بينهم مرحلون من لبنان.. تقرير حقوقي: أكثر من 200 حالة احتجاز تعسفي في تموز

كشفت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان عن تسجيل أكثر من 200 حالة احتجاز تعسفي في سوريا خلال شهر تموز الفائت، مشيرة إلى أن معظم تلك الحالات نفذتها قوات وأجهزة أمن النظام السوري، وشملت أشخاصاً تم ترحيلهم قسراً من لبنان.

وقالت الشبكة في تقريرها الصادر أمس الجمعة، إنَّ ما لا يقل عن 209 حالة احتجاز تعسفي بينهم 14 طفلاً، و3 سيدات، تمَّ توثيقها في تموز 2024، وبأنَّ النظام السوري اعتقل 17 شخصاً من المعادين قسرياً من لبنان.

وأوضح التَّقرير أنَّ استمرار عمليات الاعتقال التعسفي سبب ارتفاعاً في حالات اختفاء أعداد هائلة من المواطنين السوريين والذي أصبح بمثابة ظاهرة، لتكون سوريا من بين البلدان الأسوأ على مستوى العالم في إخفاء مواطنيها.

واستعرض التقرير حصيلة عمليات الاعتقال التَّعسفي/ الاحتجاز وعمليات الإفراج عن المعتقلين/المحتجزين من مراكز الاحتجاز التي سجلها في تموز/ 2024 على يد أطراف النِّزاع والقوى المسيطرة في سوريا، ولا يشتمل على حالات الخطف التي لم يتمكن من تحديد الجهة التي تقف وراءها، كما لا تشمل حصيلة المعتقلين الأشخاص المحتجزين بسبب ارتكابهم الجرائم ذات طابع جنائي كالقتل والسرقة والمخدرات وغيرها من الجرائم التي لا تحمل طابعاً سياسياً، أو ذات الصلة بالنزاع المسلَّح والنشاط المعارض للسلطة وعلى خلفية حرية الرأي والتعبير.

وسُجّل في تموز ما لا يقل عن 209 حالة اعتقال تعسفي/ احتجاز بينها 14 طفلاً و3 سيدات (أنثى بالغة)، وقد تحوَّل 157 منها إلى حالات اختفاء قسري. كانت 106 منها على يد قوات النظام السوري، بينهم طفل واحد وسيدتان. و32 منهم على يد هيئة تحرير الشام، و43 آخرين بينهم 13 طفلاً على يد “قوات سوريا الديمقراطية/ قسد”. فيما سجَّل التقرير 28 حالة على يد جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني بينهم سيدة.

توزّع حالات الاعتقال التعسفي

واستعرض التَّقرير توزُّع حالات الاعتقال التعسفي في تموز بحسب المحافظات، وأظهر تحليل البيانات أنَّ الحصيلة الأعلى لحالات الاعتقال التعسفي كانت من نصيب محافظة حلب، تليها ريف دمشق، ثم إدلب، تليها حمص، ثم دير الزور ودمشق، ثم الحسكة.

كما استعرض مقارنة بين حصيلة حالات الاحتجاز التعسفي وحالات الإفراج من مراكز الاحتجاز لدى أطراف النزاع في تموز، وقال إنَّ حالات الاحتجاز التعسفي تفوق حالات الإفراج من مراكز الاحتجاز، إذ لا تتجاوز نسبة عمليات الإفراج 30 بالمئة وسطياً من عمليات الاحتجاز المسجلة، وتفوق عمليات الاحتجاز بما لا يقل عن مرة أو مرتين عمليات الإفراج وبشكل أساسي لدى النظام السوري، مما يؤكد أنَّ عمليات الاعتقال والاحتجاز هي نهج مكرَّس وأنَّ عمليات الإفراج محدودة، لدى جميع أطراف النزاع وبشكل رئيس في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام السوري.

احتجاز المعادين قسراً من لبنان

وأشار التقرير إلى رصد عمليات احتجاز استهدفت لاجئين جرى إعادتهم قسرياً من لبنان في منطقة الحدود السورية اللبنانية عند معبر المصنع الحدودي، بعد تنفيذ الجيش اللبناني حملات دهم واعتقال استهدفت اللاجئين السوريين في لبنان، وترحيلهم إلى الحدود السورية اللبنانية، واقتيد معظمهم إلى مراكز الاحتجاز الأمنية والعسكرية في محافظتي حمص ودمشق.

وقال إنَّ قوات النظام السوري نفذت عمليات احتجاز موسَّعة استهدفت في محافظات ريف دمشق وحماة، بذريعة التخلف عن الخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياطية، وحصل معظمها ضمن أطر حملات دهم واعتقال جماعية، وعلى نقاط التفتيش، ومن بينهم أشخاص أجروا تسويةً لأوضاعهم الأمنية في المناطق التي سبق لها أن وقَّعت اتفاقات تسوية مع النظام السوري، ومعظم هذه الاعتقالات جرت بهدف الابتزاز المادي لأسر المعتقلين من قبل الأفرع الأمنية.

وسجَّل التقرير أيضاً عمليات اعتقال/ احتجاز استهدفت عدداً من الأشخاص أثناء محاولتهم التوجه إلى الحدود السورية اللبنانية للعبور إلى لبنان بطرق غير رسمية، وتركزت هذه الاعتقالات في محافظة حمص. بالإضافة لعمليات اعتقال/ احتجاز نفذتها عناصر الفرقة الرابعة التابعة لقوات النظام السوري بحقِّ مواطنين لدى مرورهم على نقاط التفتيش أثناء محاولتهم الدخول إلى منطقة الحجر الأسود في مدينة دمشق، وذلك لتفقد منازلهم التي نزحوا عنها في وقت سابق. وكذلك عمليات اعتقال/ احتجاز نفذتها الأجهزة الأمنية بحقِّ مدنيين لدى مراجعتهم مراكز الهجرة والجوازات ومراكز استخراج وثيقة “غير محكوم” في المحافظات الخاضعة لسيطرتها لاستخراج وثائق تتعلق بالسفر خارج البلاد.

الاحتجاز التعسفي لدى “قسد”

من جهةٍ أخرى سجَّل التقرير استمرار “قسد” في سياسة الاحتجاز التَّعسفي والإخفاء القسري، عبر حملات دهم واحتجاز جماعية استهدفت بها مدنيين؛ بذريعة محاربة خلايا تنظيم داعش، بعض هذه الحملات جرت بمساندة مروحيات تابعة لقوات التحالف الدولي، كما رصد التقرير عمليات اعتقال/ احتجاز استهدفت مدنيين بتهمة التعامل مع الجيش الوطني، كما سجّلت عمليات اعتقال/ احتجاز استهدفت عدداً من المدنيين بهدف اقتيادهم إلى معسكرات التدريب والتجنيد التابعة لها، وتركزت هذه الاعتقالات في المناطق الخاضعة لسيطرتها في محافظة حلب، وعمليات اعتقال/ احتجاز نفذتها عناصر قوات سوريا الديمقراطية استهدفت عدداً من الأشخاص بتهمة الانتماء لمقاتلي العشائر العربية، وتركزت هذه الاعتقالات في محافظة دير الزور.

وأفاد التقرير باستمرار قوات سوريا الديمقراطية في اختطاف أطفال بهدف اقتيادهم إلى معسكرات التدريب والتجنيد التابعة لها وتجنيدهم قسرياً، ومنعت عائلاتهم من التواصل معهم، ولم تصرح عن مصيرهم.

“تحرير الشام”

وشهدَ تموز عمليات احتجاز نفذتها “هيئة تحرير الشام” بحق مدنيين، تركَّزت في محافظة إدلب وبعض المناطق في ريف محافظة حلب الواقعة تحت سيطرتها وشملت نشطاء إعلاميين وسياسيين ووجهاء محليين، وكان معظمها على خلفية التعبير عن آرائهم التي تنتقد سياسة إدارة الهيئة لمناطق سيطرتها، تمَّت عمليات الاحتجاز بطريقة تعسفية على شكل مداهمات واقتحام وتكسير أبواب المنازل وخلعها، أو عمليات خطف من الطرقات، أو عبر نقاط التفتيش المؤقتة، وسجل التقرير عمليات اعتقال/ احتجاز حصل معظمها ضمن أطر حملات دهم واعتقال جماعية، أو على نقاط تفتيش تابعة لها في محافظة إدلب، استهدفت أشخاصاً على خلفية مشاركتهم في المظاهرات المناهضة للهيئة، وتركزت معظم هذه الاعتقالات في مدينة بنش في محافظة إدلب.

“الجيش الوطني”

مـن جهتهـا نفذت جميع فصائل المعارضـة المسـلحة/ الجيـش الوطنـي عمليات اعتقال/ احتجاز تعسفي وخطف لم تستثنِ النساء منهم، معظمها حدثت بشكل جماعي، استهدفت قادمين من مناطق سيطرة النظام السوري، ومناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، ورصدنا حالات اعتقال/ احتجاز جرت على خلفية عرقية، وتركَّزت في مناطق سيطرتها في محافظة حلب، وحدث معظمها دون وجود إذن قضائي، ودون مشاركة جهاز الشرطة، وهو الجهة الإدارية المخوَّلة بعمليات الاعتقال والتوقيف عبر القضاء، ومن دون توجيه تهمٍ واضحة، وسجَّلنا عمليات اعتقال/ احتجاز شنَّتها عناصر في الجيش الوطني، استهدفت مدنيين بذريعة التعامل مع قوات سوريا الديمقراطية، وتركزت هذه الاعتقالات في عدد من القرى التابعة لمدينة عفرين في محافظة حلب.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*