بعد سنين من هدوء الجبهات بين نظام الأسد وإسرائيل على حدود وقف إطلاق النار لعام 1974، خرجت إلى العلن منذ فترة سبقت إرهاصات على صعيد البرود التي ساكن جبهات الجولان لجهة وقف إطلاق النار عقوداً طويلة كانت تطرب فيه نفس المسؤولين العبريين بعبارات الشكر المسترسلة على لسانهم لنظام البعث، حامي الحدود.
زيتون – أسامة العيسى
من جانب آخر ومنذ المرحلة التي تلت اندلاع الثورة السورية ودخولها مرحلة التسليح، واضبت إسرائيل على الاحتفاظ بخط متوازي من حيث العلاقة مع النظام السوري والمعارضة المسلحة، في سبيل إبقاء الحدود بين القنيطرة والجانب المحتل منها في هضبة الجولان مطمئنة قدر الإمكان، فكان لها تنسيق مع كلا الجانبين، بين الظاهر والعلني، إلا أن الاحتكاكات بدأت بالظهور بعد أن بدأت تل أبيب بتوجيه ضربات قاسمة في عمق مواقع النظام العسكرية، داخل الجولان، وعبره في مواقع أخرى كما ريف دمشق.
ولم يكن البيان الأخير للناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي حول قيام الطيران الإسرائيلي بقصف مواقع المدفعية التابعة للأسد ردا على سقوط قذيفة منزلقة في القسم المحتل من الجولان سوى محاولة لذر الرماد، كما يقول مراقبون، حيث يرون أن الطيران الإسرائيلي كان هدفه تعطيل وشل حركة القوات التابعة للأسد وأخرى تتبع ميليشيا حزب الله اللبناني، لا سيما بعد أن فتح نظام الأسد الباب على مصراعيه أمام توغل ميليشيا نصر الله قرب خط وقف إطلاق النار وهو أمر أصاب الإسرائيليين بالقلق، فضلا عن ميليشيات مدنية مسلحة أخرى بدأت تأخذ مواقعها قرب الخط المذكور، الذي غادرت قسم كبير منه القوات الأممية التابعة لحفظ السلام إبان انطلاق الثورة.
الرد من قوات الأسد أمس كان بإطلاق ما قال مراقبون إنه إشاعة مدروسة عبر القول بأن نيران المضادات الحربية التابعة للنظام أطلقت رصاصها باتجاه الطائرات الإسرائيلية حيث أعلن بيان صادر عن جيش النظام عن إسقاط طائرتين إسرائيليتين إحداهما حربية في القنيطرة والثانية للاستطلاع في ريف دمشق، وذلك بعد غارات شنها الطيران الإسرائيلي على مواقع للأخير في الجولان، أكدت مصادر ميدانية لـ»زيتون» أنها أصابت مرابض مدفعية وهاون ومستودعات للسلاح الثقيل.
في المقابل، النفي الإسرائيلي جاء سريعاً .. حيث قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي بأن صاروخين من جانب النظام أطلقا باتجاه طائرتين حربيتين إسرائيليتين لكنهما فشلا في إصابتهما، كا كذب رواية إعلام الأسد الذي يقول ناشطون إنه اصطنع تلك الحكاية لحفظ ماء وجهه أمام الموالين له الذين اعتادوا احتفاظه بـ»حق الرد» عقب كل عملية تنفذها طائرات تل أبيب في عقر داره.
التطورات الأخيرة على خط وقف إطلاق النار جاءت متزامنة مع زيارة رئيس الأركان التابع للأسد أول أمس للقنيطرة بعد ما أفادت مصادر أخرى بأنه التقى مسؤولين من حزب الله اللبناني في مدينة البعث التي تشهد في محاور منها مع أخرى هجوماً للفصائل المعارضة ضمن معركة «قادسية الجنوب» التي حصدت فيها الأخيرة حتى اليوم نتائج مقبولة باتجاه عمق ريف شمال القنيطرة عبر الأوسط منه، ما دفع مراقبين لاعتبار أن المعادلة في الجولان يمكن القول إنها قد تتغير، حيث لم تعد خاضعة لمحاولات التهدئة من جانب تل أبيب، التي قد تضرب بشكل أكثر إيلاماً في المرات القادمة، بالتزامن مع زيادة توغل الميليشيات الموالية قرب مواقعها.
رسائل عسكرية في كل الاتجاهات يمكن قراءتها من خلال التحولات الأخيرة وهي برأي البعض تدل أنه ثمة معادلة جديدة في الجولان وأن تل أبيب قد تتخذ من توغل حزب الله وحلفائه بمباركة من الأسد وروسيا فرصة لتقليم أظافر النظام السوري، فيما النتائج تبقى رهن التطورات في الأيام القادمة.