حين أتت صديقتي من دير الزور لتدرس في حلب، بدأ البعض يسألها أسئلة تدل على حجم التهميش والجهل اتجاه هذه المدينة، أسئلة من قبيل «هل تأكلون باستخدام الشوكة؟»، أو «هل تسكنون في خيم أم في منازل؟» نعم، إلى هذا الحد وصل الجهل بالبعض تجاه دير الزور وبقية محافظات الجزيرة السورية أو ما كانت تسمّى بالمحافظات النامية.
عانت دير الزور من أكثر من اجتياح للجيش وارتكابه مجازر فيها, وخلال أربعة أعوام من عمر الثورة السورية لاحظنا تسليط الضوء على كل المناطق السورية عبر وسائل الإعلام في الوقت الذي حظيت فيه الدير بمساحة متواضعة من حيز الذكر في الإعلام المقروء والمكتوب والمسموع، ولم يدرِ بها أحد ، حيث تقتصر أخبار الدير على أهلها يتناقلوها في أحاديثهم اليومية.
وضمن الاحتفالية السنوية الثالثة للثورة السورية، لم نسمع بأحد يذكر دير الزور فكانت المهمشة، المدينة المنسية. حالياً، تعاني دير الزور من الحصار، منذ ما يقرب الشهرين، انقطاع تام لكافة الاتصالات، وكافة المنافذ إليها مغلقة.
عادت الاتصالات الخليوية بشكل جزئي، لأسمع صوت صديقتي تقول لي من الطرف الآخر، بصوت متقطّع من سوء التغطية «جوعانين»، عادت لذاكرتي أيام حصار حلب، لكن ما يحصل في دير الزور لا يشبه ما حصل في حلب، في حلب كنا عبر معبر كراج الحجز ندخل كميات من المواد الغذائية، وإن كانت الأسعار مرتفعة جداً لكننا وجدنا شيئاً لنأكله.أمّا في دير الزور حتى ترف المعبر لا وجود له، في بعض الأحيان يقوم الطيران بإنزال كميات قليلة من المواد الغذائية، قالتلي «جوعانين»،عادت لذاكرتي كذلك عندما تزامن انقطاع المياه في حلب ودير الزور، أغلب السوريين عرفوا بانقطاع المياه والكهرباء عن حلب، فالجميع مطّلع على أخبارها، لكن دير الزور مدينة الفرات التي عانى أهلها من العطش والظلام فلماذا لم يسمع بهم أحد؟ لماذا لا ينقل صوتهم أحد؟ أين من تباكى على حصار حلب؟ أين من يتباكى على حصار مخيم اليرموك؟ لماذا دير الزور خارج دائرة الأخبار والتعاطف؟ أوليس الشعب السوري واحد؟ أوليست دير الزور محافظة سورية تحيا المعاناة والدمار والخراب كسواها وأكثر؟ ألم تخرج منادية بالحرية وإسقاط النظام لتنال ما نالتها من نصيبها؟ فلمَ نوئدها بالصمت مرتين؟
لينا الحكيم