المحرر الثقافي
أثارت جائزة نوبل في الأدب التي صدرت نتيجتها قبل أيّام ردود أفعال عديدة متباينة، فقد نالها الأميركيّ «بوب ديلان» المشهور كمغنٍ، بينما جرت العادة أنّ تُمنح هذه الجائزة سنويّاً ومنذ سنة 1901 لكاتب قدّم «خدمة كبيرة للإنسانيّة من خلال عمل أدبيّ وأظهر مثاليّة قويّة» بحسب وصيّة مؤسّسها «ألفرد نوبل».
واختصّ السوريّون بالمزيد من التعليقات على منح هذه الجائزة لأسباب إضافيّة تتعلّق بهم؛ فمتسوّل الجائزة السوريّ «علي أحمد سعيد إسبر» الذي لقّب نفسه بـ «أدونيس» لم يترك باباً دون أن يطرقه ليقترب من هذه الجائزة، وصار سخرية للكثير جرّاء ذلك، حتّى أنّه كان يحاول التعرّف على جيران شخصيّات يُعتقد بأنّها أعضاء في اللجنة التي ترشّح الأسماء، وما زاد في نفور السوريّين منه ظهور وجهه الطائفيّ الكريه الذي يتنافى أساساً مع الإبداع أو العمل الثقافيّ على الأقلّ، كما قام بعض رسّامي الكاريكاتير بتصويره مغنّياً، وتحوير اسمه بما يشبه اسم من نال الجائزة لهذه السنة.
بينما تمنّى آخرون لو أنّ الكاتب السوريّ «سليم بركات» نالها، ورؤوا أنّه يستحقّ هذه الجائزة، وهو الكاتب الذي لا تأتي على ذكره أجهزة الإعلام أو التعليم الأسديّة، سيراً على نهجها المعهود في التعامل مع المواطنين المبدعين الذين لا يمتدحون عبقريّة القائد، أو مسيرات الإصلاح والتطوير، وما شاكل ذلك، وهم خارج سيطرتها، فلا تأتي على ذكرهم البتّة.
لكنّ نقيب الفنّانين الأسديّين خرج عن هذا النهج، فأعلن تفعيل ما أسماه «مجلس تأديب» وسرعان ما أصدر هذا المجلس بلاغاً بحقّ ثمانية فنّانين هم: «جمال سليمان، عبد الحكيم قطيفان، مي سكاف، مكسيم خليل، لويز عبد الكريم، سميح شقير، عبد القادر المنلا، مازن الناطور»، من أجل المثول أمام المجلس المذكور بناء على قرار مجلس نقابة (زهير رمضان) في سنة 2014، لتأديبهم، ولا يختلف الكثيرون حول سعة معرفة هؤلاء الفنّانين الثقافيّة، ونبل مواقفهم وتوجّهاتهم السياسيّة والوطنيّة. وهذا لا يعني أنّ العديد من الفنّانين يمتلكون مثل معرفتهم ومواقفهم، لكن ربّما لعب الحقد الشخصيّ الذي يتفوّق فيه كائن مخابراتيّ مثل نقيب الفنّانين، دوراً إضافيّاً في انتقاء هذه الأسماء.
على النقيض، يضيّء الفنّان «جهاد عبدو»، كما وصفته الصحيفة البريطانيّة (The Guardian ) الوسيم صاحب الوجه المريح والشعر الرماديّ والابتسامة الجميلة، الذي يذكّر بشخص خرج من السجن لكنّه لا يصدّق أنّه حرٌ بعد.
وقالت الصحيفة إنّ «عبدو» يتمتّع اليوم بالحرّيّة التي كان ينشدها في بلاده التي غادرها بعد تاريخ طويل من الأعمال الفنّيّة الناجحة، فقد اضطرّ لمغادرة سورية، بعد أن علمت مخابرات بلاده أنّه حمّل النظام السوريّ مسؤوليّة قتل الأبرياء فيها.
فهذه فرصة ليدعو مجلس تأديب نقابة الفنّان الأسديّين الفنّان «عبدو» إلى المثول أمامه، وتشجيعاً للأجهزة الأمنيّة الأخرى، مثل إتّحادات الكتّاب والتشكيليّين، وما شابهها من أطبّاء ومهندسين وعمّال وطلّاب، ليمثل مَن تبقّى مِن الشعب السوريّ الذي يطالب بالحرّيّة والكرامة أمام مجلس تأديب، ولينال شرف الموت تحت التعذيب على يد الأجهزة التي يساعدها خبراء أجانب، رغم مقدراتها العالية عالميّاً في القتل، ولكنّ النقص العدديّ فيها يستدعي ذلك، كما أنّها تسعى للدخول في موسوعة «عينيتس» برقم قياسيّ في عدد الضحايا، كذلك تسعى لينال رئيسها اقتداء بأصدقائه ومعلّميه الذين بزّهم كالإرهابيّين مناحيم بيجن وشمعون بيريز، جائزة نوبل في السلام، بتأديب الشعب السوريّ حتّى الموت.