مع انطلاق الحراك الثوري في اذار عام 2011 , لم تترك قوات النظام والميليشيات التابعة لها وسيلة من وسائل الموت و القمع الا و اتبعتها في سبيل قمع اي توجه يعارض وجوددها أو يهدد بقائها ، فابتداء بالاعتقالات التعسفية و اطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين السلميين و ليس انتهاء ببراميل الموت وقذائف المدفعية والدبابات و حمم الطائرات الحربية و الغازات السامة ، كل ذلك أعطى الأسد وميليشياته سجلا حافلا بالاجرام ومشبعا بدماء الأطفال والمدنيين .
ومع دخول الثورة عامها الخامس ، وخروج مناطق شاسعة من سوريا عن سيطرة قوات النظام ، بدأت قوات النظام بابتكار أساليب جديدة من شانها زراعة وتوزيع الموت لاجماعي للمدنيين في المناطق الخارجة عن سيطرتها .
ومع عجز مدفعية قوات النظام عن الوصول الى المناطق المحررة ، وافتقار سلاح الجو لديها لطائرات استطلاع من شانها تحديد المواقع المستهدفة ، كان لابد لعقلية النظام الاجرامية من ابتكار طرق جديدة تمكن سلاح الجو من استهداف المنشأت الحيوية و اماكن التجمعات السكاينة كالأسواق و المساجد و المدارس ، وهنا ظهر الابتكار الجديد وهو شرائح تحديد المواقع .
حيث انتشرت هذه الظاهرة في الاونة الاخيرة بكثرة ، و قد عثر الأهالي على عدد لا بأس به من شرائح تحديد الموقع ،موزعة في مراكز حيوية كالأسواق و المساجد ، كما تمكنت عدد من الكتائب المقاتلة من القاء القبض على عدة أشخاص من العملاء الذين زودتهم قوات النظام بهذه الشرائح من بينهم أطفال .
وبالعودة هذه الشرائح ولفهم الية عملها ، يحدثنا المهندس أبو أحمد وهو فني طائرات من مدينة خان شيخون ، عمل لفترة طويلة في البحوث العلمية و انشق عن النظام في مطلع عام 2012 حيث يقول أبو أحمد :
« ان سلاح الجو في الجيش السوري ، هو سلاح قديم جدا ذو منشأ روسي ، وجميع صواريخ الطائرات الحربية لايمكنها اصابة أهدافها بدقة ، فهي صواريخ غير ذكية ، وتعتمد بدقة الاصابة على مهارة الطيار ، وبالتالي لايمكن أن تكون هذ الشرائح ذات فاعلية بالنسبة للطيار ، هي فقط ترسل احداثيات الموقع الى المطار ، ليتم تحميلها لاحقا على قائمة بنك الأهداف في لوحة النيران في الطائرة «
اما عن الية عمل هذه الشرائح ، يحدثنا خالد عبود ، وهو مهندس اتصالات ومدرس سابق في جامعة حلب فيقول :
« الية عمل هذه الشرائح بسيطة جدا ، تشبه تماما الية عمل الهاتف النقال ، فهي تتلقى الشبكة الخليوية عبر ال SIM CARD المزودة به ، و تقوم بعدها قوات النظام بتحديد دقيق لمكان الشريحة من خلال شركات الاتصالات التابعة لها ، يوجد نمط أخر من هذه الشرائح يعمل باستقبال خدمة انترنت فضائية ولكنه نادر جدا بسبب حجمه الكبير و كلفته العالية «
وبالعودة للحديث عن العملاء ، فقد عملت قوات النظام على تجنيد عدد كبير من ضعاف النفوس والأطفال وأصحاب السوابق وزودتهم بهذه الشرائح ، بهدف تسهيل عمليات تحديد الاهداف و الحاق ضربات موجعة بالحاضنة الشعبية للثورة .
وقد تم كشف خلايا كاملة في بعض القرى تجاوز عدد أفرادها حمسة أشخاص ، ممايدل على العمل المنظم الذي انتهجته هذه الخلايا ، ومن خلال التحقيق مع بعض ممن تمكنت فصائل المعارضة المسلحة من القاء القبض عليهم ، تبين أنهم يتقاضون رواتب ومكافئات ضخمة ، و ان أوامرهم يتلقونها مباشرة من مطار حماة العسكري عبر التواصل من خلال الواتس اب في أغلب الأحيان ، وبأن لهذه الخلايا متزعم يوجه باقي الأفراد و يطلب منهم توزيع الشرائح في اماكن يتفق عليها مع الضابط المسؤول عنهم في مطار حماة العسكري .
وبالتالي تعتبر هذه المجموعات هي الوسيلة الأقذر التي استعملتها قوات النظام لتحقيق مأربها بالابادة الجماعية للمدنيين في المناطق الثائرة ، وبحكم تواجد هذه المجموعات بين المدنيين و باعتبارهم من أبناء القرى والمناطق المحررة وبحكم الفوضى الأمنية التي تشهدها المناطق المحررة و غياب الجهة الأمنية التي من شأنها البحث عنهم واكتشافهم ، فان سكان المناطق المحررة أمام خيار صعب بالموت اليومي المحتم على يد أبناء جلدتهم ، ممايتيتح لقوات النظام قدرة أكبر على استهداف المدنيين والمنشأت الحيوية الى أجل غير مسمى
دانية معلوف