جُرح عدة مدنيين، بينهم أطفال، اليوم الثلاثاء، جراء قصف لقوات النظام والميليشيات المساندة لها، عبر استخدام المسيرات الانتحارية وقذائف المدفعية، المناطق المدنية المأهولة بالسكان، في مدينة دارة عزة بريف حلب الغربي.
وقالت مصادر من فرق الرصد، إن طائرتين مسيرتين استهدفتها سيارتين مدنيتين في منطقة الِأشرفية شرقي المدينة، تسببت في جرح خمسة مدنيين، بينهم أطفال، في حين استهدفت انتحارية أخرى شارع سوق السبت وسط المدينة لم تسفر عن إصابات.
وباتت تتعمد قوات النظام، توجيه الطائرات الانتحارية السيرة إلى المناطق المأهولة بالسكان في العمق، بعد أن كانت تستهدف السيارات المدنية ضمن المناطق القريبة من خطوط التماس أو المكشوفة على مواقع قوات النظام، ماينذر بتصاعد العنف في المنطقة.
وسبق أن اعتبر “نانار هواش” كبير محللي الشأن السوري في “مجموعة الأزمات الدولية”، أن الاستخدام المتزايد للطائرات المسيرة الانتحارية من قبل قوات الأسد، يشير إلى محاولتها “تعويض خسارة القوة الجوية الروسية”، فضلاً عن هدفها في تحقيق “ميزة تكتيكية”.
وقال هواش، إن روسيا مازالت تتمركز في سوريا، لكن رغم ذلك، شهدت الآونة الأخيرة “انخفاضاً ملحوظاً في الضربات الجوية الروسية منذ بدء الحرب الروسية في أوكرانيا”، وعبر عن اعتقاده أن الاستخدام المتزايد للطائرات المسيرة، يشكل “نقطة تحول في ديناميكيات الصراع الحالي في سوريا”.
وأضاف وفق “إذاعة صوت ألمانيا” أن “إيران زودت روسيا بطائرات مسيرة خلال حرب أوكرانيا، وبالنظر إلى أن روسيا وإيران تدعمان قوات النظام في سوريا، فإن الأمر لم يكن سوى مجرد وقت حتى تصل الطائرات المسيرة إلى أيدي القوات التي تدعمها في سوريا”.
في السياق، حذرت الباحثة في “المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية” كيلي بيتيلو، من زيادة اعتماد حكومة دمشق وداعميها من روسيا وإيران، على الطائرات المسيرة الانتحارية في المناطق ذات الأهمية الزراعية مثل حماة وإدلب وحلب، ما يهدد شريان حياة المدنيين، إضافة إلى الخسائر البشرية الفادحة المتوقعة.
وسبق أن نبهت مؤسسة الدفاع المدني السوري “الخوذ البيضاء”، إلى النهج الخطير لقوات النظام، عبر تكرار استخدام المسيرات الانتحارية في مناطق شمال غرب سوريا، لافتة إلى أنها تزيد من تهديد أرواح السكان، وتعرقل تنقلاتهم في ظل تراجع كبير في الاستجابة الإنسانية وتغافل المجتمع الدولي عن حق السوريين بالحياة والحماية من الهجمات الممنهجة التي تستهدف الأعيان المدنية.
ووثقت فرق الدفاع منذ بداية العام الحالي 2024 وحتى تاريخ الأحد 10 آذار، 38 هجوماً بطائرات مسيرة انتحارية، واستجابت فرقنا للهجمات التي استهدفت البيئات المدنية، وأدت الهجمات بالمسيرات التي استهدفت المدنيين واستجابت لها فرقنا لمقتل مدني، وإصابة 11 مدنياً بينهم طفلان.
ولا تقتصر آثار هذه الهجمات على الخسائر المباشرة في الأرواح والأضرار في الممتلكات، إذ يشكل استهداف البيئات المدنية والقرى والبلدات و المزارعين والمناطق الزراعية تهديداً لقوت السكان والدخل لعدد كبير من الأسر، ما يؤدي إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي، وستتأثر قدرة السكان على زراعة المحاصيل كما ستزيد هذه الهجمات من عرقلة الوصول إلى الخدمات الأساسية، ما يؤدي إلى تفاقم التحديات التي تواجهها المجتمعات المنكوبة أصلاً بسبب 13 عاماً من الحرب.
وأشارت المؤسسة إلى الفشل المستمر للمجتمع الدولي في وقف الانتهاكات الصارخة للقانون الدولي الإنساني في سوريا، يفتح الباب مشرعاً لنظام الأسد وروسيا لقتل المدنيين واستخدام منهجيات جديدة في القتل وتحويل مدن السوريين والمرافق العامة وأجساد السوريين لسوق تجرب فيه كل أنواع الأسلحة.