تحرير زيتون:
في الوقت الذي لم تلق الخطة التي أعلنتها “جبهة النصرة” اهتمام واشنطن أو روسيا، بإعلانها الانفصال عن تنظيم القاعدة، وهو ما عزاه مراقبون إلى أن الانفصال بحد ذاته كان شكلياً، لا يمكن قراءة ما جرى بعد ذلك من معارك ضارية في حلب، ولا زال مستمراً، من دون وضعه في سياقه الصحيح من حيث الارتباط الكلي بالملف السياسي السوري، لا سيما بتعقيدات اللعبة الدولية والإقليمية، وفق ما رأى مراقبون.
ما أسميت عملية “اكتمال الطوق” على أحياء حلب الشرقية التي طبل وزمر لها إعلام الأسد وحلفائه، من إيران إلى روسيا وصولاً إلى ذنب الحلفين “حزب الله”، والذي سبقها ميدانياً تقدم الميليشيات الموالية وسيطرتها على حي بني زيد ومعامل الليرمون، وهو ما اعتبره إعلام الموالاة “انتصاراً في الحرب السورية ككل”، جميعه فشل فشلاً ذريعا مع أول صدمة لحلف النظام وأتباعه عبر حادثة إسقاط المروحية الروسية فوق ريف إدلب الشرقي، بالتزامن مع انطلاق موجة عنيفة من المواجهات النارية التي بدأتها فصائل المعارضة ككل في حلب، وعلى رأسها “جبهة فتح الشام” نفسها سابقاً، الضيف الذي أغلقت واشنطن وموسكو الباب في وجهه بالحلة الجديدة.
معركة حلب التي أدخلت حلف الموالاة في نفق مظلم أمام مؤيديه، حيث أغلقت العملية العسكرية المفاجئة أفواه إعلامييه، حتى صار خبر المواجهات في حلب في المرتبة الأخيرة بقائمة عناوين أخبار النظام وحلفائه، بعد أن كان يحتل الصدارة وتفرد له ساعات مطولة من التحليل، قبل انطلاق المعركة بيوم فقط.
المصادر تؤكد لـ”زيتون” أن معركة حلب اعتمدت بدرجة لا يستهان بها على مقاتلي “جبهة فتح الشام” التي انطلقت من إدلب وريفها إلى الأحياء الشرقية لحلب، بالإضافة للقوات المتمركزة هناك سابقاً، ناهيك عن الدور الأخر المحوري لفصائل المعارضة المعتدلة، في الوقت الذي تشير فيه المصادر نفسها إلى مباركة سعودية تركية للخطوة المذكورة للفصائل.
“ملحمة حلب الكبرى” وهو ما أطلق على المعركة نفسها، تأتي بعد أيام قليلة على قرار “جبهة النصرة” فك ارتباطها بالتنظيم الأم “القاعدة”، ما جعلها تمثل أول اختبار للتشكيل وفاتحة معاركه بلبوسه الجديد “فتح الشام”.
أولى انتصارات المعارضة الميدانية كانت عبر السيطرة على بلدة العامرية ومدرسة الحكمة على مشارف مدينة حلب، وعلى السيريتل ومشروع 1070، أول أحياء المدينة في محيط قرية المشيرفة، بعد السيطرة على تل الجمعيات في ريف حلب الجنوبي”. بالإضافة لكتيبة الصواريخ في محيط الراموسة.
الهجمات التي انطلقت من عدة محاور على شكل “موجات” متلاحقة، وبشكل متزامن على أكثر من محور، امتدت على طول يقارب 20 كيلومتراً، ابتداءً من قرية السابقية في ريف حلب الجنوبي، وصولاً إلى مدرسة الحكمة المقابلة لمنطقتي الراشدين الرابعة والخامسة والراموسة، لتكون بوابة حلب الجنوبية هي الهدف الأساس للمرحلة الأولى من الهجوم، بحثاً عن اختراق خطوط ميليشيات الأسد وحلفائها في الأحياء الشرقية للمدينة، ناهيك عن التقدم الميداني للمعارضة في مخيم حندرات في ريف حلب الشمالي وقرب سد الشقيدلي وأطراف قرية السابقية في ريف حلب الجنوبي.
وتكتسب “معركة فك حصار حلب” أهمية استثنائية للمعارضة، حيث تُمثِّل أول وربما أخطر اختبار لـ”جبهة فتح الشام”، فضلاً عن البعد الاستراتيجي لكافة الفصائل، وصولاً لفك الحصار عن الأحياء الشرقيّة، كما يبدو هذا الهجوم كفرصة أخيرة لإعادة التوازن قبل مباحثات جنيف المرتقبة في أواخر هذا الشهر، بانتظار توضح النتائج النهائية للمعارك.