زيتون – وئام أحمد
تعتبر حال أحياء حمص القديمة أفضل بكثير من حال مدينة القصير التي تم تهجير سكانها بشكل كامل قبل ثلاثة أعوام، و حتى الآن تمنع قوات الأسد عودة أحد من سكان القصير الأصليين ما خلا بعض القرى الشيعية الملاصقة للحدود اللبنانية، بعد أن أصبحت مدينة القصير بالكامل ملكاً ومشاعاً لحزب الله اللبناني الذي بدأ بجلب العوائل التابعة له إليها ليسكنوها ويزرعوا أرضها ويقلبوا مساجدها إلى حسينيات شيعية
تعود لتنتشر في الآونة الأخيرة بين أوساط السوريين مخاوف التغيير الديموغرافي التي يسعى نظام الأسد إلى تطبيقه على المناطق الخارجة عن بيت الطاعة، بحسب مراقبين
ويأتي تهجير سكان داريا ليعزز هذه المخاوف، وخصوصاً بعد أن تحدثت تقارير عديدة بحسب وسائل إعلام عالمية عن توطين أكثر من 200 عائلة عراقية من الطائفة الشيعية في داريا.
داريا التي فشل نظام الأسد وجميع داعميه من الروس والميليشيات الطائفية على هزيمة بضعة مئات من شبابها الذين تربطهم بها وحدة الدم والتراب.
وبعد أربع سنوات من الحصار اضطر شباب داريا للخروج بسلاحهم بعد عقد اتفاقية مع نظام الأسد تنص على توجههم نحو إدلب تحديداً.
التغيير الديموغرافي في حمص
لم يكن اتفاق داريا هو الأول من نوعه، فلقد استخدم النظام استراتيجية التجويع والحصار في حمص قبل أربعة أعوام ليتمكن فيما بعد من تهجير سكان جميع المناطق التي خرج الحراك الثوري منها، ففي أوائل شهر شباط من عام 2012 تعرض حي باب عمرو لحصار وقصف شديد بكافة الأسلحة إضافة لهجوم المروحيات بعد خروج الحي عن سيطرة النظام واستشهد على إثر هذا الحصار والقصف حينها ما يفوق 700 مدني إضافة إلى إصابة الآلاف وسط صمت دولي مطبق فانسحبت كتائب الثوار حينها من الحي، فيما نزح الأهالي إلى العاصمة دمشق، إلا أن قلة قليلة من الأهالي حاولت العودة إلى الحي بعد دراسة أمنية مشددة من أفرع النظام الأمنية، وخصوصاً فرع الأمن السياسي القريب من الحي.
أحمد ابن حي بابا عمرو شاب في الثلاثينيات من عمره كان قد شهد هذه الأحداث، وحاول والداه العودة إلى الحي.
يقول أحمد: تعرض أخي للاعتقال في بداية الحراك الثوري، ثم نزح والداي إلى دمشق وبعدها أرادا العودة إلى الحي، و كان أبي يقول في نفسه أيعقل أن يأخذونني إلى الاعتقال وأنا طاعن في السن؟
ويتابع أحمد: عاد والداي وتقدما بطلب العودة إلى الحي، فتمّ اعتقال والدي لعدة أيام، وطلبوا منه أن يسلمني للفرع ليوافقوا له على العودة إلى بيته، ولكنه رفض وقال لهم: ألم يكفكم ولدي الذي أخذتموه قبل عام، لتأخذوا الآخر مني أيضاً؟ فطردوه و قالوا له ليس لك بيت في حي بابا عمرو.
ويضيف أحمد: أما فيما يخص بعض العوائل من كبار السن التي عادت إلى الحي فكانت لاتتجاوز العشرات، و كانت أيضاً تتعرض للمضايقات اليومية و الممنهجة من حواجز النظام المنتشرة على أنقاض الحي، لتعود هذه العوائل للنزوح مجدداً.
و يختم أحمد: نفس الأمر تكرر في أحياء حمص القديمة التي تعرضت أيضاً لإفراغها من أهلها قبل عامين، ولا يتم السماح إلا لبعض العائلات بالعودة بعد دراسة أمنية مشددة تضمن ولاء هذه العوائل لنظام الأسد.
تعتبر حال أحياء حمص القديمة أفضل بكثير من حال مدينة القصير التي تم تهجير سكانها بشكل كامل قبل ثلاثة أعوام، و حتى الآن تمنع قوات الأسد عودة أحد من سكان القصير الأصليين ما خلا بعض القرى الشيعية الملاصقة للحدود اللبنانية، بعد أن أصبحت مدينة القصير بالكامل ملكاً ومشاعاً لحزب الله اللبناني الذي بدأ بجلب العوائل التابعة له إليها ليسكنوها ويزرعوا أرضها ويقلبوا مساجدها إلى حسينيات شيعية.
ويؤكد مراقبون أن النظام يسعى اليوم إلى تفريغ حي الوعر من سكانه أيضاً بعد إخراج عدد من مقاتلي المعارضة المقيمين في الحي إلى إدلب العام الماضي، وبعد الحصار الذي فرضه على هذا الحي.
لماذا لا يهاجم الجيش الحر المناطق الموالية للنظام؟
خالد أحد المقاتلين الذين حوصروا في حمص القديمة قبل عامين يقول: عندما كنا في حمص القديمة وأثناء الحصار كنا ممنوعين من مهاجمة المناطق ذات الأغلبية التابعة لطائفة النظام كالزهراء والسبيل رغم ملاصقتها لنا، وكانت القادات تقول لا يوجد أمر بمهاجمتهم و إلا قطعوا الدعم عنا.
ويتابع خالد: لكن الدعم توقف أخيراً بالفعل و كان النظام يريد إبادتنا لكننا هاجمنا حي الزهراء الموالي، و تمكنّا من أسر عدة ضباط ومقاتلين إيرانيين ما اضطر الأسد للرضوخ لنا، وقام على إثرها قادات الثوار بعقد الاتفاق المعروف حينها، وتمكنّا من الخروج بسلاحنا
و يختم خالد: ما يفطر فؤادي هو أن أهالي الفوعة وكفريا يعيشون في قلب إدلب التي تم تهجيرنا إليها، ولكنهم ينعمون بالأمان والرخاء حتى هذه اللحظة، ونحن يتم تهجيرنا من أرضنا.
فيما سأل فيصل القاسم قبل أيام في برنامجه «الاتجاه المعاكس» ضيفه المنسقالعام بين فصائل الثورة السورية «عبد المنعم زين الدين»
لماذا لا تهاجمون الساحل ودمشق وكفريا والفوعة؟
فأجاب زين الدين متلعثماً: إنهم إن فعلوا ذلك فحتى أمريكا وغيرها ستقوم بقصف كتائب الثوار بشكل كامل.
وفسر كثير من المعلقين على الفيديو الذي تم نشره على وسائل التواصل الاجتماعي أن تعليمات الداعمين ممن يسمّون أصدقاء سوريا، هي تعليمات صارمة بعدم مهاجمة المناطق ذات الأغلبية العلوية أو الحاضنة الشعبية لنظام الأسد.
في حين يدخل الشعب السوري عامه السادس من التهجير الممنهج، بعد أن تم تهجير نصفه دون أن يثير هذا الأمر قلق أو مخاوف ما يسمى أصدقاء سوريا أو أشقاء الشعب السوري على الأقل.