن الوزير أن خسائر الحكومة اللبنانية بسبب ملف اللجوء السوري قد وصلت ما بين 15و16 مليار دولار.
ووصل عدد المخيمات في لبنان إلى 1400 مخيماً موزعة بشكل عشوائي في الأراضي اللبنانية، وتضم هذه المخيمات 18% من عدد اللاجئين بينما يتغلل نحو 82% منهم داخل المدن، ويواجه الجيش اللبناني بشكل شبه يومي مشاكل في التصدي لعدد ممن يسمونهم بالإرهابيين الذين يهاجمون هذه المخيمات كمخيمات عرسال وعكار حيث وقع ظهر اليوم الاثنين إنفجار ضخم في مخيمات وادي حميد بالقرب من مدينة عرسال أدى لمقتل 4 أشخاص وإصابة 10 آخرين ولم تعرف الجهة المسؤولة عنه وذلك بحسب الوكالة الوطنية للإعلام في لبنان.
يعيش معظم لاجئي المخيمات في لبنان على بعض المساعدات الإنسانية التي تقدمها لهم الأمم المتحدة وبعض دول الخليج ولا تكاد تسد رمقهم، وبعد الضغوط المتكررة من قبل حزب الله اللبناني رفعت الأمم المتحدة دعمها عن مخيمات عرسال التي تضم نسبة كبيرة من نازحي القلمون وريف حمص ليزداد وضعهم سوءا مع اقتراب فصل الشتاء الذي يشكل ذعراً لهم تحت خيامهم المهترئة وشح الإمكانيات التي تدعم موضوع التدفئة، حيث لقي 11 شخصاً من السوريين حتفهم نتيجة العاصفة الثلجية التي أصابت البلاد في الشتاء الماضي معظمهم من الأطفال.
ويواجه لاجئو عرسال مشاكل عدة أهمها سوء الصرف الصحي بعد عجز الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية من الوصول إليها، وكانت سابقاً تجمع المياه بالحفر ليقوموا بسحبها بشكل أسبوعي وبتكلفة مرتفعة وبعد توقف هذه العملية يعيش السكان بحالة يرثى لها فضلاً عن تجمع القمامة داخلها و انتشار الأوبئة والأمراض كمرض التهاب الكبد الوبائي (اليرقان)وتسرب المياه الملوثة لداخل المخيمات.
ويشكل تعليم لاجئي سوريا من الأطفال تحدياً كبيراً في المخيمات حيث قامت منظمة اليونيسيف بوضع استراتيجية لدعمهم تحت عنوان ” جيل غير ضائع” وذلك بهدف تحسين مستوى التعليم لديهم وتأمين بيئة مناسبة لحمايتهم، وبالرغم من الجهود المبذولة من قبل اليونيسيف ومنظمات تعليمية أخرى إلا أن واقع التعليم مازال مترديا بسبب انتشار الجهل بين الأهالي واعتياد الأطفال على حياة التشرد وعدم الاستقرار وغياب دور المنظمات في التوعية والإرشاد.
أم عبد الله لاجئة في إحدى المخيمات اللبنانية تقول:” قامت بعض المنظمات بافتتاح مدارس لأبناء اللاجئين فقمت بإرسال أبنائي إليها ولكنهم تمنعوا بعد عدة أيام من الذهاب وقالوا لي نريد العودة إلى مدارسنا في بلدنا سوريا فهي أجمل ولا يقولون فيها أننا نازحون”.
لايزال ملف اللاجئين السوريين في المخيمات يشكل أزمة وعبئا اقتصادياً نظراً لتزايد عدد النازحين الفارين من الموت الذي بات يلاحقهم أينما ذهبوا، وعجز المنظمات الإنسانية والإغاثية عن تقديم الدعم الكافي لهم.