زيتون – رزق العبي
تتعرض بلدات محافظة إدلب لهجمة شرسة تشنّها طائرات العدوان الروسي، ونظام الأسد، تستهدف بشكل مباشر الأحياء السكنية، مخلّفة شهداء وجرحى، فضلاً عن دمار كبير في الممتلكات العامة والخاصة، واستهداف دور العبادة، والمراكز الطبية، والهيئات المدنية.
ففي سراقب، التي أصبحت شبه خالية، كثّف طيران النظام، والعدوان الروسي غاراته الجوية على المدينة، حيث استهدف الطيران الأحياء السكنية بأكثر من 150 غارة جوية، وتسببت الغارات بخسائر بشرية ومادية، وحركة نزوح لم تشهدها سراقب من قبل، حيث أفرغ القصف المدينة من كامل أهلها.
وتأتي تلك الغارات بعد سقوط مروحية تابعة لسلاح الجو الروسي في منطقة تل السلطان القريبة من المدينة، ومقتل طاقمها بالكامل، واعتقاد النظام وروسيا بأن جثث الطيارين صارت في سراقب، وهددت وسائل إعلام النظام أهالي المدينة، عبر شبكتي الهاتف الجوال، باستهداف الأحياء السكنية في حال عدم تسليم الجثث، وطالبت الأهالي بطرد ما وصفتهم بالمسلحين.
بدأت الحملة في الأول من الشهر الحالي، والتي جرّبت فيها طائرات النظام وروسيا كل أنواع الأسلحة، وما زالت مستمرة، وقد سجّل مركز الدفاعي المدني في المدينة استهداف سراقب بـ 120 صاروخاً من طائرة روسية، و29 صاروخاً يحتوي قنابل عنقودية،و28 طلعة لحربي الرشاش الذي يطلق صواريخ متفجرة، و46 صاروخ نوع C5، و17 صاروخاً من طائرة ميغ21، و7 من طائرة ميغ 23، وصاروخ واحد من نوع عنقودي ميغ23.
الدفاع المدني يعمل على مدار الساعة:
ونتج عن هذه الغارات دمار واسع ألغى كلّ مقومات الحياة في المدينة، فضلاً عن استهدافها ببرميلين يحتويان غاز الكلور السام.
وأعلن مركز الدفاع المدني العامل في المدينة، أن الأخيرة منكوبة بكل المقاييس، جراء استمرار استهدافها بالطيران الروسي وطيران النظام.
وأوضح المركز أن الطيران لم يستثنِ مكاناً حيوياً إلا وقصفه بكافة أنواع الأسلحة، ما تسبب بدمار واسع في المدينة، وحركة نزوح غير مسبوقة، أدت إلى تعطيل كافة أشكال الحياة.
وطالب المركز بضرورة مدّ يد العون لآلاف الأسر التي افترشت معظمها الأراضي الزراعية، وتقديم كل ما يلزم لمساعدتها.
وفي حديث لـ «زيتون» قال مدير مركز الدفاع المدني في المدينة أسامة باريش، إن الفريق يتألف من 19 عنصراً، إضافة لثلاثة عناصر متطوعين، والفريق بالمجمل مكلّف بمتابعة الحالات في سراقب وريفها، وهو مستعد لمؤازة باقي المناطق في حال حدوث أمر كبير، إلا أن الفريق حالياً مسخّر فقط للمدينة، لكونها تتعرض لحملة عنيفة جداً.
وحول المعدات قال باريش: في المركز آليات تعمل بشكل متواصل، إلا أننا بحاجة لرافعات كبيرة بسبب سخونة الأوضاع، واعتراضنا لحالات تتطلب جهداً ومعدات ليست موجودة، خصوصاً وأن لدينا آلية يجب تنسيقها، وبشكل عام ينقصنا سيارة خدمة، وآليات ثقيلة، عدا عن أن سيارة إطفاء للمدينة لا تكفي، علماً أننا رفعنا تلك المطالب للدفاع المدني.
يتابع باريش حول الأمور المالية: بالنسبة لتأمين وقود للآليات نقوم بالاستدانة من إحدى الكازيات، بسبب نقص السيولة المادية. ونحاول التواصل مع طرف يؤمن احتياطي مالي لنكون قادرين على تلبية النداء العاجل الذي يعترضنا، نحن نعمل بظروف استثنائية جداً، مصروفنا خلال خمسة أيام محروقات 1000 دولار، علماً أن المصروف الشهري كلياً لا يتجاوز 700 دولار.
وحول أوقات العمل قال إن فريق الدفاع المدني في سراقب، مستنفر بشكل كامل، خلال 24 ساعة، بما في ذلك الأكل والشرب والنوم، والفريق مقسم إلى ثلاثة أقسام، مع معداته، وموزعين على أطراف المدينة، وعندما تضرب الطائرة يتوجه الفريق ويعمل أولاً على إخلاء المدنيين ويبدأ عمله، وقد تعرض الفريق لغارتين بشكل مباشر، واقتصرت الأضرار البشرية على بعض الإصابات الخفيفة، وخرجت سيارة إسعاف لدينا عن الخدمة، ولكن أصلحناها وأعدناها للخدمة، وكذلك تعرضت سيارة الإطفاء للضرر، ولكن أصلحناها، من خلال شخص قدم خدماته لتصليحها، وعادت إلى الخدمة.
ووجه فريق الدفاع المدني، عبر رئيسه باريش نصائح لأهالي المدينة، طالب فيها بضرورة إخلاء المدينة، لكون الحملة العسكرية تتزايد يوماً بعد يوم، وأن يقتصر تواجدهم فقط للضرورة، وفي وقت طلوع الشمس، لقضاء بعض الحاجيات.
تعليق أعمال المجلس المحلي:
وجرّاء استمرار القصف، علّق المجلس المحلي في مدينة سراقب أعماله، وجاء في بيانٍ صادر عن المجلس المحلي، إن تعليق العمل يشمل العمل اليومي الرسمي، ويتم تشكيل غرفة طوارئ تضم مجلس الشورى ومجلس الأعيان والمجلس المحلي، والدفاع المدني، ومنظومة الإسعاف وشرطة المدينة الحرة.
وناشد المجلس المحلي عبر البيان كل المؤسسات السورية المعارضة، لوقف القصف الروسي الذي يُوجّه ضد آلاف المدنيين في المدينة.
كما ناشد المجلس كافة الهيئات في محافظة إدلب لمساعدة غرفة طوارئ سراقب، للحدِّ من حجم الكارثة الإنسانية التي شرّدت أكثر من تسعين بالمئة من السكان
مدير مكتب العلاقات العامة والمشاريع في المجلس المحليلسراقب، محمد مصفرة تحدث عن واضع النازحين من المدينة باتجاه القرى المجاورة بالقول:بدأ القصف على المدينة قبل نحو عشرة ايام، والقصف مستمر إلى الآن، ويوم السبت الماضي خرجت فرق لتقييم وضع النازحين وإعداد تقريبية في كل مكان،وكان الكشف التقديري لأعداد النازحين تقريباً 1550عائلة نازحة في المزارع القريبةمن المدينة وبين الأشجار.
وتابع بالقول: حوالي 650عائلة نازحة في القرى المجاورة، وتشكيل غرفة طوارئ تضم كافة الفعاليات المدنية في المدينة وتم ضم بعض المنظمات والجمعيات العاملة في المنطقة إليها، وتم رفع الاحتياجات. وبما أن البلد في حال طوارئ فالأولوية للعمل هي لطواقم الدفاع المدني والإسعاف والشرطة وهم لم يقصروا بأداء واجباتهم على أكمل وجه رغم ضعف الإمكانيات وكثرة القصف، وهناك نقص شديد في موضوع إيصال المياه وتقديم خيم للنازحين تحت الاشجار ونحاول جاهدين على تأمين ذلك.
وختم قائلاً: تم تشكيل 10 فرق لتوزيع السلل الإغاثية لأهلنا النازحين وهذه الفرق مشكلة من (بلدنا الإغاثي) والمجلس المحلي بالإضافة لمنظمتي (القلب الكبير ومنظمة الإغاثة الإسلامية). وبدأ التوزيع يوم الخميس الماضي ومستمر حتى الانتهاء من إيصال المساعدات لجميع أهلنا في أماكن نزوحهم ولكن يتوقف التوزيع أحياناً بسبب حدة القصف، وكما ذكرنا تم التواصل مع أغلب المنظمات الموجودة في الداخل والخارج، ولابد من توجيه الشكر لمنظمتي القلب الكبير ومنظمة الإغاثة الإنسانية وتحالف بلدنا الاغاثي ومنظمة ركين على المساعدة في تقديم ما أمكن من مساعدة أهلنا النازحين.
طبيّاً وثقت مستشفيات سراقب، جميع الحالات الاسعافية التي وصلت إليها، رغم صعوبة الوضع أثناء الغارات، حيث أصيب بحالات اختناق نتيجة الكلور 12 طفلاً، و18 سيدة، و8 رجال، وخلال الغارات بالصواريخ المتفجرة، سُجِّل 6 إصابات من الأطفال، و5 سيدات، إضافةً لـ 57 رجلاً وشاباً، ووثّق مركز إدلب الإعلامي مقتل عدد من المدنيين بينهم أطفال.
دمار واسع وخسائر مادية كبيرة:
اتبعت طائرات النظام منذ بداية الحملة، سياسة الأرض المحروقة، في الوقت الذي نزح 90 في المئة من أهالي المدينة، باتجاه القرى والبلدات المجاورة، ويقدّر عدد النازحين حوالي 40 ألف نسمة، منهم من يفترش العراء حتى اليوم.
وتضررت البنية التحتية في معظم أحياء المدينة، حيث استهدف القصف (مبنى مؤسسة المياه، ومنظومة الإسعاف، ودمّر مدرسة بشكل كامل، إضافة لقصف 79 محلّاً تجارياً دُمِّر منها 12 محلات بشكل كامل، و22 منزلاً سوِّيت بالأرض، وطال القصف مؤسسة الكهرباء، وبنكاً للدم، وبشكل جزئي دمر القصف 62 بيتاً، وقصف الطيران السوق الشعبي ما تسبب باحتراق كامل بسطات السوق) فضلاً عن احتراق منظومة عمل المولدات الخاصة التي تغذّي المدينة بالكهرباء، حيث قُدّرت الخسائر بـ 20 مليون ليرة سورية.
هذا وشهدت بلدات إدلب قصفاً ممنهجماً بالتزامن مع قصف سراقب، حيث شهدت مدينة إدلب وبلدة سرمدا، وقرية عرب سعيد مجازر راح ضحيتها العشرات، ودمّر القصف العديد من المرافق الحيوية، والطبية، فضلاً عن دمار عدد من جوامع المحافظة، وكنيسية السيدة مريم العذراء في مدينة إدلب.