رائحة الموت لم تفارق شارع بغداد قرب مدينة حريتان حتى الآن، هكذا وصف أحد الناشطين المكان الذي أقيم فيه «الحد التعذيري « الذي هو القتل رمياً بالرصاص على فتى ما زال لم يكمل أيام قليلة من عامه الـ 17، وأكمل الناشط حديثه عن وصف هول المشهد قائلاً:
سمعت صوت النساء تصرخ وتبكي لهول المنظر حينها، لم يفارق الطفل الحياة بالطلقة الأولى، وبدأ يتلوى على الأرض، لترتفع وتيرة الذعر عند الناس مع الطلقة الثانية.
أحمد كلش طفل قضى عاماً كاملاً في سجون «القضاء الموحد» منتظراً أن يتم عامه الـ 17 كي يصبح بالغاً من أجل إقامة الحد عليه، بتهمة ممارسة فعلة قوم لوط، بعد أن تم القاء القبض عليه عندما قام برفع دعوة قضائية لدى القضاء ضد أشخاص «اغتصبوه» ظناً منه ومن أهله أن القضاء سوف ينصفه ويأخذ له حقه ويعاقب الجناة، المحسوبون على إحدى الفصائل بمدينة حلب، ليتحول من مدعي لمتهم، ويصدر بحقه حكم القتل رمياً بالرصاص، بحجة أن الممارسات كانت بإرادته، ليقتل في أيام ما قبل العيد، في قصة تشبه إلى حد كبير ما جرى للشهيد محمد قطاع، ذلك الطفل الذي قتل بدم بارد، رمياً بالرصاص، تحت اسم الدين، الذي لا يجيز القتل بمثل هذه الحالات، هذا ما أوضحه الشيخ محمد عبد الله نجيب سالم معلقاً على قرار الإعدام قائلاً :
أولا: البيان فيه مغالطات شرعية لا يوجد اجماع للصحابة على عقوبة القتل، وكل النصوص في ذلك ضعيفة وحتى الحديث الذي صححه الألباني فيه مقال وبعض المحدثين ضعفه.
وفقهيا: المذهب الحنفي الذي حكمت به بلاد الشام أيام العباسيين وأيام العثمانيين لا يجيز القتل في اللواط بل التعزير، والتعزير لا يصل للقتل عندهم وعند الشافعية والحنابلة إن حكم اللواط هو حكم الزنا يعني غير متزوج لا يقتل وإنما يجلد، والمسألة خلافية عند الفقهاء لأنه لا يوجد نص صحيح صريح حاسم، ففي المسائل الخلافية ينبغي ألا تراق الدماء بل يحتاط بها.
ثم حتى لو افترضنا أن الحكم هو القتل: الذي يقوم به هو الامام يعني رئيس دولة وليس قضاة وهيئات شرعية وهذا سبب «التخبيص» لدى كل الهيئات الشرعية ودور القضاء فالحدود ليست لأي قاض أو عسكري أو حامل سلاح أو حتى شيخ، وحكم دار القضاء باطل شرعا ودم المقتولين في رقابهم، واستسهال الدماء واستحلالها يدل على قلة تقوى وقلة ورع ومثل هؤلاء هم أحد أسباب تأخر النصر.
حيث أصدرت دار القضاء التي تضم قضاة وشرعيين من جبهة النصرة وجبهة أنصار الدين وغيرهم، حكما بإعدام كل من أحمد كلش بن محمد وفراس حمدان بن اسماعيل وعلي الحسين بن الحسن.، و بعد تصديق هذا القرار من المجلس القضائي قررت لجنة تنفيذ الأحكام تنفيذ الحكم وفق الأصول الشرعية».
وعلى الرغم من إعلان دار القضاء أن المتهمين الذين صدرت بحقهم أحكام الإعدام اعترفوا بقيامهم بارتكاب هذه الأفعال، غير أنه ووفقا لبيانه الأول، لا يزال منهم ممن وردت أسماؤهم في التحقيقات، طلقاء ومن بينهم شقيق أحد أمراء إحدى الفصائل المشكلة لدار القضاء، وفي البيان المتضمن صدور حكم الإعدام، لم تأت دار القضاء على ذكر أسماء بعض المتهمين الآخرين، في خطوة فسرها عدد من الناشطين بأنها ترمي الى تحييد المذنبين الحقيقيين المنتمين إلى فصيل مقاتل، والذين اغتصبوا الطفل.
أما الكتيبة الي قامت باعتقال احمد كلش بحلب قالت أنها ألقت القبض على مجموعة من اللصوص وكان من بينهم أحمد، وأثناء التحقيق عن السرقة ادعى أحمد على كل من فراس حمدان وعلي الحسين الملقب بالـ «الكبش» وحسان أبو طيرة شقيق فراس حمدان وعلى محمد عبيسان الملقب بالـ «أسود» وزكريا البكاري من حي القاطرجي ومحمد العبد من الميسر، بتهمة اغتصابه مرات متكررة تحت قوة السلاح والتهديد، فتم طلب والد أحمد الى مقر الكتيبة، وابلاغه بالقضية، وتم تنظيم ضبط بحق المتهمين الذين اعترفوا باغتصاب محمد، وأن أحمد ووالده أصبحا مدعيين ضد المتهمين، وتم تحويلهم جميعاً الى دار القضاء، التي بادرت للكشف طبياً على أحمد، حيث أكد الكشف وجود حالة اغتصاب، وكان حينها لم يتجاوز الـ 16 من عمره، ويبقى في سجن القضاء الموحد عاماً كاملاً ليكون جاهزاً للقصاص منه، عندما أصبح مداناً بدلاً من مدعي، يقتل هو ويبقى مغتصبيه طلقاء دون أي ملاحقة.
تحرير زيتون