زيتون – بشار فستق
وممّا زاد في اهتراء صورة المؤتمر أنّ البيان الختاميّ له، قد شارك في صياغته وقرأه رجل مخابرات العصابة، واستخدم فيه المصطلحات التي يتداولها القتلة والشبّيحة، وشتم وهاجم من أدان مجازر حلب، ووصلت به الصفاقة إلى دعوة الاتّحاد العامّ ليقيم مؤتمره القادم حيث ادّعاه مكاناً آمناً، وكأنّما يريد جعل دمشق مرتعاً للكتّاب للأشرار، من أمثاله.
ليس غريباً أن يقف اتّحاد الكتّاب اللبنانيّين، مع نظام القتل في سوريا. فعلى مدى أكثر من أربعة عقود احتلّ فيها الجيش والمخابرات الأسديّان لبنان وزرعوا فيها كلّ أشكال الأجرام من مخدّرات وحتّى أحزاب، آخرها: الميليشيا الطائفيّة، المسمّاة باسم حزب (الله) ولم يبقَ في لبنان كاتب أو مثقّف حقيقيّ داخل ذاك الاتّحاد، خاصّة بعد استقالات جماعيّة قدّمها عدد من الأعضاء مؤخّراً ردّاً على أعمال القتل التي تقوم بها الميليشيا الطائفيّة ضدّ الشعب السوريّ، بعد إعلانها الصريح عن التدخّل العسكريّ المباشر على الأراضي السوريّة.
كذلك، اتّحاد الكتّاب الجزائريّين، فهو تحت سطوة نظام ديكتاتوريّ يضع جثّة على كرسيّ بعجلات ويخنق صاحب أيّ صوت قبل أن يفتح فمه، إذ لربّما تفوّه بمفردات خطرة كالحرّيّة أو الديمقراطيّة. يؤيّد نظام الجثّة (المقاومين) القتلة من أمثال: خامنئي وبوتين وأدواتهم كبشّار وحسن.
أمّا أن يستقبل الاتّحاد العامّ للأدباء والكتّاب العرب، مندوب المخابرات السوريّة نضال الصالح كممثّل عن الكتّاب السوريّين، فهذا أمر آخر.
ففي دبيّ، وقبل أيّام، افتُتح اجتماع الأمانة العامّة للاتّحاد العامّ للأدباء والكتّاب العرب، وكان طلب رابطة الكتّاب السوريّين الأحرار في الانضمام إلى الاجتماع كممثّل عن سورية قد رُفض، بعد أن قدّمه رئيس الرابطة المفكّر المعروف صادق جلال العظم؛ والذي تعرفه أجيال الكتّاب، ويمثّل في نفس الوقت المئات من الكتّاب السوريّين الحقيقيّين من خلال الرابطة التي تأسّست منذ أربعة أعوام، وطالب العظم بطرد ما يمثّل النظام (اتّحاد الكتّاب العرب) باعتباره لا يدافع عن الكتّاب الذين يتعرّضون للقتل والتعذيب والاعتقال، وتنتهك حقوقهم وحرّيّاتهم الأساسيّة، ويتمّ فصلهم على خلفيّة مواقفهم وآرائهم السياسيّة، بل وتحريض السلطات ضدّهم مباشرة كما حصل في بيان له، دعا فيه «الجهات المعنيّة» إلى سحب الجنسيّة ممّن يعارضون السلطة ووصفهم بـ «الخونة والعملاء»، وذكر الخطاب الموجّه إلى الاتّحاد العامّ أنّ أهمّ الكتّاب السوريّين انسحبوا من الاتّحاد المذكور، وأصدروا كتباً وبيانات ومقالات ودراسات تفضح الطبيعة «الظلاميّة والهمجيّة» للنظام وأدواته، وعلى رأسها «اتّحاد كتبة النظام».
وقدّمت الرابطة وثائق هامّة جدّاً، منها قوائم بأسماء الكتّاب المفصولين والمنسحبين والمعتقلين، وشريط فيديو يثبت مسؤوليّة جيش العصابة عن اغتيال الروائيّ محمّد رشيد رويلي، وإعدام الروائيّ إبراهيم خريط ميدانيّاً مع ولديه، وغيرها من الجرائم الموثّقة.
لم يأبه الاتّحاد العامّ لهذه الأسباب، ولطلب الرابطة التي تمثّل أكثر من ثلاثمئة كاتب من سورية، ولموقف المئات من الكتاب العرب الذين وقفوا معها ووقّعوا بياناتها المدافعة عن حرّيّات التعبير والكتابة. بل وقَبل المؤتمر حضور رجل مخابرات نظام العصابة، الذي اتّهم بدوره من سبقه وهو حسين جمعة بأنّه مرتبط بالأمن!! لكنّ الصالح قال ذلك في أحاديث جانبيّة كما كتب الكاتب السوريّ إسلام أبو شكير في مقال له نشر في القدس العربيّ بعنوان «جنازة الكاتب السوريّ في اجتماعات الكتّاب العرب» ورأى أبو شكير أسباب ذلك في أنّنا لا نستطيع أن نعزل الاتّحاد العامّ عن المؤسّسة الرسميّة العربيّة بكلّ ما تعانيه من قيود وأعباء وارتهانات لقوى تهيمن عليها.
وممّا زاد في اهتراء صورة المؤتمر أنّ البيان الختاميّ له، قد شارك في صياغته وقرأه رجل مخابرات العصابة، واستخدم فيه المصطلحات التي يتداولها القتلة والشبّيحة، وشتم وهاجم من أدان مجازر حلب، ووصلت به الصفاقة إلى دعوة الاتّحاد العامّ ليقيم مؤتمره القادم حيث ادّعاه مكاناً آمناً، وكأنّما يريد جعل دمشق مرتعاً للكتّاب للأشرار، من أمثاله.
في بقيّة من حياء أو ضمير أو خوف على أروحهم، رفض المؤتمرون هذه الدعوة.