ذكرت مصادر داخل “هيئة تحرير الشام”، أن قيادة الهيئة ممثلة بـ “أبو محمد الجولاني” اتخذت قرارات بإقالة وإبعاد وتغير مواقع بعض القيادات العسكرية والأمنية البارزة في صفوفها، عقب سلسلة صراعات داخلية بسبب الخلاف على آلية التعامل مع الاحتجاجات الشعبية المناهضة للهيئة في إدلب.
ووفق مصادر خاصة فإن أحد الشخصيات التي طالتها التغييرات هو مسؤول الجناح العسكري المدعو (أبو الحسن 600) والذي ترك منصبه، في حين لايزال ضمن مكونات الهيئة، تقول المصادر إن خلافات وصلت لحد الصدام بين مكونات الجناح العسكري والأمني، نتيجة الممارسات التي تنتهجها أجهزة الهيئة الأمنية بحق المتظاهرين وطريقة تعاطيها مع الحراك الشعبي المناهض لها.
وقالت مصادر لـشبكة “شام” إن خلافات – سبق أن تحدثت عنها في تقرير حمل عنوان (“الجـ ـولاني” ورطها في مواجهة الشعب.. قمع الاحتجاجات يزرع الخلاف بين قادة “الفـ ـتح المبـ ـين”)، تحدث عن خلافات وصل حد التصادم، بين قادة “غرفة عمليات الفتح المبين” في إدلب، بسبب ماآلت إليه الأوضاع الميدانية في إدلب، بعد إدراك عدد من قيادات الغرفة أن قائد “هيئة تحرير الشام” ورطهم في مواجهة الحاضنة الشعبية ورفع السلاح في وجه المتظاهرين.
وتشير المعلومات إلى أن الخلافات في آلية التعامل مع الاحتجاجات الشعبية، أفضت لقرار إبعاد القيادي البارز في الهيئة “مرهف أبو قصرة” المعروف باسم “أبو الحسن الحموي”، الملقب أيضاً بـ”أبي الحسن 600″، ورجحت نقله لقطاع آخر أو خروجه من الهيئة نهائياً في مرحلة لاحقة.
وسبق أن قامت قيادة الهيئة في أواخر عام 2023 باستدعاء مسؤول الجناح العسكري “ابو الحسن 600” للتحقيق فيما عرف بقضية العملاء، ومن ثم أفرجت عنه بعد أيام من استدعائه للتحقيق إثر ورود اسمه في أحد محاضر التحقيق في قضية العملاء لجهات خارجية.
وكانت القوات العسكرية والأمنية التابعة لـ “هيئة تحرير الشام”، إلى جانب حضور بعض فصائل غرفة عمليات “الفتح المبين” واصلت استنفارها في عموم مناطق ريف إدلب، تسببت في تقطيع أوصال القرى والبلدات والمدن الرئيسية في عموم المحافظة، مع حديث عن تحضيرات لعملية أمنية ضد خلايا في المنطقة لم تبدأ بعد.
هذا الاستنفار الذي من المفترض أنه جاء لضرب خلايا أمنية، بعد حادثة استهداف مستودع للذخيرة في ريف جسر الشغور، كان منذ بدايته موضع شك من قبل فعاليات الحراك الشعبي المناهض للهيئة، والتي اعتبرتها في سياق تحجيم الحراك وتقطيع أوصال المدن، وأن الغاية تستهدف تقويض الحراك بالدرجة الأولى، وهذا ماثبت للجميع اليوم.
واعتبر هؤلاء أن الاستنفار جاء متمماً لقمع الاحتجاجات في خيمة الاعتصام بمدينة إدلب، مع إدخال فصائل “الفتح المبين” لإعطاء تنوع في القوى المسيطرة، من باب إظهار القوة أولاً، وإعطاء رسالة أن الأمر ليس منوطاً بهيئة تحرير الشام وحدها، وإنما إشراك لجميع الفصائل في مواجهة الحراك ضمنياً.
وكانت أبدت الفعاليات الشعبية تخوفها من أي حراك أمني للهيئة ضد منسقي الحراك الشعبي، في وقت كانت شهدت مدينة إدلب تعدياً واضحاً من قبل أمنية الهيئة على المحتجين في خيمة الاعتصام وسط مدينة إدلب، وبررت الهيئة هذا التحرك بأنه منظم من قبل تيارات تنتمي لفصيل “حراس الدين وحزب التحرير”.
وشكل استخدام القوة العسكرية والأمنية، في يوم الجمعة 17 أيار، واستخدام الرصاص الحي والمدرعات والغازات المسيلة للدموع ضد المحتجين في إدلب، تطور جديد في الحراك الشعبي المناهض للهيئة التي قررت استخدام القوة المفرطة في ضرب المدنيين العزل، مكررة سياسة النظام في قمع الاحتجاجات، لتكشف هذه الواقعة الوجه الحقيقي لقيادة “هيئة تحرير الشام” التي لم تترك مجالاً لقمع كل حراك ضدها طيلة سنوات مضت.