بعد تغير إستراتيجية الثوار في حلب من الدفاع الى الهجوم وانتقالها من المقرات إلى الجبهات،
كان لا بد من وضع الخلافات جانباً فيما بين كافة الفصائل والتوحد تحت كيان عسكري واحد يخدم الثورة ويكسر شوكة النظام ومن أجل ذلك تم تشكيل أكبر قوة عسكرية في مدينة حلب ضمت أكبر الفصائل العسكرية في المدينة تحت مسمى ” الجبهة الشامية “.
وقد أعلن عن تشكيل الجبهة الشامية في أواخر العام الماضي في بيان مسجل ظهر فيه عدد من قيادي الفصائل المقاتلة في حلب، وجاء فيه:
“امتثالا لأمر الله وعند مطلب الشعب العظيم، نتوحد نحن الفصائل الثورية التالية، الجبهة الإسلامية بحلب، جيش المجاهدين، حركة نور الدين الزنكي، تجمع ألوية فأستقم كما أمرت، و جبهة الأصالة والتنمية، ونعلن عن اندماج كامل تحت قيادة واحدة و راية واحدة وتعين الأخ عبد العزيز سلامة قائدا عاما، ونعرب عن أملنا في اندماج كافة الفصائل الثورية على أرض الشام ليكون سببا في الخلاص من الظلم الذي يحلق بنا من قبل النظام الطائفي”.
كما أكد المجتمعون على وحدة سوريا أرضا وشعبا، وتعهدوا أمام الله وأهل سوريا، بأنهم سيبذلون الأرواح والأموال رخيصة للدفاع عن الشعب، وتحرير البلد من النظام والمليشيات المجرمة المساندة له.
ولكي تستطيع الجبهة الشامية أن تقف في وجه قوات النظام كان عليها أن تضم اغلب الفصائل والكتائب المقاتلة في حلب لرد محاولات قوات النظام التي بدأت بدورها بحشد عناصرها المواليين لها من إيران ومن حزب الله بمحاولة منها للسيطرة على نقاط إستراتيجية هدفها حصار حلب.
تشكيلات الجبهة الشامية:
1- جيش المجاهدين
من أبرز مكونات الجبهة، وهو أكبر الفصائل المنطوية فيها، تأسس في الثالث من يناير من العام الماضي، بعد اندماج عدة فصائل في الريف الغربي تحت مسمى الجيش، وذلك لمحاربة تنظيم “الدولة الإسلامية” في مدينة حلب وريفها، ويعد الريف الغربي هو المعقل الرئيسي للجيش، ويرأسه المقدم المنشق عن قوات النظام أبو بكر، ضم جيش المجاهدين حركة نور الدين زنكي، وتجمع ألوية فأستقم كما أمرت، ثم ما لبثا أن انفصلا عن الجيش لأسباب مجهولة، أرجعها البعض لمشاكل في الدعم الذي تم حرمان الحركة والتجمع منه.
وقد شارك الجيش في تحرير مدينة حلب وريفها الغربي من تنظيم الدولة، ولا يزال مقاتلو الجيش يرابطون على جبهات قتال التنظيم في ريف حلب الشمالي والشمالي الشرقي، ويشار الى أن الجيش يمتلك أكبر ترسانة عسكرية من الأسلحة الثقيلة في مكونات الجبهة، وعدد كبير من الأسلحة المتوسطة والآليات التي اغتنمها من معاركه مع قوات النظام في حلب وريفها.
لواء التوحيد
أقدم الفصائل في مدينة حلب وريفها، تأسس في 18 يوليو من عام 2012 وتعد مدينة مارع بريف حلب الشمالي المعقل الرئيسي للواء، يتكون من 29 فوج من مدينة حلب وريفها، انضم سابقا الى الجبهة الإسلامية، ويمتلك عدد كبير من المقاتلين يقدر عددهم بالـــ7000 مقاتل، موزعين على جميع جبهات القتال في مدينة حلب وريفها، وكان لواء التوحيد أول فصيل مقاتل يدخل أحياء المدينة، و شارك في تحرير أجزاء كبيرة منها، ضم نخبة من القيادات التي استشهدت وأصبحت أيقونة للثورة كالشهيد عبد القادر الصالح والشهيد يوسف الجادر أبو فرات، وقدم اللواء منذ تأسيسه حتى الأن أكثر من 2000 شهيد موثقين لدى ذاتية اللواء، استشهدوا في معارك ضد قوات النظام وتنظيم الدولة بحلب وريفها حيث شارك اللواء بقتال التنظيم.
وتعرض اللواء لانشقاق كبير في صفوفه، تمثل بخروج الفوج الأول من صفوف اللواء ليعمل بشكل مستقل، ويعتبر من أقوى وأكبر الأفواج في اللواء، سبب انشقاقه مشاكل بين الفوج واللواء منها حادثة إطلاق النار من قبل مقاتلي اللواء على احد قيادي الفوج في مدينة حلب، الأمر الذي اعتبرته لجنة شرعية عمل مخالف من اللواء يتوجب المحاسبة، ويحسب للواء فضل تحرير مناطق كبيرة في حلب القديمة، إذ انه يمتلك جيشا من المقاتلين المختصين بحفر الأنفاق تحت الأرض، تمكن بفضلهم من امتلاك شبكة أنفاق كبيرة في مناطق حلب القديمة، ما جعل قوات النظام في قلق دائم من انفجار الأرض تحتها، وقد قام اللواء بعدة عمليات تفجير مباني تتحصن بها قوات النظام أدت الى مقتل العشرات منهم.
حركة نور الدين زنكي
وتعتبر من أكثر مكونات الجبهة تنظيما، وتتألف الحركة من 33 كتيبة مقاتلة موزعة في مدينة حلب وريفها، وتعد بلدة قبتان الجبل المعقل الرئيسي للحركة و يقودها الشيخ توفيق شهاب، وتتألف قيادة الحركة من 10 مكاتب هي :
1- المكتب العسكري: تتبع له ” 33 ” كتيبة منتشرة في مدينة حلب وريفها , بالإضافة إلى 5 سرايا ” م د – م ط – مدفعية – دبابات – هندسة عسكرية “
وتتبع هذه الكتائب لغرفة عمليات مشتركة يرأسها ضابط تقوم بإدارة العمل العسكري وتنظيم الجبهات التي تعمل عليها الكتائب.
2- المكتب الأمني والشرطة: يضم كتيبتين، الأولى بمدينة حلب والأخرى بالريف الحلبي. بالإضافة إلى 10 مخافر شرطة، و15 حاجزاً. وتتبع هذه الكتائب الأمنية (الحواجز -المخافر -النقاط الأمنية) إلى إدارة موحدة، تقوم بمهمة ضبط الأمن والاستقرار في المناطق التابعة لنفوذ الكتائب، وحماية المنشآت والممتلكات العامة والخاصة، وقد قامت الكتائب بعدة حملات أمنية ضد المفسدين واللصوص وقطاع الطرق.
3- مكتب التسليح: يتولى ضبط أمور السلاح وتسجيلها في قيود، وتوزيع الذخيرة في الجبهات.
4- مكتب الإدارة والتنظيم: يقوم بضبط الأعداد وتقييد ذاتية عناصر الكتائب وترشيدها وتوزيعها حسب الاختصاصات.
5- مكتب الإشارة والاتصالات: يقوم بعملية تأمين الاتصالات والإشارات العسكرية وتنظيمها.
6- مكتب الشؤون الإدارية: يتألف من مطبخ ورحبة تصليح ومحطة محروقات، مهمته تأمين الطعام والمحروقات والآليات اللازمة للكتائب.
7- المكتب المالي: يقوم بالإشراف وتوثيق الأمور المالية وضبطها وتوزيع الرواتب وإدارة النفقات.
8- مكتب الإغاثة العسكرية: يقوم بتأمين الإغاثة للعناصر وتوزيعها على أسر العناصر بشكل منتظم، والعناية بأمور المعاقين وأسر الشهداء.
9- المعسكرات: يقوم بتدريب العناصر وتأهيلهم أخلاقياً وعسكرياً.
10- المكتب السياسي والعلاقات العامة: يتولى رسم السياسة العامة للكتائب وإقامة العلاقات العامة في الداخل والخارج .
تقدم الحركة الكثير من الخدمات للمواطنين في مناطق سيطرتها بريف حلب الغربي، والذي أطلقت عليه اسم ريف نور الدين الزنكي، وأنشأت مجلسا للإدارة المحلية في ذلك الريف، يعنى بتقديم الخدمات الطبية والإغاثية والأمنية إضافة لجهاز الشرطة والمحكمة المدنية التي تفصل بين المدنيين.
تجمع ألوية فاستقم كما أمرت
ويعد التجمع ممثل مدينة حلب في الجبهة الشامية، نظرا لوجود عدد كبير من مقاتليه من أبناء حلب المدينة، ويقود التجمع عمر سلخو، قائد لواء حلب المدينة، ويتألف التجمع من اندماج عدد من الألوية المقاتلة من أبناء مدينة حلب، والتي تشكلت مع بداية الحراك العسكري، شارك التجمع بتحرير معظم الأحياء الجنوبية والجنوبية الغربية من المدينة، كان أخرها معارك تحرير أحياء العامرية والشيخ سعيد والراموسة جنوب وغرب حلب، كما يشارك التجمع في عمليات صد قوات النظام في الريف الشمالي، ولا ينسى مشاركته سابقا في تحرير بلدة خناصر الإستراتيجية، والتي كان سقوطها نقطة تحول في تاريخ الحراك المسلح في مدينة حلب وريفها، وتعتبر الأحياء الغربية والجنوبية الغربية من حلب هي معقل ومركز التجمع، نظرا لأن معظم قياداته ومقاتليه من أبناء تلك الأحياء.
جبهة الأصالة والتنمية:
فتعد من أصغر الفئات المشاركة في الجبهة الشامية في مدينة حلب، ويقتصر وجود مقاتليها على عدة كتائب متوزعة بريف حلب الغربي وفي الأحياء الغربية من مدينة حلب، ومن أبرز مكوناتها كتائب ابن تيمية، والتي تشارك في معارك حندرات والريف الشمالي، وتمتلك عدد من صواريخ الايغلا والكوبرا المضادة لطيران، والتي تستخدمها في حماية مناطق سيطرتها في ريف حلب الغربي.
لم يشارك كل من حركة أحرار الشام و كتائب صقور الشام المنطويتان تحت الجبهة الإسلامية في الجبهة الشامية كما أعلن في بيان تأسيسها، ،ولم يستطع الطرفان التوصل الى تفاهم واتفاق في هذا الشأن وبقي لواء التوحيد هو الفصيل الوحيد المنطوي في الجبهة الشامية،
ويرى ناشطون أن تشكيل الجبهة الشامية جاء نتيجة فشل الجبهة الإسلامية، خصوصا في مدينة حلب وريفها، وقد طفت على السطح الخلافات بين الطرفين، ففي معركة تحرير حندرات الأخيرة أعلنت الشامية عن تحريرها، ليخرج أبو صالح طحان القائد العسكري لحركة أحرار الشام الإسلامية وينفي خبر التحرير ويوجّه رسالة قوية إلى من يقف وراء إصدار بيانات وأخبار عن تحرير قرية حندرات دون أن يشارك في معاركها وجاء في تغريدة لـ “أبي صالح” على حسابه الرسمي في تويتر: ” أشلاء تتطاير ومهج تُبذل، والحمم تنهمر من كل حدب وصوب، وأناس صادقون يعملون بصمت وإخلاص، وآخرون انتهازيون يترصدون لأنفسهم المنفعة”، وأردف قائلًا: “كيف تطيب لهم نفس بإصدار بيانات بتحرير قرىً ومناطق رغم عدم وجودهم داخلها؟بينما تقدم الفصائل المجاهدة في حندرات عديد الشهداء كل يوم”.
وجاءت رسالة الطحان ردا على الأشخاص الذين ظهروا في شريط مسجل يحمل شعار غرفة عمليات حلب المشكلة من الجبهة الشامية، وأعلنوا فيه تحرير قرية حندرات، في حين أن عددًا من أجزائها ما زال تحت سيطرة قوات النظام مع استمرار المعارك بين جيش المهاجرين والأنصار وحركة أحرار الشام الإسلامية وجبهة النصرة وبين قوات النظام من جهة أخرى.
ويتساءل ناشطون عن إمكانية استمرار الجبهة الشامية في توحدها، وعدم تأثرها بالانشقاقات أو المشاكل مع الجهات والفصائل الأخرى، في ظل الهجمة الشرسة من قبل قوات النظام على الريف الشمالي، أم أن الجبهة كغيرها، توحد شكلي من أجل استقدام الدعم، و تنتهي مع انتهاءه ، هذه الأسئلة برزت بشكل حاد بعد الأحداث الأخيرة في مدينة الاتارب وقيام جبهة النصرة بالإطاحة بحركة حزم، التي انضمت قبل ذلك بفترة قصيرة للجبهة الشامية، وتقاعس القيادة الشامية وعلى رأسها عبد العزيز سلامة عن حماية الحركة، ما رآه ناشطون تفاهم ومؤامرة بين النصرة والشامية، على إنهاء حركة حزم، التي تتلقى الدعم الأمريكي بشكل مباشر، أمام الشامية التي تتلقى دعما قطريا وتركيا.
ويذكر أن عبد العزيز سلامة أكثر الأشخاص شغلا للمناصب القيادية العسكرية والمدنية في مدينة حلب وريفها، حيث ترأس قيادات ألوية ومجالس عدة منها، المجلس الانتقالي لمدينة حلب وريفها، المجلس الثوري لحلب وريفها، لواء التوحيد، لواء أحرار عندان، لواء أحرار سورية، الجبهة الإسلامية بحلب، وأخرها الجبهة الشامية بحلب، الأمر الذي لاقى استهجان كبير في قيادات الصف الثاني من الشباب، محملين سلامة مسؤولية التراجع الكبير في معارك حلب، ووصول قوات النظام الى ما وصلت إليه، بسبب عدم خبرته في القيادة.
ودعا بعض القادة الى تنحي سلامة، باعتباره بذل كل ما لديه ولم يعد يملك ما يقدمه وخاصة تقدمه بالعمر وعدم قدرته على القيادة ودعوه لإفساح المجال للشباب وضخ دماء جديدة في عروق الثورة وقيادتها، وما حصل في معارك حندرات وتراجع الجيش الحر والفصائل الإسلامية الى خارج قرية حندرات بعد عشرة أيام من السيطرة عليها اكبر دليل على صحة رأيهم.
محمد علاء