سماح خالد – زيتون
لم يكن للبلد أن ينهض اقتصادياً بدون وجود العديد من الدعامات الوطنية، أدت التجارة لسنوات طويلة دوراً هاماً في تقوية اقتصاد الدول، لكن الأزمة السورية الممتدة على أكثر من أربع سنوات طالت قطاع التجارة الذي شهد تراجعاً حاداً,
كانت التجارة في سوريا حكراً على آل الأسد وأتباعهم ليُفسَح المجال أمامهم لتهريب ما يشاؤون كتجارة الأسلحة والكثير من البضائع الأخرى عبر الطريق البري بينها وبين لبنان والعراق.
وبحسب تقرير أصدره صندوق النقد الدولي فإن مصادر الدخل الوطني قد تضررت بشكل ملحوظ متمثلة في السياحة والنفط والصادرات الصناعية والزراعية وتضرر حركة النقل الإقليمي البري مما أدى لانخفاض قيمة الليرة السورية والارتفاع المتكرر لسعر صرف الدولار, حيث بلغت خسائر النظام السوري بحسب المصدر أكثر من103 مليار دولار، وفي دراسة قامت بها هيئة تنمية وترويج الصادرات فإن قيمة الصادرات الإجمالي (النفطية والسلعية) قد تراجعت من 1901 مليون دولار لتصل إلى 94,7 مليون دولار، ويعود السبب إلى العقوبات الاقتصادية التي فرضت على النظام والتي أثرت سلباُ على التجارة الخارجية .
وانعكس هذا التراجع سلبا على حياة المواطن السوري بعد أن نقل أصحاب رؤوس الأموال والمصانع والاقتصاديين البارزين في سوريا تجارتهم للخارج، حيث هرب ما يقدر بنحو22 مليون دولار من رؤوس الأموال للخارج وخروج ما يزيد على 60% من رجال المال والأعمال السوريين، وتعتبر تركيا ومصر والأردن وألمانيا والعراق في مقدمة الدول التي حاولت جذبهم إليها وقدمت لهم كافة التسهيلات لإقامة مشاريع اقتصادية.
“سورية .. ليست فندقاً” صفحة أنشأها ناشطون سوريون يسعون من خلالها إلى فضح كبار التجار وأسرهم الهاربين من البلاد إلى باقي البلدان والعواصم العربية والعالمية، أمثال التجار والصناعيين والمسؤولين السابقين، وجاء فيها حسب موقع “الكلمة”: أن هؤلاء هم من كان رمزاً للفساد في الدولة ومنهم التجار المقربين من الدولة والمحظوظين قبل الأزمة بكل صفقات الدولة وهم الطرف الآخر من الفساد والخراب”.
في حين يعيش ملايين السوريين أوضاعاً معيشية واقتصادية صعبة للغاية مع فقدان آلاف السكان لعملهم، وتوقف العمل في العديد من المهن الحرة، فنتيجة الأوضاع الأمنية المتردية ومشاهد القصف اليومي على مختلف البقاع السورية تراجعت الحياة بكافة تفاصيلها وجوانبها, لتتوقف معها الكثير من المصانع والشركات التي استغنت عن الكثير من موظفيها وعن بلدها الذي هو بحاجة لتظافر الجهود لإعادة بناء ما دمره النظام السوري اقتصادياً.
ففي المناطق المحررة نجد عودة النشاط التجاري بينها وبين تركيا، فقد ازداد حجم الواردات التركية من المواد السلعية وبالأخص الغذائية وذلك بسبب توقف أغلب المصانع السورية نتيجة تضررها بشكل شبه كامل وانخفاض أسعارها مقارنة بالبضائع السورية، وبالمقابل استفادت تركيا من تهريب المحروقات والسكر وغيرها من المواد بواسطة مجموعة من المهربين السوريين عبر الحدود مع تركيا.
يبقى المواطن السوري هو الضحية الأكبر في لعبة التجارة وظهور تجار الأزمات الذين استغلوا وضعه الاقتصادي في ظل الحرب السورية التي طالت عليه ولا يعرف متى ستنتهي.