زيتون – ياسمين محمد
تشهد مدينة حلب وريفها منذ عدة أشهر تصعيداً خطيراً من حيث استهداف المنشآت الحيوية والمدنيين، بالتزامن مع التصعيد العسكري على عدة جبهات فيها، وبمشاركةٍ من ثالوث الموت «قوات الأسد – وحدات الحماية – داعش».
وتتّبع قوات الأسد في عملياته على مدينة حلب وريفها سياسة الأرض المحروقة، حيث لم تسلم من ضرباته المنشآت الحيوية والتجمعات السكانية المدنية، مما يؤكد عزمه على إبادة كل ما هو على الأرض، أو ما يوحي بالحياة، من سكان أو منشآت في المحافظة.
أهم المنشآت المستهدفة ونتائج استهدافها:
سجّل الناشطون استهداف قوات الأسد والميليشيات المساندة لها والطيران الحربي الروسي للعديد من المنشآت الحيوية في المنطقة، من بينها «مشفى القدس، ومستوصف شوقي هلال للجراحة الداخلية في حي جب القبة، ومستوصف بستان القصر للأمراض الداخلية والجلدية، وبنك الدم»، ما أدى لخروج بعضها عن الخدمة كلياً وبعضها الآخر بشكل جزئي.
حيث خرجت كلياً عن الخدمة، كلاً من «مستودعات الأدوية التابعة لمنظومة الإسعاف السريع في حي المواصلات، ومستشفى الحكيم للأطفال، ومستشفى الزهراء، ومستشفى البيان في حي الشعار، ومستشفى الدقاق، ومستشفى الأتارب في ريف حلب الغربي، ومستشفى كفر حمرة في الريف الشمالي».
ولم تكتفِ قوات الأسد باستهدافها للمنشآت الطبية فحسب؛ بل استهدفت كلّاً من «جامع أويس القرني في حي الكلاسة، وجامع أبو هريرة في منطقة مساكن هنانو، وجامع النصر في حي سيف الدولة، وجامع أنس في حي بستان القصر».
وتابعت قوات الأسد استهدافها المتعمّد للمنشآت الحيوية، حيث استهدف «محطات الكهرباء والمياه في حي باب النيرب، ومكتب خدمات مركز المدينة في حي الأنصاري، والمجلس المحلي في حريتان، ومركز الأتارب للدفاع المدني، وسوق الأتارب»، كما استهدف عدة أفران، ومدارس لتعليم لأطفال، ومكاتب تابعة للمنظمات.
ووثّق ناشطون استهداف النظام ل «17مركزاً طبياً، 12 مسجداً، 6مراكز للدفاع المدني، 5 أسواق شعبية، 26 منطقة صناعية، 20 منطقة أثرية، 1000 تجمع سكاني» في حلب، إضافةً لتوثيق استخدام النظام للقنابل العنقودية بقصف مدنيي حلب بشكلٍ مكثّف منذ شهر أيار الفائت، واستشهاد أكثر من 1000 مدني خلال شهر تموز وحده.
ويرزح المدنيين في مدينة حلب تحت وطأة حصارٍ فرضته قوات الأسد في السابع من تموز الفائت، إثر قطعها لطريق الكاستيلو الذي يعتبر «شريان حلب والمعبر الوحيد أمام المدنيين، والطريق الواصل بين مدينة حلب وريفها»، مما يعرّض أكثر من 400 ألف مدني يعيشون في المدينة لخطرٍ أكبر.
موقف المعارضة:
دعت الهيئة العليا للمفاوضات، مجلس الأمن الدولي، لعقد جلسة طارئة لبحث الأوضاع في مدينة حلب، مطالبة برفع الحصار عنها وحماية المدنيين والمرافق الطبية من القصف الجوي العشوائي، بينما أعلن المجلس المحلي حالة الطوارئ في المدينة.
وأعلن ناشطون يوم أمس الأحد 31 تموز الفائت عن حملةٍ أطلقوا عليها اسم «الغضب لحلب»، وتظاهروا في مختلف أنحاء العالم، بهدف تسليط الضوء على الحصار الذي تعيشه الأحياء المحررة في المدينة. ورفعوا صوراً ولافتات تعبر عن المجازر التي ارتكبت في مدينة حلب وريفها، في الشهرين الأخيرين، والتي أدت لاستشهاد أكثر من 1474 شهيداً ضمن حملة إبادة جماعية لم يشهد العالم مثلها منذ الحرب العالمية الثانية؛ وذلك وفقاً لمركز حلب الإعلامي.
موقف المجتمع الدولي:
واكتفى «الاتحاد الأوروبي»، كما جرت العادة، بالتعبير عن قلقه جراء استهداف المنشآت الحيوية قائلاً «ندعو كافة الأطراف إلى التوقف عن استهداف المدنيين واللجوء إلى وقف الأعمال العدائية، كما هو منصوص عنه في القرار الأممي 2254″.
واعتبر وزير الخارجية الفرنسية «رومان نادال «استهداف النظام وحلفائه لمنشآت طبية أمر مشين».
فيما نددت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، في بيان، لها بالقصف على مستشفيات في مدينة حلب، ونصف المنشآت الصحية فيها، وأشارت إلى أن «الهجمات على المنشآت الصحية تشكل انتهاكًا للقانون الإنساني الدولي وقد تُعتبر جرائم حرب».
دعت الأمم المتحدة إلى فرض هدنة إنسانية فورية وملزمة لمدة يومين على الأقل في مدينة حلب، التي تخضع للحصار من قبل قوات النظام والميليشيات المتحالفة معه، وأعربت عن قلقها إزاء استهداف المشافي واعتبرتها «انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي».
وأكيد الموفد الأممي الخاص إلى سوريا «ستافان دي ميستورا»، على الحل السياسي فقط في سوريا.
وكانت دول عربية عدة قد رفضت سابقاً المطالبة بعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن بشأن أحداث «حلب» و «داريا»، من بينها مصر.
هذا ولم تكن حلب المدينة الوحيدة التي تقبع تحت وطأة استهداف النظام لمنشآتها الحيوية وارتكابه جرائم حرب فيها، ولكنها تشهد الحملة الأعنف حالياً.
وتجدر الإشارة إلى أن «160 من البنى التحتية، 89 مركز تربوي، 104 مراكز دينية، 111 مركز طبي، 35 تجمع سكني، 13 مركز حيوي ثقافي، 11 مركز إنساني، 13 مخيم للنازحين»، تمّ استهدافها في عموم سوريا خلال النصف الأول من عام 2016، وذلك وفقاً لتقريرٍ نشرته الشبكة السورية لحقوق الانسان.