السلاح.. إلى أين؟

هيومن رايتس تدعو المعارضة السورية الى وقف تجنيد اطفال

قال رأس النظام منذ الخطاب الأول في الشهر الثالث من عام 2011 أمام مجلس الشعب، بأن سوريا فيها ستون ألف إرهابي. علما بأنه لم يكن هناك أية مجموعات اسلامية ناهيك عن داعش والنصرة وغيرها، ولم يكن هناك انشقاق لأي عسكري من الجيش السوري. ولكنه كان يخبر الشعب السوري بنيته إدخال الإرهابيين إلى البلد. وهذا ما كان، وقد أنجز الكثير من المثقفين (البعض بحسن نية) و ( البعض بخبث ودهاء) هذه الرؤيا. أما الشعب الذي أنتفض باحتجاجات ومطالب بالحرية والمساواة والعدالة فلم تنطلي عليه هذه اللعبة القذرة بمضمونها و أشخاصها. يقول العميد الركن المنشق مصطفى الشيخ في حوار أجرته معه «صدى الشام منذ شهر:
لماذا ومنذ أربع سنوات لم تنتصروا وأنتم تهتفون لله ورسوله؟ وهل برأيكم أن الشعب السوري حين ثار طالب بالخلافة على منهج النبوة؟ الجميع يذكر ما سمعه منذ الأسابيع الأولى للثورة، من تصريحات بثينة شعبان التي تحدثت فيها عن امارات سلفية وتطرف. لقد التقيت بأحد الخارجين من سجون النظام، وسألته لماذا أخرجكم النظام من السجن؟ قال: الأمر واضح، لأسلمة الثورة».
هجرة متبادلة
بينما يخاطر الشاب السوري بحياته، ويخوض رحلة طويلة يعبر خلالها البحار والغابات. مؤملاً نفسه الوصول إلى إحدى دول أوروبا الغربية، فيبدأ حياة جديدة هادئة ومثمرة في تلك البلاد المتحضرة، هاربا بنفسه عن المشهد العبثي القاتم الذي ترزح البلاد تحت وطأته منذ سنوات. نجد مجاهدين من مختلف أنحاء العالم يـأتون لنصرة الشعب السوري بإرادتهم، ومن عواصم ومدن أوروبية هامة، والغريب بالأمر أنهم يتركون بلادهم وأهلهم، ويمضون نحو دولة الخلافة، التي تهجر الأهالي وتقتل النشطاء وتكبت الحريات في مناطق سيطرتها. فإذا كان الغريب يُجذب بهذا الشكل القوي، فما بالك بالمواطن السوري الذي يتعرض لكل أشكال الرعب والقتل، ولديه ألف سبب للإرهاب والانتقام.
يقول الناشط يسار باريش: «إن المنضمين لتنظيم الدولة غالباً من فئة المراهقين والمليئين بعنفوان الشباب، وهناك من يحمل اضطرابات نفسية يحقق له التنظيم توازن من وجهة نظره، كما أننا لا ننسى تمكن هكذا تنظيمات من تقديم معطيات الجذب لمن يرغب بقتال النظام بدافع نبيل، وهذا يعيد الى أذهاننا فرض النظام السوري وايران للمقاومة عن طريق حزب الله كفصيل حصري، وتصفية كل من عارضه من المقاومة الوطنية. ورغم ان الحزب مر بحالة خلل في الانتماء لكنه استطاع أن يغرس فكره بشكل متجذر حتى لدى أصحاب النوايا الحسنة المضطرين للقبول بقتال اسرائيل من خلاله».
كلما توغلنا زمنياً بعد خدش القشرة الخارجية والحد الفاصل الذي يعبره الشاب في لحظة معينة، تتعقد العلاقة بين العنصر والتنظيم، ونجد أن هناك نوعاً من التنظيمات لها فكرها الخاص الذي تريد بثه بين الناس حيث تطبع العناصر بصفاتها على المدى الطويل. كما أننا نجد بعض الشباب الصغار –ومن بداية انضمامهم- أكثر التزاما بالمفاهيم التي تطرحها تلك التنظيمات، وأكثر تشددا ممن أمضى عمره في ساحات القتال. فإذا تركنا الحماسة وعامل الجذب وجدنا عامل التأثير هو الأخطر.
وقد أكد باريش: «هكذا تنظيمات لا تترك شيء للصدفة بل تسعى لتوريط العنصر وصبغه من حيث لا يدري بصبغتها، وهنا يجدر التنويه أن القسم النظيف بعد فترة من الزمن سيحمل النقيضين (الضحية والجاني)».
من السلمية إلى السلاح
إن من أخطر الأمور التي تعيق تقدم مسيرة العمل العسكري هو روح التحزب للجماعة أو الفصيل أو الأشخاص أو الرايات أو التيار، وقد تعددت الخطط والوسائل المتبعة في سبيل هدف واحد حتى بات الهدف بعيداً وأمسى الوضع قاحلاً، ولم يتأقلم الشعب السوري حتى الآن مع فكرة تعدد الرايات والأعلام فطالما أن الهدف واحد لماذا يبدأ كل فصيل بوضع علمه وفكره وخططه قبل اسقاط النظام. وقد نصب أمراء الحرب انفسهم أوصياء على إرادة الشعب والأمة مستفيدين من التجاذبات الاقليمية.
يقول الكاتب عبد الرحمن حلاق: « أذكر في بداية اللجوء للسلاح حواراً دار بيني وبين أحد الضباط المنشقين في جبل الزاوية. كنت أقول له أن بعض الداعمين الإسلاميين في الكويت يشترطون رفع راية إسلامية، فقال لي بالحرف: يا أخي الناس عبتموت من الحاجة خلهم يرسلون لنا الدعم، ونرفع لهم الراية التي يريدون، وبعد إسقاط النظام لكل حادث حديث». مضيفاً: أنا مؤمن تماماً أنه بعد سقوط النظام ستتساقط هذه الفصائل الإسلامية المتشددة الواحدة تلو الأخرى لأن طبيعة الشعب في سورية لا تحتمل ذلك.
مخاوف
الجانب المخيف بالموضوع أن تطول الأزمة سنوات طويلة بحيث يتمكن هؤلاء الجهاديين من تنشئة جيل منفصل عما سبقه، جيل يتأقلم مع هذا الواقع ويفتقد لمقومات الحياة المدنية. وهنا تبرز الحاجة الملحة لعمل الشباب المدني اليوم لتربية جيل يقابل الجيل الجهادي. دور المدرسة مهم جداً، ودور المثقفين من الشباب في توعية النشء مهم جداً، عبر مراكز ثقافية ونشاطات ثقافية وفنية وأدبية.
يستمر تنظيم الدولة بفرض التجنيد والإجباري كما يقوم بتجنيد الأطفال، ويستمر مسلسل القمع والكبت في أنحاء سوريا مرة باسم النظام ومرة باسم التنظيم، بينما نجد قوة الشعب الحقيقية المدنية معطلة بفعل استمرارية القصف والقتل.
عندما يأمن الشعب على نفسه من القتل سيعود للشارع بكل ثقله. لكنه الآن الشعب يرزح الآن تحت براميل النظام والظروف الاقتصادية السيئة، ويضيق الخناق على الشعب فلا عجب أن يذهب بعض الشباب إلى أوروبا، والسؤال هل تخلوا عن دورهم أم حرموا منه؟.

حسين جرود