ذكرت مصادر مطلعة، أن ضغوطات تركية، ألزمت قيادة “هيئة تحرير الشام”، وقف عمليات تهريب البشر إلى تركيا عبر الحدود، والتي تعتبر أحد موارد الهيئة الاقتصادية، في وقت تتجه قوات حرس الحدود التركية لإنشاء محارس على طول الحدود، ستتولى قوات من الهيئة ذاتها عمليات ضبط الحدود مع بين أرياف إدلب والساحل مع تركيا.
وكان شيع مؤخراً عن توترات بين “هيئة تحرير الشام” والقوات التركية في إدلب، وتم الحديث عن طلب تركي بإعادة دبابة اغتنمتها الهيئة بعملية ضد قوات النظام، وأمر آخر هو عملية ضبط الحدود ومنع التهريب، حيث تشرف الهيئة على مكاتب التهريب والمهربين.
ووفق مصادر نقلتها شبكة “شام” فإن اعتراض الهيئة كان على رغبة تركيا إنشاء مخافر لقوات حرس الحدود التابعة لـ “الجيش الوطني السوري” وإشرافهم على الحدود بين تركيا وأرياف إدلب والساحل الخاضعة لسيطرة الهيئة، ويبدو أن التفاهمات انتهت بأن تشرف قوات من “هيئة تحرير الشام” كقوات لحرس الحدود من الجانب السوري، إضافة لإنشاء مخافر تركية على طول الحدود.
وقالت المصادر إن دوريات عسكرية تركية، تضم مسوؤولين من قيادة حرس الحدود، أجرت جولة شاملة على الحدود السورية التركية بين من ريف إدلب إلى الساحل، للكشف على الأنفاق التي يستخدمها المهربون المتعاملون مع “هيئة تحرير الشام” وتفجيرها، إضافة لتحديد مواقع إنشاء المخافر التركية.
ويبدو أن هناك توجه تركي حاسم في إنهاء ملف التهريب بين سوريا وتركيا، وضبط الحدود بشكل كامل، ومنع أي عمليات تهريب سواء للراغبين بدخول تركيا أو لمن يريد التوجه إلى دول أوربا عبر تركيا، كانت تشرف مكاتب الدور التابعة للهيئة على عمليات التهريب بشكل منظم مقابل تفاضي مبالغ مالية بوصول رسمية لكل من يرد عبور الحدود.
ولعل موجة التهجير الكبيرة التي وصلت لمحافظة إدلب، ووصول آلاف الشباب من العديد من المحافظات، وعدم إيجاد فرصة عمل في المحافظة لأسباب عديدة، جعل الحدود التركية هي المقصد لغالبية هذه الفئات الراغبة بدخول الأراضي التركية للبحث عن فرصة عمل وحياة أفضل، حيث تصاعدت حركة العبور بطرق التهريب، جعلهم عرضة للاستغلال والمتاجرة بدمائهم من قبل أطراف عدة.
وتبدأ رحلة الموت عبر مكاتب منتشرة في جميع المناطق في محافظة إدلب، لسيارات مخصصة لنقل الراغبين بالخروج من سوريا عبر طرق التهريب، توصلهم للحدود السورية التركية، في مناطق عديدة منها “خربة الجوز، الدرية، اليمضية، عزمارين، عين البيضا – حارم … إلخ” ومناطق عديدة، حيث يسلم المدنيين لمهربين يتعاملون مع مكاتب السيارات أو سائقي السيارات، مقابل نسبة ضئيلة تزيد عن الأجر الذي يتقاضاه عن نقل المسافرين هي من المهرب ذاته.
وتعتبر مناطق التهريب “مناطق أمنية كبيرة”، لا يمكن لأحد تجاوز القوانين فيها، سواء من المهربين أو المدنيين، حيث أن لكل مهرب طريق ومدة محددة لتمرير المتعاقدين معه من الراغبين بعبور الحدود، عبارة عن “مافيات” كبيرة، تربطها علاقات قوية مع لواء الحدود في هيئة تحرير الشام، والتي تؤمن حمايتها.
وفي عام 2020، أوضح تحقيق استقصائي نشرته شبكة “أريج”، أن “هيئة تحرير الشام” تعتمد بشكل رئيس على عمليات التهريب عبر الحدود باتجاه الأراضي التركية، وذكر التحقيق أن “هيئة تحرير الشام “ربحت مئات الآلاف من الدولارات جراء مكاتب تنظيم عمليات التهريب التي تمّ إحداثها باسم تنظيم التهريب، وذلك عبر ثلاث نقاط حدودية تتحكم بها، وهي حارم والعلاني ودركوش.
وكشف التحقيق عن إحصائيات مصدرها “حكومة الإنقاذ” التابعة لـ”هيئة تحرير الشام” تعود إلى مخافر تابعة للهيئة، تبين عدد المواطنين الذين عبروا باتجاه الحدود التركية خلال الفترة الزمنية التي يغطيها التحقيق.
وبلغ عدد الإيصالات الممنوحة للمواطنين 49032 إيصالاً بقيمة نحو مليون و225 ألف و800 دولار، أي ما يعادل قرابة 300 ألف دولار شهرياً، وهي حصيلة قيمة المرور فقط، وتبدأ رحلة التهريب عبر قطع وصل بمبلغ 50 دولاراً يتقاسمها مكتب الهيئة ومندوب معتمد منها، وهو موظف من قبل الهيئة تقتصر مهمته على التنسيق بين المهربين.
وقدر التحقيق قيمة المبالغ المدفوعة للسيارات بنحو خمسة ملايين ليرة سورية (2285 دولاراً) للسيارات، وثلاثة ملايين و650 ألف ليرة سورية (1666 دولاراً) لورقة المحرم، ويدفع الركاب العائدون من الذين لم تتح لهم الفرصة بالدخول إيجار السيارات أيضاً مبالغ تقدر بنحو أربعة ملايين ليرة سوريّة (1827 دولاراً).