تحرير زيتون
في وقت صُنفت فيه العلاقة التي ربطتها منذ تأسيسها مع فصائل الجيش الحر بـ”الحذرة”، عادت “جبهة النصرة” لتدخل في نفق مظلم مع الفصائل الجنوبية، لا سيما على مستوى محافظة درعا وريف القنيطرة، حيث المثلث العرضي الأكبر في امتداده، والتي تقضم فيه النصرة حصة الأسد من حيث مستوى السيطرة على الأرض، في الوقت الذي تدخل فيه مع فصائل المعارضة ذاتها بحرب لا زالت مستمرة منذ منتصف العام 2015م مع الخلايا التي أعلنت الولاء لـ”داعش”.
توارد المعلومات الميدانية من أقصى الجنوب أفاد بأن نوعاً من التوتر “غير المسبوق” بدء يشوب العلاقة بين “جبهة النصرة” وفصائل ما تعرف بـ”الجبهة الجنوبية”، وهي عبارة عن تشكيل مسلح يتبع غرفة العمليات المشتركة في الأردن، ويضم كافة فصائل الجيش الحر في الجنوب السوري تقريباً، وكان انحدار مستوى العلاقة “المترددة” أساساً، على خلفية ما قيل إنه “صفقة مشبوهة” أو “غلطة الشاطر”، والتي تمثلت بهروب 15 عنصر للنظام، بينهم 5 ضباط من أشهر سجون “النصرة” وأكثرها تنظيماً وحراسة على مستوى جنوب البلاد.
القائد العام لفرقة صلاح الدين، إحدى أهم فصائل الجيش الحر بدرعا، أحمد الحريري، اتهم تنظيم “النصرة” بالاستخفاف بعقول قيادات وعناصر الجيش الحر، بعد ما حصل من هروب أو تهريب للعناصر التابعين للأسد من سجن التنظيم، كما نسب إلى التنظيم توجيه تهم تكفير لعناصر وقيادات فصائل الجيش الحر، فضلاً عن تغييب قيادات عدة من فصائل الحر بدرعا والقنيطرة.
ويضيف الحريري “نطالب أبنائنا أولا دون تردد منهم أن يتركوا كافة الحركات المتطرفة العميلة التي صنعها نظام الأسد وأزلامه وميليشياته والعودة إلى طريق الحق، كما نطالب كل قادة هذه الحركات وأمرائها بكف أيديهم عن أبنائنا الأحرار وكما نطالبهم بتبيين مصير أبنائنا من قاداتنا الأبطال المعتقلين لديهم منذ سنوات”، وأردف بالقول: “نحن قيادة فرقة صلاح الدين جميعا نتقدم بدعوى رسمية إلى دار العدل لتبيان مصير كافة المعتقلين لدى جبهة النصرة، وتوجيه إنذار منها إلى جبهة النصرة لمغادرة أرض حوران، ونحن قادرين بإذن الله على تطهير أرضنا و الدفاع عنها والساكت عن الحق شيطان أخرس”.
وفي حين تجد “جبهة النصرة” داعمين لها في المجال الإعلامي أو على مستوى الناشطين ككل، يرى بهاء حسن، الناشط الحقوقي الميداني من القنيطرة أن “ترهيب الأهالي والسكان في مناطق تمركزها هو أول ما اعتمدت عليه جبهة النصرة كتنظيم إسلامي لمد نفوذها في مناطق الجنوب السوري وسوريا ككل”.
ويضيف معلقاً على قضية “سجن الكوبرا” التابع للنصرة بدرعا: “في الحقيقة المعلومات المتوفرة لدينا حتى الآن أن ما حصل لم يكن في حقيقته إلا صفقة من تحت الطاولة بين النصرة والنظام السوري، هذا وما لا زالت الأخيرة تلتزم الصمت حياله، وإذا ما أنكرت النصرة ذلك فإنها تكون قد وضعت نفسها في محل إدانة آخر، حيث ليس من السهل اقتحام أي من مقراتها، فكيف بأهم سجن لها في جنوب سوريا على الإطلاق، وهو ما يعرف بـ(سجن الكوبرا) في مدينة صيدا بريف درعا الشرقي، حيث يقبع عليه أكثر من 300 عنصر مسلح لحمايته، بدءاً من السلاح الفردي الخفيف وصولاً إلى الأحزمة الناسفة. أم أن الأحزمة الناسفة تنسف فقط بالجيش الحر!! كذلك تغييب قياداته دون كشف مصيرهم، فضلاً عن المدنيين المغيبين في سجونها”.
ويتابع “برأيي لا يختلف تنظيما جبهة النصرة وداعش عن بعضهما إلا على مستوى الرايات فقط، أما المضمون والجوهر فهو واحد..” على حد تعبيره.
من جانبها، “جبهة النصرة” لم توضح ملابسات الحادثة محل الجدل، فيما اعتبر ناشطون من درعا أن ما جرى هو “صفقة مشبوهة”، على اعتبار أن المسافة التي قطعها الأسرى تقدر بحوالي 5 كيلومترات، إضافة إلى الحواجز المنتشرة في المنطقة قبل الوصول إلى بلدة خربة غزالة بريف درعا الشرقي وصولاً إلى مدينة إزرع.
“قضية وصول الضباط والعناصر التابعين للنظام من سجن جبهة النصرة بريف درعا الشرقي إلى مدينة إزرع في الريف نفسه، مشياً على الأقدام، هي عملية غامضة لا يمكن على وجه التحديد التكهن بمعطياتها الحقيقة، على مستوى ما جرى على أرض الواقع” كما ترى دعاء مسلماني الناشطة من درعا.
وتردف مسلماني بالقول: “في واقع الأمر لا أستبعد فرضية الهجوم المسلح للقوات التابعة للنظام على مقر السجن وتخليص السجناء، طبعاً هذا الأمر لم يحصل بمحض الصدفة بالتأكيد، بل حصل عن طريق اختراق النظام لحراس السجن أو أحدهم وتسهيل ما جرى من عمل مسلح، على افتراض حصوله. أما فرضية إطلاق النصرة سراح هؤلاء مقابل صفقة مع النظام فأنا أستبعد هذا الخيار، لكنني أعلم أن العلاقة بين النصرة وفصائل الجيش الحر دخلت في نفق مظلم فعلياً بعد هذه الحادثة، وأعتقد أن تطورات أخرى ستشهدها العلاقة بين الطرفين، سلباً، خلال الأيام القادمة”.
وكانت الفصائل المعارضة المنضوية في نطاق “الجبهة الجنوبية، طالبت في بيان لها، الأربعاء، تنظيم “جبهة النصرة” بمغادرة محافظة درعا كلياً، في حين طالب قادة فصائل الجبهة الجنوبية “النصرة” ببيان مصير عدد من القادة التابعين للجيش الحر والمختفين في سجون التنظيم منذ سنوات، دون بيان حتى سبب اعتقالهم من قبل التنظيم.
وذكر بيان الفصائل أنها تقدمت بطلب إلى “محكمة دار العدل” في حوران لتلتزم النصرة بكشف مصير قادة فصائل معارضة مغيبين في سجونها، من بينهم قائد المجلس العسكري بدرعا العقيد الركن أحمد فهد النعمة وشريف الصفوري القائد المدني لـ”لواء الحرمين الشريفين” العامل غرب درعا.