خلال ما يقارب السنة تحول اسم «عرسال» إلى عنوان رئيسي لأغلب وسائل الإعلام العالمية والعربية، المدينة الصغيرة بحجمها، اتسعت لما يقارب ضعفي سكانها، لاجئين سوريين تجاوزوا الحدود هرباً من الحرب وجحيم مدافع وطائرات النظام السوري، تصارع فيها سياسات العالم العربي، وأدرك منها العالم حجم معاناة اللجوء السوري، إلا أنه اليوم هنالك لحظة أمل صنعها فريق سوري بسيط بإمكانياته ولون حياة الأطفال اللاجئين في صميم قتامة الموقف.
بداية الفريق من وحي الحاجة
خطوط حمراء صغيرة، ودوائر، يرسمها الأطفال، تخلق شكل وردة صغيرة على أحد الخيم الباردة في شتاء عرسال المميت.
تعمد مجموعة من الشباب خلق تلك الوردة طالما أنها صناعة الأمل.
صيف عام 2014 كانت الأكثر حراً في عرسال، حرب كان أضعف أطرافها اللاجئين حيث لا معين لهم وهم أكثر من خسر، خرجت على إثرها الغالبية الساحقة من المنظمات الإنسانية والدولية العاملة في إغاثة اللاجئين.
المشهد كما يقول أعضاء فريق الإحسان التطوعي «بدا قاتماً» فلا منظمة يعتمد عليها اللاجئون ولو قليلاً بقيت، ولم يبق وهو ما شكل بداية تشكيل فريق الإحسان.
عبد الله الطويل الناشط في مجال العمل الإنساني والدعم النفسي يقول:
«تطوعت لخدمة اللاجئين السوريين منذ حوالي سنتين في عرسال وبفضل خبرتي في العمل الإنساني والإغاثي والدعم النفسي تمكنت من تأسيس فريق الإحسان التطوعي واستطعت بعدها أي قبل ما يقارب السنة من جمع ما يقارب العشرة شباب وفتيات لنطلق نواة فريق شباب الإحسان التطوعي».
الفريق وصل لـ3 آلاف طفل وثلث لاجئي عرسال
ورغم صعوبة الظروف وتحديداً المعيشية، بدت استجابة اللاجئين السوريين في عرسال لفريق شباب الإحسان في تطور، وبدأ بعدها الفريق بحصد النتائج من خلال مشاركة الأطفال على وجه الخصوص.
يشرح عبدلله الطويل مؤسس فريق شباب الإحسان التطوعي لـ «جريدة زيتون» بعض الأعمال التي أنجزها الفريق حيث يقول: «تمكنا من الوصول في مساعدتنا إلى ثلاثين مخيم ما يعادل ثلث مخيمات عرسال فيما بلغ عدد الأطفال المستفيدين من حملات الفريق ثلاثة آلاف طفل».
التوجه للأطفال بد السمة البارزة للفريق حيث خصص معظم حملاته لدعم الأطفال إن كان بطريقة نفسية أو مادياً عبر مستلزمات معينة حيث يوضح عبدلله الطويل: «نفذنا حتى الآن حملة لتوزيع الأحذية الرياضية الممتازة لـ 1500 طفل، وحملةكنزات شتوية ممتازة لـ 500 طفل وحملة كسوة شتاء لـ 1300 طفل بالإضافة إلى تقديمنا نظارات طبية لـ 50 شخص».
فيما شارك الفريق أطفالاً لتحفيزهم على الإبداع وصناعة محتوى خاص بهم وهو ما يشير إليه أعضاء الفريق بقولهم: «نفذنا حملات تطوعية مثل الرسم عالخيام وزيارةالمدارس وتقديم الدعم والترفيه للأطفال».
تحفيز خيال الطفل عبر الرسم بدا إشكالية، خصوصاً وأن في ذهن الأطفال صوراً -ومازالوا يحملون– لما حصل في سوريا وللحرب التي عانوا منها، وحتى خلال انتقالهم إلى لبنان والعيش في خيام، إلا أن أعضاء الفريق عمدوا على دعم الأطفال نفسياً بخلق صورة أكثر تفاؤلاً وأملاً في خيالهم بعيدة عن تخبطات السياسة.
في هذا الصدد يقول عبدلله الطويل «الرسم عالخيم أعطىالأطفال مساحة حرية كبيرة فشادر الخيمة طوله /6/ أمتاربارتفاع /3/ أمتار استخدموه كلوحة لرسم كل ما يحبونه أو يتخيلونه عن الجنة مثلاً».
في رسومات الأطفال بدت أيضاً أشجار وزهور و عصافير كتعبير صارخ عن رغبتهم بعيش السلام الذي لم ترغب بها آلة الحرب الطاحنة في سوريا.
من أين يحصل الفريق على دعمه؟
يبدو موضوع الدعم عموماً والدعم المادي تحديداً، قضية حساسة للكثيرين، وخصوصاً عندما يتعلق الدعم بالتبعية لجهة معينة وبالتالي تبني خطها ومسارها.
عن هذه النقطة يقول أعضاء فريق شباب الإحسان «نحن نتواصل مع فعاليات تطوعية سوريّة في الخارج وأناس لهم باع بالعمل الإنساني ونقوم بطرح أفكار مدروسة معإثبات حاجة المخيمات للشيء المطلوب ونقدم فواتير موثقة بذلك قبل وبعد القيام بالحملة وبصورة علنية».
يعتمد الفريق على الانترنت في شرح مراحل الحملة التي سيقومون بها وهو ماجعلهم يضمون «300» شخص مهتمين بالعمل الإنساني إلى «مجموعة عبر شبكات التواصل الاجتماعي» والتواصل معها لتوضيح كل شيء غامض في عملهم.
ثم يردف الفريق: «مثلا لاحظنا أن هنالك أطفال في بعض المخيمات ليس لديهم أحذية فقمنا بتصوير معاناتهم وطرحنا فكرة شراء أحذية لهم ثم جمعنا مبلغاً معيناً، اشترينا بعدها أحذية ثم وزعناها على أكثر المخيمات المحرومة والفقيرة بطريقة نشاط ترفيهي انتهت بحصول كل طفل على هدية وهو حذاء».
الناشط في المجال الحقوقي والإنساني فاروق الريّس يشير في ذات السياق «تشتيت المبلغ الذي يتم التبرع به عبر عدد من المتبرعين يعني أن يقلل من تبعية الفريق إلى جهة معينة أو شخص محدد، وعلى العكس الجمعيات أو المنظمات التي تتبع تمويل من شخص محدد معرضة للتبعية بصورة أكبر».
فيما يوضح الناشط فاروق الريّس بخصوص «فكرة توزيع المساعدات كجوائز مميزة جداً، حيث أنها تثير الأطفال للمشاركة في النشاط الذي هو بطبيعته خلّاق، وتنتهي بعدم إشعار الأطفال بأنهم محتاجين وبالتالي وجب إعطائهم المساعدة، وإنما إشعارهم بقيمة ما قاموا به، وأيضاً بقيمة ما حصلوا عليه».
هو ليس الأسلوب الوحيد الذي يعتمد عليه فريق شباب الإحسان التطوعي في دعم وتحفيز الأطفال، إلا أنه يجعل بمجمله «جيلاً ضائعاً» كما أسمته منظمات العالم، قادراً على التعبير والمشاركة في حياة ربما ستكون في المستقبل القريب أفضلاً.
حازم حسون