لم تمضي ساعات على إعلانها “ملحمة حلب الكبرى”، حتى أنجزت الفصائل المعارضة ضمن عمليات معركة فك الحصار الذي فرضه جيش الأسد على أحياء حلب الشرقية، نتائج هامة في المنظور العسكري، على الرغم من الصعوبة البالغة للمعارك نتيجة عدم توازن القوة، لا سيما مع الأخذ بعين الاعتبار حجم قوة الميليشيات الموالية وما حضرت لها خلال الأيام الماضية.
غرفة عمليات “جيش الفتح” والتي تتكون من عدة فصائل معارضة لعل أبرزها فصائل الجيش الحر، و”حركة أحرار الشام”، “جبهة فتح الشام”، “فيلق الشام”، “لواء الحق”، “أجناد الشام”، “الحزب الإسلامي التركستاني”، و”جيش السنة”، أعلنت بدء القتال لاستعادة النقاط التي خسرتها منذ أيام في المدينة وكسر الطوق الذي فرضته روسيا وحليفها بشار الأسد على آلاف السكان تحت التهديد بارتكاب محرقة ضدهم في حال عدم خروجهم من المعابر المرسومة.
مصادر ميدانية أكدت لـ”زيتون” أن الفصائل المعارضة بدأت المعركة من خلال عملية تمويه استخدمت فيها الإطارات “المطاطية” المشتعلة لخلق سحابة سوداء بهدف تحييد سلاح جو الأسد وروسيا عن العمليات الجارية، وهو ما حقق إلى درجة كبيرة نتائج ملموسة، حيث خفت قدرة الطيران الحربي والمروحي على التحليق في مناطق التماس والعمق المحرر، نتيجة الحجم الكثيف للدخان الذي كان السمة الأبرز في حلب أمس، في مشهد بدا فيه أطفال المدينة لأول مرة كجنود يدافعون عن مقدساتهم، حتى وصفهم ناشطون بأنهم “أبطال الدفاع الجوي” الذين بدأوا يشعلون الإطارات بين هنا وهناك، مساهمة في فك الحصار عن حلب.
وتضيف المصادر أن عملية تمويه من نوع آخر هاجمت من خلالها الفصائل المعارضة عدة نقاط لجيش الأسد وميليشياته من جهة حي الراشدين و”تل كلاري” جنوب غرب حلب باتجاه “تلة العمارة ـ الراموسة” جنوب المدينة، بالإضافة إلى إشعال جبهة الكاستيلو لإشغال الميليشيات التابعة للأسد وإيران فيها.
كما تكلل هجوم الفصائل بعمليتين نوعيتين تمثلتا بتفجير سيارتين مفخختين استهدفت الأولى “مدرسة الحكمة” جنوب غرب مدينة حلب، من ثم تقدمت مجموعة من “الانغماسيين” في محاولة منهم لفتح ثغرة في دفاعات جيش الأسد وميليشيات إيران وحزب الله. فيما توجهت نحو 35 مدرعة، ببين دبابة وبين بي إم بي وبي تي آر وبي إ ردي إم، إلى خطوط التماس في جبهة طريق الكاستيلو، ضمن “لواء المدرعات” التابع لحركة أحرار الشام.
على الجانب المقابل، التزم الإعلام الرسمي للأسد وروسيا الصمت حيال التطورات التي شهدتها حلب أمس وحتى الساعة، وسط معلومات تتحدث عن اقتراب المعركة التي أعلنتها الفصائل المعارضة من تحقيق أهدافها، إلا أن وسائل الإعلام تلك تناولت بخجل أخبار تقدم لجيش الأسد وما أسمتها “القوات الرديفة” في محاور جنوب غرب حلب، وهو ما كذبته المصادر الميدانية والفصائل المعارضة، التي لا زالت تنشر على حساباتها صور عشرات القتلى من الميليشيات الموالية، والتي لم تأتي وسائل إعلامهم على ذكر أي تفصيل عنهم.
وفي وقت تفيد فيه مصادر ميدانية بأن انهيارات واضحة بدأت تظهر في صفوف القوات الموالية، حيث بدأت تنسحب من عدد من جبهات جنوب حلب، وسط تغطية نارية للفصائل المعارضة وتقدم وصفته المصادر بالـ”حذر”، لا تزال المعارك في الميدان مبهمة من حيث نتائجها الفعلية بانتظار ما قد تفرزه الساعات القادمة من تطورات.