تحرير زيتون
على الرغم من عدم وجود موطئ قدم للمعارضة بكل أشكالها فيها، لم يشفع ذلك للسويداء، المحافظة التي يسيطر عليها نظام الحكم الواحد، والتي باتت تضم حالياً آلاف النازحين السوريين، من عدم التأثر بالأزمة الدائرة في البلاد سلباً، بعد أن باتت تنتشر فيها مظاهرة متعددة من أوجه الفساد، ليس أولها الرشاوى والمحسوبيات، وليس آخرها انتشار ظاهرة السطو والسرقات والتشليح، التي باتت العنوان الأبرز للصفحات الإخبارية المهتمة بشأن جبل العرب كما يسمى بين سكانه.
مصادر ميدانية وناشطون من المحافظة أفادوا لـ «زيتون» بانتشار ظواهر متعددة من الانفلات الأمني، يأتي على رأسها انتشار وجود مجموعات مسلحة غير معروفة التابعية، حيث تقوم بعمليات نهب وسطو في ريف السويداء وبعض أطراف المدينة، حيث تسيطر القوات التابعة للنظام والميليشيات المسلحة الموالية لها، فراحت تلك الحوادث تثير رعباً غير مسبوق رغم تحصينات الأسد وميليشياته الضخمة للمدينة وريفها ومحاصرتها من كافة المحاور.
الناشط مهند أبو حجر من السويداء، يقول، إن «غياب الأمن والأمان بات هاجس السكان من أهالي السويداء، فضلاً عن النازحين إليها من محافظات مجاورة، لا سيما الجنوبية لسوريا، حيث أصبح المواطن عرضة للسرقة أو النشل أو الخطف بكل بساطة وهو في عرض الطريق».
ويضيف أبو حجر: ينتشر الاعتقاد الغالب عند الكثيرين بأن السويداء تعيش حالة فريدة من الأمن والأمان والراحة والطمأنينة مقارنة بالمحافظات السورية الأخرى، لا سيما منها الساخنة التي تقع على فوهة بركان الأزمة، بفعل الضربات الهمجية لها من النظام وروسيا. ربما هذا الأمر صحيح من منظور عدم تعرض المحافظة لما يوازي التدمير الذي أصاب غيرها من الوجهة المادية، أو حتى ضحايا الحرب، لكن السويداء بنفس الوقت لا زالت تعيش على وقع الأزمة وتتأثر بالمحيط.
ويتابع: بالفعل أثر وجود النظام وما استنسخه من ميليشيات مسلحة في المدينة والريف على كل جبل العرب ببيئته وسكانه، عشرات الحواجز المنتشرة على الطرق الواصلة لداخل المدينة وبين الأرياف وعلى المداخل والمخارج يحكمها لصوص جيش النظام وفلول متحالفين معه من رجالات الميليشيات المدنية المسلحة من أهالي السويداء أنفسهم، حيث ضاق السكان ذرعاً بهم، ولم يعد من وسيلة ممكنة في مواجهة الفساد الذي يدور على أيديهم، بينما في المقابل يعيش الأهالي حالة من الغلاء المستفحل في الأسواق على مرأى حكومة الأسد.. وقس على ذلك الكثير.
وترى الناشطة ميس بلان أن كافة حالات الفساد السرقة والنشل والخطف والابتزاز السائدة حالياً في السويداء مدينة وريف تتحمل مسؤوليتها اللجان الشعبية وميليشيات الدفاع الوطني ومعها فرع الامن العسكري في المحافظة الذي يرأسه العميد وفيق ناصر.
وتردف قائلة: السويداء محافظة خسرت الكثير برأيي لأنها قبلت بوجود عسكري من جند الأسد وميليشياته فيها منذ بدايات الثورة، وهذا الأمر كان دروز الجيل ولا زالوا يدفعون ضريبته باستمرار، وأنا أخشى ألا يطول دفع هذه الضريبة الباهظة، في كل حالة إجرام تحصل ما على المواطن إلا أن يبلغ سلطات الأسد وميليشياتها وعندها يرى العجب العجاب، إنهم لا يحركون ساكناً ولا يعلم الناس البسطاء لماذا؟ والسبب بسيط لأن كال عصابات السويداء تدار عن طريقهم، وإلا كيف للص أو قاطع طريق أو خاطف أن يمارس عمله بوجودهم وسيطرتهم، وأحياناً أن يتخذ مقرات قرب مقراتهم!.
وأفاد ناشطون مؤخراً بقطع الطريق بين قريتي قراصة ونجران وفرض أتاوى على السيارات العابرة، وخاصة السيارات القادمة من خارج محافظة السويداء، من قبل مسلحين معروفين، مضيفين أن تلك المجموعة يترأسها المدعو رامي سامر أبو فخر من قرية قراصة، وهي متهمة بأعمال سطو وسرقة، فضلاً عن عشرات الحالات الأخرى التي تسجل شهرياً، في محافظة لا زالت بالكامل تقع تحت سيطرة نظام الأسد.
كما أكد خ. م، وهو مواطن من السويداء فضّل عدم ذكر اسمه لدواع أمنية، أنه اضطر لدفع مبلغ 250 ألف ليرة سورية لأحد ضباط النظام في السويداء فقط ليتمكن من الحصول على جواز سفر لشقيقه، وأردف: هذا هو الحال وأمر جوازات السفر ومعاملات الأحوال المدنية والفساد الدائر.. هذا كله شيء بسيط.. إنه غيض ممن فيض، هناك أمور أدهى وأكبر.. أنا أعلم من أحد معارفي ضمنهم أن الأمن العسكري للنظام يعطي تعليمات مباشرة للميليشيات التابعة له ف السويداء لاعتقال أي امرأة تأتي من درعا بغرض وضعها في السجن ومبادلتها مع أسرى للنظام.. هذا تصرف جيش دولة!؟ إنه تصرف ميليشيات على أقل تقدير!.
وعلى وقع الانفلات الأمني الدائر وغياب عامل الاستقرار، فضلاً عن استمرار تحييد المحافظة الجنوبية عن الحراك الثوري، لا يزال ناشطو السويداء يؤمنون بحراك قادم عاجلاً أم أجلاً، ليلحقوا به بركب الثورة، إن لم يكن بدفع السويداء ضريبة لا تقل عن سواها من المحافظات الثائرة، فعلى أقل تقدير عبر «طرد النظام وميليشياته منها لأنه السبب بدمار البلد وتحولها إلى غابة، القوي فيها يأكل الضعيف» كما تقول الناشطة ميس بلان من السويداء نفسها.