زيتون – محمد أبو الفوز
«لم تبقى منظمة في انطاكيا إلا وذهبت إليها لأشرح وضعي، دون فائدة، وكل فترة تقوم جهات إعلامية مختلفة بإجراء مقابلات معي لأخذ سبق صحفي، مع وعود بالاهتمام بوضعي وكل ذلك دون جدوى».
هكذا بدأ أبو خالد من ريف إدلب، والذي يقيم في مدينة انطاكيا، حديثه لـ «زيتون»، وعن تفاصيل ماجرى معه يقول:منذ عام أصيب أولادي الأربعة أثناء قصف قوات الأسد، وأدى ذلك لبتر أرجلهم كلهم، كما أصيبت زوجتي في بطنها، وبعد أن تعافت تركت المنزل لأبقى وحيداً مع أطفالي الأربعة الذين أصبحوا معاقين، تهدم منزلي بالكامل جراء القصف، نصحني الناس بالذهاب إلى تركيا لعلي أستطيع تأمين أطراف اصطناعية لأطفالي الأربعة أو مبالغ إغاثية كي أستطيع العيش، فأنا لاأستطيع الذهاب للعمل وتركهم وحدهم في المنزل، منذ سنة وأنا في انطاكيا ولم تتبق جمعية أوجهة إغاثية إلا وراجعتها وأطلعتها على وضعي دون فائدة.
إعاقات بسبب قلة الدعم الطبي:
أبو خالد، والد أحد المعاقين بسبب الحرب في سوريا، وهناك آلاف من الحالات التي تشبهه والتي تعاني بسبب إعاقتها، و تقدر تقارير إحصائية ثورية عدد الجرحى والمصابين نتيجة الحرب بأكثر من 265 ألف شخص، فيما تقدر تقارير أخرى بأكثر من مليون مصاب حتى نهاية 2015.
ذات الإحصائيات تحدثت عن جرح مواطن سوري كل 10 دقائق ، لكن على الجانب الآخر تبقى عوائق عمليات الإسعاف وتوفر المشافي والأدوية هو الأساس في قضية الجرحى.
الناشط في المجال الطبي أبو واصل، والعامل في مشفى إحسم بجبل الزاويةيقول: يموت الكثير من الجرحى جراء القصف بسبب عدم توفر الوسائل الطبية الكافية للمعالجة، وخصوصاً مع وجود أساليب وأدوات جديدة للقصف، وفي كثير من الحالات نضطر إلى بتر الأطراف بشكل كامل بسبب عدم توافر الإسعافات اللازمة، و من المؤلم أن نتسبب بإعاقة دائمة لإنسان بسبب ضعف الإمكانات الطبية اللازمة.
وأضاف:فـي المناطق الخارجـة عـن سـيطرة نظـام الأسـد، اشـتكى ذوو المعاقيـن مـن عـدم الاهتمـام بأبنائهـم، فتعالت أصـوات تطالـب هيئات الحـراك، حيث هنـاك نقـص كبيـر بالإجمال فـي المجال الطبي، و الخدمـات الطبيـة المتعلقـة برعايـة ذوي الاحتياجـات الخاصة معدومة.
كما أن هناك غياب كامل لمسـتلزمات ذوي الاحتياجـات الخاصـة، وعدم وجـود التأهيـل للمدارس الحاليـة لكـي تتعامـل مع المعاقين إذ يحتاجون لمناهـج ووسـائل تعليميـة خاصـة بهـم، وعلـى الغالـب لا تتوافـق مـع المناهـج العاديـة، ونحن نطالب باستمرار بتأمين الرعاية اللازمة لهؤلاء كي يستطيعوا العودة لممارسة حياتهم بحدود قريبة من الحياة الطبيعية.
وعن أنواع الإعاقات الناجمة عن القصف يقول: الإعاقات تنقسم إلـى بتر الأطراف بأنواعها، والتشوهات الخطرة، وشلل الوظائف الحيوية، والإصابات الدماغية، ومع مواصلة قوات الأسد لقصفها اليومي والعشوائي على أغلب مدن سوريا وقراهـا، يسـتمر فقدان كثيـر مـن السـوريين لأطرافهـم.
تكاليف كبيرة وصعوبات نفسية:
ويعتبر تركيب الأطراف الاصطناعية لذوي الإعاقات الحركية حلماُ صعب المنال، فــإن كلفة ذلك كبيـرة وتتـراوح بين 500 و1200 دولار، مــا يجعـل الحصـول على طرف اصطناعـي أمـراً يترافق مـع دعم من إحدى المنظمات أو الجهـات المانحـة، حسبما أفاد الناشط الإغاثي عروة الحمصي، وحتى من يكون له حظ بالحصول على طرف اصطناعي، فإن معاناته لا تقف عند هذا الحد فهناك الكثير من المعوقات الجسدية والنفسية التي يعاني منها هؤلاء.
الشاب محمد، وهو عسكري منشق انضم للجيش الحر، واحداً من ضحايا هذه الحرب حيث تعرض لإصابة بقدمه اليسرى مما أدى إلى بترها خلال اشتراكه في معارك في ناحية الزربة التابعة لمحافظة حلب.
لم يكن الوضع الجديد الذي يعيشه محمد سهلاً، حيث يعيش حياة صعبة بعد الإصابة لكنه على الرغم من ذلك تأقلم مع الحالة الجديدة.
ويقول محمد، إنه كان في حالة أسوأ ولولا وقوف عائلته والأقارب والأصدقاء إلى جانبه لما تجاوز ما كان يعيشه، مشيرا إلى أن وضعه النفسي أثر على عائلته.
وتحدث محمد عن معاناته التي لم تنته حتى بعد تركيب رجل اصطناعية له، لافتا إلى أن هذه الرجل الاصطناعية التي حصل عليها بعد محاولات ومراجعات للأطباء والمراكز الطبية الموجودة بالقرب من الحدود التركية ولكن النوعية لم تكن جيدة.
ويضيف: إنه لم يتمكن من المشي أو الوقوف بالرجل الاصطناعية، وإنه بالكاد يستطيع التحرك بها، على الرغم من تأكيد الأطباء أنها من أفضل الأنواع.
ورغم أن محمد راجع منظمة أخرى مختصة بالأطراف الاصطناعية لعله يستطيع استبدالها برجل أخرى أفضل، غير أن رد الطبيب أكد له أنه لا يمكن مساعدته، وهو ما أصابه بحالة من اليأس والإحباط.
وتساءل: إذا كان العالم غير قادر على وقف المجازر التي يرتكبها النظام، وغير قادر على تقديم المساعدة الطبية لنا، أفلا توجد في العالم كله منظمة قادرة على أن تتحمل مسؤولياتها وتقدم أطرافا اصطناعية بجودة عالية، ومساعدات طبية ومالية؟
من جانبه قال محمد عبدو قاسم، الذي بتُرت قدمه بعد إصابته بقذيفة دبابة بريف حلب، إنه تلقى مساعدة مالية بحوالي 600 دولار أميركي
وشكا قاسم، الذي قضى شقيقه في الحربمما اعتبره أنه تقصير من بعض الجهات المختصة بهذا الشأن في التعامل مع المعاقين، مطالبا المنظمات الدولية بأن تضع حلا لهذه الإشكالية