شهدت الفترة الأخيرة تطورات واضحة لجهة علاقة النظام بتنظيم الدولة الإسلامية، هذه العلاقات وإن كانت غير واضحة في السابق إلا أنها باتت اليوم مكشوفة بحكم وجود مبادرات واتفاقيات مشتركة لها مفاعيل على الأرض، وبالرغم من حديث النظام عن «عفافه» وكرهه العميق للتنظيم، إلا أن الوقائع تثبت أن زواجاً غير شرعياً حدث في عدة مناطق سوريا، وكانت نتيجته تعزيز العلاقات الأسدية الداعشية فوق الفراش.
في اليرموك تصافح الطرفان
تبدو اتفاقية «تحييد مخيم اليرموك» المعلن عنها سابقاً الوجه الأبرز من اتفاقيات النظام مع التنظيم، حيث أرسل النظام وفداً مكون من محمد عليّان مندوب فرع فلسطين وعدنان إبراهيم أمين سر حركة فتح في سوريا إلى المخيم، محملين برسالة «محبة وسلام» وفتح صفحة جديدة.
ومع علم النظام بأن الجهة المسيطرة على المخيم الآن هي تنظيم الدولة الإسلامية إلا أنه أصر على ما أسماه بـ «إعادة إحياء مبادرة تحييد المخيم».
الناشط مطر إسماعيل من دمشق عقب على الحادثة بالقول «أيعني هذا العهر والعريّ شيئاً غير ما تقوله المقولة الشهيرة «حلال علينا حرام عليكم» بما معناه أن تنظيم الدولة كان ليقتل من صافح النظام فكيف هو يصافحه أصلاً؟.
محمود القدسي، ناشط سياسي يقول «للأسف كل اتفاقيات ما يسمى بالمصالحات صبت بصالح النظام لأنه لا يستطيع أبداً تقبل الرأي الآخر، أما بخصوص المخيم فالنظام استطاع بسبب خبثه أن يتفق مع التنظيم، وهي الرسالة التي يجب أن يفهمها كل الناس، النظام لا يعرف أي شيء سوى مصلحته ومن مصلحته أن يكون هنالك علاقات طيبة مع التنظيم، هذا إذا لم نقل أن هنالك علاقات منذ بداية نشوء داعش».
التنظيم يهرب شبيحة من سجونه في تدمر
تبقى مدينة تدمر القصة الأكثر مأساوية طالما أن المدنيين المقدر عددهم بما يقارب ال100 ألف نسمة يواجهون خيارات صعبة جداً، بين إعدامات داعش وسطوته، وقصف طيران النظام لمنازلهم، وتركهم للمدينة باتجاه الصحراء المجهولة.
فيما أظهر التنظيم فيديو لإعدام مجموعة من جنود النظام تمكن تنظيم الدولة من القبض عليهم، لكن الإعدام الجماعي أخفى خلفه اتفاقاً لتهريب أكثر مساجين النظام شراً.
نشطاء مدينة تدمر قالوا عن حادثة تهريب المساجين «تمكن ثلاثة مساجين من الهروب من سجن داعش في القصر العدلي بتدمر وهم من أخطر وأقذر الشخصيات القيادية في اللجان الشعبية والدفاع الوطني سابقاً، ولم يتم العثور عليهم حتى اللحظة».
لكن أردف أحد النشطاء بقوله «لن يتمكن أحد من إقناعي بأن العملية تمت من دون تنسيق «وختم»، ارحموا عقول البشر يا بقر».
أشرف المحيميد، الناشط الإعلامي من ريف حمص يقول «في هذه الحالة النظام اختار أكثر الأشخاص من مؤيديه وشبيحته في سجون داعش ويتفاوض عليهم، مقابل مبالغ ضخمة تصل إلى 10 ملايين ليرة سورية للشخص الواحد أو تبادل مقاتلين من داعش مع مقاتليه، أما الحالة الأهم وهي تنازله عن منطقة معينة لصالح التنظيم».
في دير الزور والرقة طريقة السرقة واحدة
مقابل ضربات التحالف الدولي التي انهالت على الرقة ودير الزور في اعنف ضربات وجهها التحالف للتنظيم ـ كما قالت وسائل الإعلام غربية ـ تبدو تصرفات عناصر تنظيم الدولة وشبيحة النظام واحدة.
أبو رضوان، 28 عاماً، من مدينة الرقة يقول «سألت أحد قادة التنظيم عن سبب عدم إستهداف قوات التحالف أو طيران النظام لقيادات التنظيم، فأجاب بأنه يتضرع طوال الليل حتى يبقى محمياً، فسألت في قلبي ولماذا لا تتضرع لباقي الناس الذين يموتون بسبب القصف».
ممارسات كثيرة لعناصر تنظيم الدولة الإسلامية مشابهة كثيراً لما يقوم به النظام، وخصوصاً من ناحية التعفيش وسرقة الناس والمنازل ـ كما يقول مواطنون من الرقة ودير الزور ـ ولا يستغرب أحد أن يكون الطرفين من مدرسة واحدة.
أبو منصور، 36 عاماً، محامي من دير الزور مقيم خارج سوريا حالياً «الاتفاقات واضحة جداً، فالتنظيم الذي يعتبر النظام ومن ينتمي إليه كافر يستورد مواد كثيرة من مناطقه».
ويردف «حتى فيما يخص تجارة الآثار، تجد هنالك عناصر من داعش و شبيحة من النظام يبيعون ويشترون من بعضهم ليتاجروا فيها خارج البلاد».
حالات كثيرة ذكرها مواطنون من مناطق سورية كثيرة لا تعني أن تنظيم داعش والنظام مع شبيحته في خلاف كما يظهر، وإنما توحي بأن هنالك تعايشاً يصل إلى الحميمية، أكثر الخاسرين فيه هو الشعب السوري.
حازم حسون